ليست كل الأصوات تُحفر في وجدان الناس. بعضها يعبر، وبعضها يُقيم. وصوت حسين محمد يعقوب نجّار لم يكن مجرد صوت إذاعي؛ بل كان مَعْلَمًا من معالم النهضة الإعلامية في المملكة العربية السعودية. بين طبقات صوته العميق وأسلوبه الوقور تأسست لحظة وعي جديدة بالإعلام، تمتزج فيها المعلومة بالهيبة، والرسالة بالمسؤولية.
من مكة بدأت الحكاية
ولد حسين نجّار في مكة المكرمة عام 1944، المدينة التي تهب على أهلها شيئًا من السكينة والوقار، وتجعل للكلمات وقعًا مختلفًا. هناك، تلقى تعليمه الأولي، وأظهر نبوغًا مبكرًا جعله يطرق أبواب التعليم من جهة، والإعلام من جهة أخرى.
بدأ دراسته في معهد المعلمين عام 1961، وعمل معلمًا للغة العربية، متسلحًا بحب الكلمة وفصاحتها. لكن صوته كان يحمل طموحًا يتجاوز جدران الفصول الدراسية، فشق طريقه إلى الأثير، حيث وُلدت هويته الحقيقية.
من التعليم إلى التنوير
التحق حسين نجّار بإذاعة المملكة العربية السعودية، ليصبح أحد أوائل الأصوات السعودية التي رسّخت مفهوم الإعلام الوطني المسؤول. كان من بين المذيعين السعوديين الأوائل الذين حملوا شعلة الكلمة الصادقة، في زمن كانت فيه البدايات الإعلامية تتلمّس طريقها.
لم يكن مجرد قارئ نشرات، بل مذيعًا يحمل في نبرته حسًّا وطنيًا وثقافيًا عاليًا، حتى أصبح أحد الأصوات المرجعية في الإعلام السعودي. أسهم في تأسيس معايير مهنية تليق بمستوى الرسالة، وكان لصوته هيبة جعلت المستمعين يثقون في ما يُقال من خلاله.
قلمٌ يوازي المايكروفون
لم يكتفِ حسين نجّار بالصوت، بل امتدت رسالته إلى الكلمة المكتوبة. عمل صحفيًا وكاتبًا في عدة صحف، منها صحيفة الندوة والمدينة. كان قلمه يماثل صوته في رصانته وعمق طرحه. وقد شغل عدة مناصب إعلامية، منها رئاسة تحرير، وأسهم في إثراء المحتوى الثقافي والاجتماعي بوعيٍ وتبصّر.
الإعلامي المثقف
يُحسب لحسين نجّار، أنه لم يكن مذيعًا تقنيًا، بل مثقفًا إعلاميًا. عرف كيف يُحمّل النشرة الإخبارية بعدًا وطنيًا، ويمنح البرامج بُعدًا ثقافيًا لا يخلو من التأمل. حضوره لم يكن بالصوت فقط، بل بمخزون معرفي رصين، جعله من الإعلاميين القلائل الذين يجمعون بين المهنية العالية والوعي الثقافي العميق.
ترجل الفارس وبقي الصدى
تُوّجت مسيرته بتكريمات رسمية وشعبية، لكنه بقي على بساطته، متواريًا عن الأضواء رغم كونه من صنّاعها. رحل حسين نجّار، لكن أثره لم يرحل. بقي صوته يسكن أرشيف الوطن، شاهدًا على مرحلة التأسيس، ومُلهمًا لجيل جديد من الإعلاميين الذين ما زالوا ينهلون من مدرسته.
يبقى صوت حسين نجّار علامة فارقة في تاريخ الإعلام السعودي؛ لأنه حمل رسالته بمهنية ونُبل، فاستحق أن يكون أحد أعمدة الإعلام السعودي الحديث، وأن تبقى سيرته درسًا في الانتماء، والتمكن، والوعي الوطني.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
