عرب وعالم / السعودية / عكاظ

أدباء مهددون بالعَوَز والمرض ينتظرون صندوق تكافل وتأميناً طبياً

منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، والمثقفون والأدباء يتطلعون إلى تأسيس صندوق تكافل يُقيمُ الأَوَد، ويخفف عن الكاهل أعباء العَوَز، وتعددت المطالب، ورفع مؤتَمِرون توصيات، إلا أن كل المطالب ليست وجيهة، وليس كل وجيهٍ قابل للتحقق على أرض الواقع، وربما اغتالت كفّ العوز أحلام وتطلعات بعض الأدباء، أو أثقلت ميزانيات علاجهم أو أحد أفراد أسرهم كواهلهم. وفي ظل انتقال جمعية الأدب المهنيّة إلى عُهدة مجلس إدارة جديد، تجددت مطالب أدباء ومثقفين في تحقيق مكتسبات تعزز دور المثقف، وتعترف له بمكانته، وعلّق عدد كبير من الأدباء والمثقفين آمالاً على (جمعيّة الأدب) كونها أعلنت مراراً أنها معنيّة بهذه الشريحة المجتمعية، وهنا مساحة للتطلعات، وتعقيب من رئيس مجلس إدارة الجمعية.

يرى الكاتب صالح القرني أن بين يدي طاولة جمعية الأدب المهنية في دورتها الجديدة ملفات عدة، والأدباء ينظرون إلى الجمعية بوصفها حلاً، أو تعمل على إستراتيجية فعلية لحل الكثير من المعضلات والإشكالات التي تواجههم.

وأكد القرني أنّ المبادرات الفعلية المنتظرة من الجمعية والمنسجمة مع التطلعات، تقتضي القيام بدور فعال يوفّر الحلول المبتكرة والمستدامة، وتجاوز الصعوبات التي تواجه الأديب والمثقف، وتطوير ممارساته، وتنويع آليات الدعم والمبادرات اللازمة لتحقيق الغاية من إنشاء الجمعية.

وذهب القرني إلى أنّ «هناك الكثير من الآمال والتطلعات التي ينتظرها كل من له علاقة بالشأن الثقافي والأدبي وعلى مختلف المستويات، سواء كانت خدمات نوعية أو توفير فرص جاذبة تنمّي الاحتراف الثقافي وعياً وممارسة، وتطوير الآليات الخادمة المرتبطة بهذا الاحتراف».

وعدّ الشاعر محمد الفوز جمعية الأدب كغيرها من جمعيات المجتمع المدني، ذات ارتباط مباشر بالأعضاء المهتمين، أكثر من علاقتها بالوزارات والهيئات التي منحتها الترخيص، من أجل استمراريتها لا من أجل دعمها فقط، مؤكداً أن عليها تحقيق حاجة وتطلّع المستفيد، وتجاوز قصور التجربة الماضية، وعدم التعامل بفوقية مع الأديب، أو تجاهل طيف في مقابل التعزيز لطيف آخر بحجة القرب المكاني مثلاً أو أي حجة أخرى.

ولفت الفوز إلى أن القيمة المهنية تكمن في عدد العضويات، ثم الفعاليات التي تواكب المناسبات المحلية والدولية، إضافة للإصدارات الخاصة والاستضافات خارج نطاق الأعضاء.

وأبدى تشاؤمه من محاولة المجلس الجديد الخروج بنمط مختلف، كون العمل الثقافي نمطياً بطبعه ولا يمكن الخروج كثيراً من بوتقة الأمسيات، غير أن المشاريع الثقافية هي التي تفرض عوالمها على أي جمعية، شرط عدم الاعتماد على تيار واحد والخروج بأنشطتها عن الروتين، مشيراً إلى أن باب المنافسة مفتوح أمام الجمعيات الأدبية الأخرى، ما يفرض على جمعية الأدب المهنية التواضع، كي لا تظن نفسها بوابة عبور لأدباء ، بينما في الواقع أغلب الأدباء لا يعرفون مكانها.

وناشد وزارة الثقافة دعم الجمعيات الأدبية بكل أجناسها لتكون جزءاً من برنامج جودة الحياة.

ويؤكد الناقد الدكتور أحمد الهلالي، أنه لا يزال عميّاً عن معنى (المهنية) في مسمى جمعية الأدب، ويرى الضباب يغلف أبعادها، وقال «إنه يعلم عن بعض أنشطة الجمعية مثل مبادرة (سفراء الأدب) إلا أن موقعها يُكذّب علمه» -كما قال-، وعدّه موقعاً صائماً طيلة أربع سنوات، لم يذق بُر البرامج، ولا رطب الخطط، وافتقد مائدة لـ(خارطة طريق) واضحة لمهمات الجمعية تقوّي عظم تقشف الأدباء على دفع قيمة اشتراك جمعيتها العمومية، أو على الأقل تحرض العابرين على انتظار حافلة وعود الجمعية الواعدة.

وأضاف: هذه الجمعية الموصوفة بـ«المهنية/‏‏ الأساسية/‏‏ عالية الأداء» كانت سحابة بشرى تعادل اتحادات الأدباء في الدول المجاورة، وتؤذن بمطر مبادرات يورق على قطرها الأدب، ويسمق الأدباء على المستوى الإبداعي، والمستوى الاجتماعي، وتزرع شراكات مع جهات داخلية وخارجية تخضرُّ بها حقول المبدعين، وتبادر إلى غرس صندوق تكافل يوفر على الأدباء المبتدئين الركض، ويحفظ ماء وجه المعسرين، وتهندس مبادرات نوعية، وبرامج فارقة، وتقلّم أظفار المحسوبيات وممارسات كانت تُتهم بها المؤسسات الثقافية سابقاً، وتحمل لواء مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص، لكن لا مناص من تجديد الأمل وانتظار البشائر، بثقة سمينة في القائمين على شؤون الجمعية.

ويذهب إلى أنّ دورة المجلس التأسيسي الأول لجمعية الأدب انتهت وكانت أبرز الثمار (سفراء الأدب)؛ مبادرة واعدة، أرهقها التقشف، وتجاعيد التقليدية، وتحويل ثلاث روايات سعودية إلى أعمال درامية، وجائزة المنجزات الأدبية، ودليل مهني شامل للأديب ، وكلها لم ترَ النور إلى الآن. واستعار الهلالي موقع الجمعيّة الإلكتروني «شاهداً» إذ لم يحوِ شيئاً عن المبادرات، وتساءل: «ما الفائدة منه؟ وأين يبحث الأدباء عنها؟ وهل المبادرات سرية؟ أم لم تُنجز؟ وهل كانت وعوداً طارت بها هداهد الإعلام قبل تحققها؟». مضيفاً: «اشتعلت قُبُس المجلس الجديد، ومنهم ستة شُهب من المجلس السابق، فماذا هم فاعلون؟ هل سيبتكرون لهباً جديداً؟ أم سيستكملون الاشتعال؟ أم ستظل الأمور في منطقة الهدوء المنتحي للسكون إلى موعد الانتخابات القادمة؟».

إبراهيم طالع:أُبارك لكم الهمّ ولن أطالب بما هو فوق استطاعتكم

أولاً: دعواتي للزملاء في جمعية الأدب -ولن أبارك لهم بالهمّ الذي ينتظرهم- أنا أحد المهمومين بالبحث عن مستشفى ينقذني من التكدس في طوابير طويلة في مشفى يعمل أكثر أطبائه في المؤسسات الجديدة المربحة، ولأنني أتخيّل أنهم يدركون أن المؤسسات -ربحية أو غيرها- لا تخلق الأدب، لكن الأماني أن تخدمه وأهله بخدمات وحاجات العصر، وأنا أعذرهم، فربما لا يستطيعون سوى تكرار ما مضى من طباعة -في زمن غير زمن الطباعة- أو ملتقى لمجرد اللقاء لو حدث.

والمبدعون اليوم لم يعودوا محتاجين إلى من يطبع لهم، فإبداعهم مطبوع بين أيديهم في أجهزتهم، ومنشور عالمياً عبر حساباتهم وحسابات الناشرين. وأعذر الأحبة الزملاء كل العذر لأنهم سيعيشون على بقايا فكرة أن «الأدب مدرسة كلاسيكية تعلم الآداب»، ولن يستطيعوا نقل تلك المدرسة المنتهية الصلاحية، إلى مدرسة خدمة بؤس الأديب الذي لا تأمين له، بينما نرى كل شعوب العالم تعيش على التأمين.

افترضتُ أنني أديب أو فنان فتمنيتُ أن أجد تأميناً طبياً لخدماتي الصحية، أو ميزة خدماتية تمثّل وطني العظيم الذي أفنيت عمري في خدمته أدباً وإنتاجاً وتعليماً وعانيت في سبيله ما عانيته شأن غيري، افترضت ذلك وتمنيت تذاكر طيران مخفّضة أو سكناً فندقياً مجانيّاً، فعرفت أن الجمعيات لن تستطيع فعل شيء من هذا فعذرتُ أصحابي ودعوت لهم بظهر الغيب، وأمضي كما مضى غيري من نجوم الوطن دون رعايات لائقة بهم.

ليتهم لا يركزون على الشكلاني (إخراج آدابنا إلى العالم) وكاتبوها هنا دون خدمات ترعى شؤونهم الصعبة، فهم يحتاجون إلى خدمات أكثر من حاجتهم إلى استعراض آدابهم عند الآخرين.

أهنئهم بانتخابهم أدباء لامعين مهمومين بتحقيق نقلة مجال الجمعية من خدمة تعليم الأدب وفن التعامل مع الحرف والفن والفكر، إلى خدمتي أنا، كي أنتج في أمن نفسيّ لائق بوطننا الذي يريد إعطاء أدبائه ما ينقصهم لا إعطاءهم ما لديهم. ولا تعلموني الأدب أيها الأحبة، بل ابحثوا لي عما يعينني على الأدب.

وأبارك لكم وأعفيكم إن لم تخدموني بشيء فأنا أقدّر ظروفكم.. وعفاكم.

أكد أن «الثقافة غُرم لا غُنم» وتمثَّل «صح مني العزمُ والدهر أبى»

السريحي: الأديبُ مرعيٌّ من الدولة باعتباره مواطناً ونحرص على ميزة إضافية

أوضح رئيس جمعية الأدب المهنيّة الدكتور سعيد السريحي أن الجمعية في الأصلِ مُعانةٌ بغيرها، وهي تحمل كثيراً من أحلام المثقفين وتطلعاتهم، إلا أنها لا تتحمل وحدها تحقيق ذلك وهذا التطلّع، مؤكداً إدراكهم حاجة الأديب لمن يرعاه، في ظل رعاية الدولة له باعتباره مواطناً، إلا أنه بما قدمه لوطنه يمتلك ميزة إضافية توجب اهتماماً خاصاً بها، لافتا إلى أن دور الجمعية العمل بالشراكة مع قطاعات مختلفة لتحقيق بعض من التطلعات، كونها لا تستطيع الاضطلاع بهذا الدور منفردة. وأضاف (أبو إقبال) أن دور الجمعية يتمثّل في والمطالبة باسم الأدباء بما يعزز جودة حياتهم، وإنْ لم يتحقق فسنتمثَّل قول الشاعر حافظ إبراهيم:

لا تلم كفي إذا السيفُ نبا

صحّ مني العزمُ والدهر أبى

وأكد أن الجمعية ستنفذ مشاريع وبرامج ترعاها وزارة الثقافة، أو هيئة الأدب والترجمة، أو قطاعات أخرى، فتكون جهازاً تنفيذياً من خلال الخبرات والمهارات، فتنهض بدورها والجهات الراعية تموّل وبذا يكون ذلك مصدر دخل للجمعية، وهناك توثيق العلاقات بالقطاع الخاص، فالجمعية يمنحها نظامها حق الاستفادة من الدعم المالي من مؤسسات أو أفراد داخل المملكة، وجامعة الأعمال للدكتور عبدالله دحلان تبنت دعم جائزة الجمعية، وهناك دعم وزارة الثقافة وهيئة الأدب للمشاريع التي تقترحها الجمعية.

وعن الرسوم، قال السريحي: «رسوم العضويات شرط الانضواء تحت مظلة الجمعية، منها عضوية عامة وإنْ لم يكن للمتقدم نتاج، رسمها 150 ريالاً، ولا تخوّل للترشح ولا للتصويت، وعضوية كاملة رسمها 500 ريال، وتمنح صاحبها حق الترشح والتصويت والمصادقة والاعتراض على قرارات مجلس الإدارة، ومحاسبته».

وعن رفد رسوم العضويات ميزانية الجمعية، أوضح السريحي أن بعض الفعاليات تكلفتها عالية، خصوصاً تلك التي تستدعي توفير تذاكر طيران وسكناً وتنقلات ومعيشة، والمكافأة ريع لكنه لا يبلغ مرتبة الدعم. وأضاف رئيس جمعية الأدب: لا أتصوّر أن الثقافة يمكن أن تكون مصدراً مالياً أو توفّر ريعاً، وأتذكر لرئيس (أدبي ) السابق عبدالفتاح أبو مدين قوله «الثقافة غُرمٌ وليست غُنْمَاً»، لافتاً إلى أنّ المردود الحقيقي للثقافة يتمثّلُ في الارتقاء بالوعي، وبالذائقة، ونشر المعرفة، وتمكين الأديب والمواطن من رؤية أشمل لواقعه، وفهم أجمل لماضيه، واستشراف أدقّ لمستقبله، ويرى أن «الأدب ليس سلعة ولا مادة ترفيه، بل قيمته في أثره على المجتمع، وعدّ السفراء شركاء حقيقيين»، مضيفاً أن العمل في الجمعية تطوعيّ، لا مقابل مالياً له، وعضو الجمعية لا أجر مادياً له.

وعن مقار السفراء، قال: «من الصعب توفير مقر لكل سفارة أو مركز، فالسفراء لهم علاقات ومعرفة بمناطقهم ويمكنهم إقامة الفعاليات في أي قرية أو بلدة أو مدينة، في الموقع المتاح والممكن، كما أن الإدارة اليوم تتم عبر الهواتف».

وثمّن السريحي إنجاز المجلس السابق برئاسة الدكتور صالح زيّاد على مستوى الفعاليات والإستراتيجيات والأنظمة للإدارة، مضيفاً «هي ثروة حقيقية يمكننا الانطلاق من خلالها، وهناك مشاريع ممتدة من لوازم الوفاء استمرارها، وهناك مبادرات ومشاريع طموحة نأمل أن نوفّق في تنفيذها».

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا