عرب وعالم / السعودية / عكاظ

الترجمة.. ذلك الجسر العابر للحدود بين وكوريا

حضوري حفل جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في جامعة هانكوك بكوريا الجنوبية كان تجربة تتجاوز حدود الاحتفاء الأكاديمي. فقد بدت الجائزة، بما تحمله من بعد إنساني وحضاري، مرآة لرؤية سعودية واضحة ترى في الترجمة وسيلة لتقريب الشعوب وتعزيز الحوار بين الثقافات.

منذ القدم، لم تكن الترجمة مجرد نقل نصوص من لغة إلى أخرى، بل أداة لإعادة صياغة العلاقة بين الأمم. في العصر العباسي، على سبيل المثال، قادت حركة الترجمة الكبرى إلى نهضة علمية امتد أثرها إلى العالم كله. واليوم، في ظل عالم سريع التغيّر، تستعيد الترجمة دورها التاريخي لتكون قناة حيوية لنقل الخبرات والتقنيات وتوسيع مجالات التعاون الدولي.

اختيار كوريا الجنوبية لاستضافة هذه الجائزة لم يكن محض مصادفة، بل يعكس عمق العلاقات -الكورية التي تطوّرت عبر عقود من التعاون في مجالات الاقتصاد، ، الصناعة، والتعليم. لكن اللافت أن هذا التعاون يتسع اليوم ليشمل الثقافة والبحث العلمي. وهنا تتجلى أهمية الترجمة بوصفها أداة لنقل المعرفة المتبادلة وتوسيع دائرة الشراكة.

الرؤية السعودية 2030 تقدّم نموذجاً واضحاً لانفتاح المملكة على التجارب العالمية، والاستفادة من قصص النجاح في الدول الصديقة. وكوريا الجنوبية مثال بارز على ذلك، فهي دولة استطاعت أن تتحوّل خلال عقود قليلة من اقتصاد هشّ بعد الحرب إلى قوة صناعية وتكنولوجية رائدة. هذا النموذج يجد صدى في الطموح لتنويع الاقتصاد والاستثمار في الإنسان، وجعل الثقافة والمعرفة جزءاً أساسياً من التنمية.

الترجمة هنا تصبح أكثر من مجرد وسيط لغوي؛ إنها قناة لفهم تجارب الآخرين، وأداة لعرض التجربة السعودية للعالم. فالتعاون في مجالات التقنية والتعليم يحتاج إلى منصات تواصل معرفي، والترجمة هي التي تمنح هذا التواصل شكله الحقيقي. ومن دونها لا يمكن تبادل الخبرات بفاعلية، ولا نقل قصص النجاح بما يلهم الأجيال الجديدة في كلا البلدين.

ما شدني في الحفل أن تكريم المترجمين بدا وكأنه تكريم لفكرة أوسع: أن المعرفة لا تعرف حدوداً، وأن بناء المستقبل المشترك يبدأ بفهم متبادل. السعودية، من خلال رعايتها هذه الجائزة، تضع الترجمة في قلب مشروعها الثقافي والدبلوماسي، مؤكدة أن الحوار الحضاري لا يقل أهمية عن التعاون الاقتصادي أو السياسي.

في ، يظهر أن الترجمة ليست نشاطاً نخبوياً، بل رافعة للتنمية والشراكة الدولية. والمشهد السعودي-الكوري يقدّم مثالاً حيّاً على كيف يمكن للثقافة أن تدعم العلاقات الإستراتيجية، وأن تمنحها بعداً إنسانياً طويل المدى. فالاقتصاد والتقنية قد يشكّلان قاعدة التعاون، لكن الترجمة تمنحه الروح، وتجعل منه جسراً يمتد بين الشعوب والأجيال.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا