عرب وعالم / السعودية / عكاظ

انتصار الدبلوماسية

لا شك أن قيام دولة فلسطينية هو رغبة ملحة لمنح الشعب الفلسطيني حقه في الحياة أسوة بشعوب العالم أجمع، ومنذ قيام دولة إسرائيل العام 1948 كانت هناك محاولات حثيثة لتأسيس دولة فلسطينية لتصبح عضواً بالمجتمع الدولي كبقية الدول العربية، ولقد باءت معظم تلك المحاولات بالفشل بسبب تعنّت الإدارة الأمريكية -الحليف الإستراتيجي لإسرائيل- وإجهاضها لكل قرار يوشك على الصدور من مجلس الأمن لتأسيس الدولة الفلسطينية، وعلى الرغم من اعتراف العديد من الدول بالدولة الفلسطينية إلا أن بعض الدول العظمى كان لها موقف متردد بشأن الموافقة على قيام الدولة الوليدة.

وقد حرصت المملكة العربية دائماً على دعم القضية الفلسطينية لينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، غير أن التحرك الأخير للمملكة العربية السعودية بالتنسيق مع فرنسا خلال المؤتمر الدولي لحل الدولتين، والذي انعقد مؤخراً في مقر الأمم المتحدة مثّل زخماً قوياً أثمر عن إعادة هذه القضية للواجهة وبقوة، نتج عنها إعلان قوتين عظميين هما فرنسا وبريطانيا نيتهما للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ولقد سبق اعتراف هاتين الدولتين اعتراف إسبانيا بدولة فلسطين، ومن المؤكد أن الأيام القادمة ستشهد تكاتفاً دولياً للاعتراف بدولة فلسطين بحدود الرابع من يونيو 1967، وعلى الرغم من هذا التكاتف الدولي تقوم إسرائيل بارتكاب العديد من جرائم الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية رغبة منها في تهجير الشعب الفلسطيني منهما لإفشال الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، لكن الشعب الفلسطيني الذي كافح كثيراً من أجل قضيته لا يزال يقاوم الجرائم الإسرائيلية، ويسعى لأن يظل صامداً أمام كل محاولات تهجيره رغم كافة جرائم الإبادة التي ترتكبها حكومة نتنياهو.

غير أنه في الوقت الذي ترغب فيه إسرائيل في التطبيع مع بقية الدول العربية تسلك سلوكيات متناقضة تعمل على عكس ذلك تماماً، فهي ترفض بشدة وتعنّت الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، ولقد أعلنت المملكة العربية السعودية مراراً بأن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل لن يتم إلا من خلال حل الدولتين، وأن يسبق أي نوع أو درجة أو مستوى من التطبيع اعتراف دولة إسرائيل بالدولة الفلسطينية، ولتأكيد ذلك فقد نسقت الدبلوماسية السعودية مع فرنسا لعقد المؤتمر الدولي الذي انعقد بمدينة نيويورك مؤخراً وأثمر عن نية العديد من الدول للاعتراف بدولة فلسطين.

قبل أيام أعلنت روسيا أن السلام لن يتحقق في الشرق الأوسط دون الاعتراف بدولة فلسطين، كما انتقدت في الوقت نفسه الانتهاكات الإسرائيلية التي تتم على أراضي غزة والضفة، في إشارة إلى دعم روسيا للمساعي الدبلوماسية السعودية الفرنسية لحل الدولتين، وباعتراف وفرنسا تكون أربع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن قد اعترفت بدولة فلسطين، وبذلك يكون أكثر من 147 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة قد اعترفت أيضاً بدولة فلسطين.

إعلان فرنسا وبريطانيا نيتهما الاعتراف بدولة فلسطين يمثّل انتصاراً للدبلوماسية السعودية ضد التعنّت الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، ومن الملاحظ أن الجهود التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لم تقتصر فقط على الانحياز لحقوق الشعب الفلسطيني بل الشعب السوري أيضاً، والذي نجحت جهود الأمير في كسر العزلة التي فرضها الغرب عليه إبان حكم حزب البعث البائد، ولا يخفى على أي متابع الجهود التي تبذلها الدبلوماسية السعودية أيضاً لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع لبنان.

من الملاحظ أيضاً أن جميع الدعوات التي تضمّنت دعم حل الدولتين نادت بضرورة تسليم حماس للرهائن وأن تكون غزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة الغربية، فالانقسام الفلسطيني سيشتت كل الجهود المبذولة لإعادة الاستقرار في قطاع غزة، ومن المؤكد أن قيام حماس بتسليم الرهائن وكذلك تسليم إدارة القطاع إلى السلطة الفلسطينية سيقطع الطريق على حكومة نتنياهو لإفشال أي جهود لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع.

من الواضح أن الدبلوماسية السعودية تملك خارطة طريق لبسط الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما يتضح من خلال تبنيها مفهوم حل الدولتين، وأيضاً من خلال سعيها الحثيث لكسر العزلة المفروضة على بعض دول المنطقة، غير أن نجاح هذه الدبلوماسية مرهون بالإرادة السياسية لهذه الدول المعنية، ففي لبنان وسوريا يجب حصر السلاح في يد الحكومة المركزية فحسب وتماسك الصف الشعبي حوله قيادته.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا