عرب وعالم / السعودية / عكاظ

علي العلياني.. نموذجٌ نحتاجه وحضورٌ نفتقده

في زمنٍ تدور فيه البرامج الحوارية في فلك الرتابة، وتخشَى ملامسة الحواف الحادّة للقضايا، خرج الزميل علي العلياني من عباءة التقليد، لا ليكسر القالب فحسب، بل ليصنع قالباً جديداً، يحترق فيه السكون لصالح الإثارة المدروسة، والجرأة المحسوبة.

أعرف علي العلياني، منذ عقدين، وتربطني به زمالة مهنة وصداقة حياة ومحبة خالصة، وعلى ذلك، فإن شهادتي له أو عليه لا يمكن أن تكون مجروحة قطعاً، لأنها ليست من قبيل الانحياز العاطفي، بل شواهد على ما أنجزه على مدار سنوات حفر فيها صخر الصحافة وارتحل في ركبانها.

العلياني، القادم من خلفية صحافية، لم يُغوِه بريق الكاميرا بقدر ما جذبه فضاء التأثير عبرها. فدخل من بوابة الوعي، لا الشهرة، مُحمّلاً بأدوات الصحافي الميداني؛ عيناً تلتقط الزوايا المعتمة، ولساناً لا يخشى الملامسة، وذهناً لا يهاب الأسئلة الثقيلة.

في مثل «يا هلا»، و«معالي المواطن» لم يكتفِ العلياني بدور المذيع، بل مارس دور المحرر السياسي، والمحقق الاجتماعي، والمثقف الناقد. لم يكن وسيطاً بين الضيف والجمهور، بل جزءاً من الحوار ذاته؛ يطرح، يلحّ، يراجع، ويفتح النوافذ المغلقة. كان يُزاوج بين اللهجة الحارة والانضباط المهني، وبين الاحتفاء بالضيف ومساءلته، وهو توازن صعب لم يُتقنه كثيرون.

اعتدنا عليه لسنوات صوتاً يومياً، وافتقدنا هذا الحضور الذي نحتاجه.

لكن علي العلياني، في تمرّده الواعي، لا يخلو من مفارقة: هو نفسه بات رمزاً لتيار تقليدي جديد، بمعنى أن أسلوبه «الجريء» أصبح النموذج الذي يُحتذى. ما يطرح السؤال: هل يمكن للتمرّد أن يظل تمرّداً حين يتحوّل إلى مدرسة؟

يبقى، أن ما فعله العلياني، في المشهد الإعلامي ، ليس عابراً، بل يؤسس لوعي جديد بالحوار، حيث لا تغني الابتسامة عن السؤال الحاد، ولا يُغني اللطف عن الحقيقة، فالرجل جاء من الصحافة، واستوطن الشاشة، وبنى له مكاناً وسط صخب الميديا لا بالضجيج، بل بالاحتراف.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا