في الوقت الذي يتواصل فيه مسلسل نزيف حوادث الطرق الذي أودى بأرواح المعلمات في طرقات القرى والمناطق النائية، يفتح باب التساؤلات واسعاً حول أسباب تفاقم المشكلة التي تحصد سنوياً أرواحاً بريئة تسعى وراء رزقها في مناطق نائية بعيداً عن الأهل والأحبة وفلذات الأكباد.
معلمات يقطعن بصفة يومية مئات الكيلومترات ذهاباً وإياباً في رحلة يكتنفها الكثير من الغموض، فالموت على الطريق يتربص بالجميع، لأسباب عدة منها؛ السرعة وضيق الطرق، وأيضاً رغبة بعض السائقين في التجاوز الخطأ، إضافة إلى أن المركبات متهالكة ومن يجلس خلف مقودها هم في الغالب رجال تعدوا سن الستين أنهكتهم ظروف الحياة، والناتج من ذلك مزيد من الدماء وعويل لا ينقطع ودفاتر وأقلام مبعثرة على الإسفلت، وحزن على فقدان عزيز يبقى في القلب ولا تمحوه الذاكرة بمرور الزمن.
علامة فارقة في حوادث جازان
صباح الأحد الماضي في جازان سيبقى علامة فارقة في سجل الحوادث التي شهدتها المنطقة، بعد رحيل 4 معلمات وسائقهن وإصابة أخريات، فهي حكاية إنسانية تختصر معنى الفقد، وتؤكد أن حياة الإنسان أمانة ثمينة تستحق الحماية، وما يخلّفه هذا الرحيل من حزن سيبقى شاهداً على قسوة اللحظة، وضرورة أن تتحول هذه الحوادث إلى دروس تحفظ الأرواح وتصون الأسر.
حادثة المعلمات ألقت الضوء على خطورة الحوادث المرورية وأبعادها المأساوية حين تطال أشخاصاً بأكملهم أو عدداً منهم، ومع هذه الفاجعة المؤلمة، تواصلت الدعوات بالرحمة والمغفرة للفقيدات، في مشهد من التلاحم والتضامن عُرف به المجتمع السعودي في مواجهة الملمات.
حالة من الحزن عاشتها جازان منذ صباح الأحد، إذ نعى الأهالي المعلمات وسائقهن معبرين عن حزنهم وتعازيهم إلى أسر المتوفيات، فيما نعى الوسط التعليمي رحيل زميلاتهم المعلمات، وسادت حالة من الحزن وذرف الدموع على فراقهن بين طالبات ومعلمات المدارس التي يعملن بها.
يغادرن قبل الفجر بعد كتابة الوصية
«كابوس النائية» يلاحق المعلمات المعينات حديثاً، والذي يبدد أحلام الوظيفة الوردية ويعيد شريط الطرق التي ابتلّت بدماء معلمات قضين وهن في طريقهن لتأدية رسالتهن السامية، بل إن أماني الاستقرار وتكوين أسرة لا وجود لها، في ظل الشتات الذي تعيشه المعلمة المعيّنة في منطقة غير تلك التي تقطنها أسرتها.
رحلة المتاعب تبدأ قبل ساعات من الدوام الرسمي، حرصاً على الوصول في الوقت المحدد للحاق بالبصمة الحضورية التي تم تطبيقها مع بداية العام الدراسي الحالي، وقبل طابور الصباح، إذ ذكر عدد من معلمات القرى النائية أنهن يتوجهن إلى مقار عملهن في القرى النائية في منطقة جازان قبيل صلاة الفجر بعد كتابة وصيتهن وتركها في المنزل.
أعيدوا النظر في البصمة وقواعد السلامة
وقالت المعلمة ساره محمد: قبل خروجي من المنزل أقبّل أطفالي الصغار، وتضيف: أستيقظ في الثالثة فجراً وأقوم بتجهيز نفسي حتى موعد وصول السائق في الرابعة فجراً، إذ نقطع مع زميلاتي المعلمات مسافة 140 كيلومتراً للوصول إلى المدرسة، ولا ندري ما إذا كنا سنعود لأطفالنا أم لا.
فيما بينت المعلمة عبير أحمد بأنها إحدى الناجيات من حادث معلمات سابق، وكيف شاهدت بعينها زميلات لها وقد توفين في مكان الحادث، وتضيف: ما زلت أعيش المنظر المفجع، وأسأل الله لهن الرحمة الواسعة.
وفي ختام حديثهن طالبن وزارة التعليم، بإعادة النظر في البصمة الحضورية في المدارس النائية للمعلمين والمعلمات، إضافة إلى توفير حافلات وسائقين يتمتعون بالكفاءة وملتزمين بقواعد السلامة حتى لا تُحصَد أرواح جديدة ــ على حد قولهن.
أخبار ذات صلة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.