28 يونيو 2025, 7:47 صباحاً
لطالما كانت الجبال الشاهقة شاهدة على أزمنة وحضارات وأمم مضت، وعلى جدرانها خُطّت الرسائل ورُسمت النقوش ووُثّقت الوقائع لتبقى ما بقي الإنسان. ومن على سفوحها عمّر الإنسان أرضه، ومنها استلهم قوته التي لا تضعف.
معلم جغرافي
في المملكة العربية السعودية، تتربّع سلسلة جبال "طويق" الشاهقة، التي اقترنت بهمّة الإنسان السعودي. تمتد هذه السلسلة في وسط نجد لأكثر من 800 كيلومتر، ويُشار إليها كأحد أبرز المعالم الجغرافية في الجزيرة العربية، إذ تبدأ من رمال نفود الثويرات شمال محافظة الزلفي وتمتد جنوبًا حتى تطمر أطرافها في الربع الخالي، بمسافة تقدّر بنحو ألف كيلومتر. تحيط بها خضراء اليمامة من نخيل وزروع ومدن وقرى، وتسيل منها عشرات الأودية الكبيرة.
ويمتد الجبل على هيئة قوس أو "طوق"، لأنه يطوّق منطقة واسعة، ويمكن رؤيته من الفضاء الخارجي، ويتميز بقِمَمه الحادّة التي ترمز إلى القوة والشموخ والثبات.
جيولوجيا السلسلة
تنحدر السفوح الشرقية لسلسلة جبال طويق تدريجيًا، بخلاف الجانب الغربي الذي ينقطع فجأة. ويصب على جانبه الشرقي عدد من الأودية الشهيرة، أبرزها وادي حنيفة، الذي تقع على ضفافه مدينة الرياض. كما تفلجه من الغرب إلى الشرق أودية بارزة مثل: العتش، ولحاء، والأوسط، ونساح، وبرك، والسليل، والفاو (آخرها جنوبًا).
وقد وثّق معالم هذه الأودية وروافدها كبار الجغرافيين العرب مثل: الهجري، والهمداني، والبكري، والأصفهاني، والحموي، والبليهد، والجاسر، وابن خميس. وقد تركزت معظم حواضر جنوب ووسط نجد حول "جبل طويق" وعلى أوديته منذ العصر الجاهلي.
اسم قديم
عرف تاريخيًا باسم "جبل العارض" أو "عارض اليمامة"، وظل هذا الاسم شائعًا حتى العصور الحديثة. ومنه اشتُق اسم "بلاد العارض"، التي تشمل الرياض ومحافظاتها المحيطة، مثل: ضرما، والمزاحمية، والدرعية، والعيينة، والجبيلة، وسدوس، وغيرها.
كما يشكّل طويق حاجزًا طبيعيًا يفصل بين قرى سدير من الشرق وقرى الوشم من الغرب. ويقع وادي البطين في الجهة الغربية من السلسلة الشامخة.
وصف شعري
ومن أجمل الأوصاف التي وردت في الأدب العربي لهذا الجبل ما قاله الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:
"فأعرضت اليمامة واشمخرت... كأسياف بأيدي مصلتينا"
وتابعه في العصر الحديث الشيخ عبدالله بن خميس، شاعر ومؤرخ اليمامة، بقوله:
"يا جاثمًا بالكبرياء تسربلا، هلاّ ابتغيت مدى الزمان تحوّلًا،
شاب الغراب وأنت جلد يافعًا، ما زعزعت منك الحوادث كاهلًا"
وسُمّي "العارض" لاعتراضه، كما جاء في قول شاعر:
"وأكاد من شغفي بما أنشدته أطوي إليك تهامة والعارضا"
وقال آخرون عنه "طويق"، كما في البيت:
"ولو أن قلب طويق باح بسره، لم يَعْدُ ما هو شَفَّ عنه مجلجلًا"
مقولة خالدة
من قمم طويق الشامخة وامتداداته، استشفّ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، مقولته الملهمة:
"همة السعوديين مثل جبل طويق"،
وهي عبارة تختصر الكثير، إذ تعبّر عن العزم الذي لا يلين، وتحثّ الشباب على المثابرة واستلهام القوة من الجذور الجغرافية والتاريخية.
مشروع القدية
من أهم المشاريع الوطنية ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، يأتي مشروع "مدينة القدية"، الذي أطلقته شركة القدية للاستثمار، ويجمع بين الترفيه والرياضة والثقافة.
يتوسط المشروع سلسلة جبال طويق، ويبعد عن الرياض نحو 45 كيلومترًا. وقد وضع حجر الأساس للمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 28 أبريل 2018.
وأكد ولي العهد أن الاستثمار النوعي في "القدية" أحد ركائز رؤية 2030، ويستهدف جعل المدينة واحدة من أبرز مدن العالم في الترفيه والرياضة والثقافة، والمساهمة بـ 135 مليار ريال سنويًا في الناتج المحلي، وخلق 325,000 وظيفة جديدة في أكثر من 200 مجال.
تاريخ الطريق
يقول المؤرخ الدكتور راشد بن محمد العساكر إن اسم "القدية" مشتق من "القد"، وهو الشق في الجبل، حيث يمر طريق القدية عبر طويق من الغرب إلى الشرق، وقد عُرف هذا الطريق منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.
ينطلق الطريق من مدينة حجر اليمامة القديمة، ويخترق الجبل غربًا، وتنتشر حوله نقوش وآثار تمتد لآلاف السنين. وقد خضع لترميمات عدة، آخرها في عهد الإمام فيصل بن تركي، ثم في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - عام 1352هـ.
أرقام ومشاريع
تبلغ مساحة مشروع "القدية" أكثر من 360 كيلومترًا مربعًا، ويتضمن مشروعات رائدة مثل "ذا بليد"، أول منعطف معلق من نوعه في العالم، ولعبة "رحلة الصقر" في "Six Flags"، وهي الأعلى والأسرع والأطول عالميًا، إضافة إلى "أكواريبيا"، أكبر حديقة مائية في المنطقة.
ذاكرة وطن
أصبح اسم "طويق" رمزًا حيًا في الذاكرة الوطنية. فهو ليس مجرد تضاريس صخرية، بل سجل زاخر يختزن معارك التوحيد، وهمسات القوافل، وأنفاس الروّاد.
وقد سُمّي به قصر طويق التابع للهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض، وهو من أبرز مقرات الندوات والمناسبات الرسمية. كما يحمل الاسم حيًّا بارزًا غرب الرياض، ونادي الزلفي الرياضي، ومجلة "صدى طويق"، إلى جانب العديد من الشوارع في مدن مثل الرياض، الظهران، المجمعة، وعين ابن فهيد في محافظة الأسياح.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.