عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الرهان على إسرائيل.. خطأ تاريخي يهدّد

تعود مشاهد التهجير المؤلم لتطل من جديد على محافظة السويداء، حاملة معها ذكريات موجعة من سنوات الحرب، في وقت ما زال فيه السوريون يتطلعون إلى التعافي وإعادة بناء وطنهم. إلا أن ما يلفت النظر اليوم هو استغلال إسرائيل لهذا الوضع، عبر تدخلاتها السافرة تحت ذرائع زائفة بحماية بعض المكوّنات، في محاولة واضحة لتفتيت المجتمع السوري وتغذية الانقسامات بما يخدم مصالحها ومشاريعها التوسعية. التدخل الإسرائيلي في السويداء لا ينفصل عن سياستها الثابتة منذ سقوط نظام الأسد في استهداف وحدة واستقرارها، فقد اعتادت إسرائيل استغلال الأزمات الداخلية السورية لتفرض وقائع جديدة على الأرض، مستفيدة من هشاشة الوضع الإقليمي والدولي، ومستخدمة خطاباً يدّعي الحرص على الأقليات بينما هدفه الحقيقي هو ضرب النسيج الوطني السوري. في الوقت الذي تحتاج فيه سوريا إلى استعادة عافيتها والالتفات إلى مشاريع إعادة الإعمار وتعزيز المصالحة الوطنية، تستغل إسرائيل أي فرصة لإرباك المشهد الداخلي وتسعى إلى خلق بيئات متوترة في الجنوب السوري تحديداً لكون هذه المنطقة ذات أهمية جغرافية واستراتيجية كبيرة بالنسبة لها. كما أن هذه السياسة الإسرائيلية تأتي في لحظة تشهد فيها المنطقة تحوّلات مهمة، حيث إن المحيط العربي أعاد فتح قنوات الاتصال مع دمشق، إدراكاً منه بأن استقرار سوريا هو مصلحة جماعية، وهو ما يقض مضاجع إسرائيل التي تدرك أن عودة سوريا إلى محيطها العربي تعني تقليص نفوذها وإضعاف مشاريعها؛ لذلك تحاول تل أبيب عبر أدوات مختلفة استثمار أي توتر في الداخل السوري لإظهار نفسها كطرف حريص على حماية مجموعات معينة من الشعب السوري، بينما هي في الحقيقة من أكبر المستفيدين من استمرار الفوضى والانقسامات داخل البلاد. ومن هنا تبدو الحاجة ملحة إلى تحصين الجبهة الداخلية السورية وتعزيز التلاحم الوطني بين جميع المكوّنات، بمن فيهم أبناء السويداء من الدروز والبدو وسائر الفئات السورية، والالتفاف حول هدف مشترك يتمثل في منع أي تدخل خارجي، وفي مقدمته التدخل الإسرائيلي الذي لا يريد لسوريا إلا مزيداً من الضعف والتجزئة. إن مراهنة أي مجموعة أو تنظيم على إسرائيل هو الخطأ بعينه وسوف يضر بالطائفة ويجعلها فريسة للتجاذبات الدولية، ولم ينجح هذا الرهان على امتداد العقود السبعة الماضية من عمر الدولة العبرية، وهو ما تؤكده التجارب التي أثبتت أن إسرائيل لا تبحث إلا عن مصالحها، ولا يمكن الوثوق بها كضامن أو حامٍ لأي طرف. لقد أدّت أحداث السويداء الأخيرة إلى تخندق طائفي خطير على سوريا ومستقبلها بما ينذر بتداعيات عميقة على وحدة البلاد ونسيجها الاجتماعي، وهو ما يستدعي وقفة جادة من جميع السوريين لوقف هذا الانزلاق الخطير. إن الرهان اليوم ينبغي أن يكون على قدرة السوريين على تجاوز خلافاتهم بروح وطنية جامعة، تضع في مقدمة أولوياتها الحفاظ على وحدة البلاد وإفشال أي محاولات خارجية لاستثمار الأوضاع المعيشية أو السياسية لفرض أجندات لا تخدم سوريا. فلا خلاص لسوريا إلا بوحدتها، ولا مستقبل لها إلا برفض التدخلات الخارجية السافرة، وعلى رأسها التدخل الإسرائيلي، الذي لطالما كان عاملاً معرقلاً لأي مشروع وطني حقيقي. إن المرحلة المقبلة تتطلب وعياً سورياً متجدداً يدرك خطورة اللحظة، ويجعل من مواجهة الأطماع الإسرائيلية أولوية وطنية تتقدّم على كل الخلافات، كي تستعيد سوريا مكانتها الطبيعية دولة قوية موحدة قادرة على حماية أبنائها ومستقبلهم.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا