تكشف دراسة جديدة عن فائدة غير متوقعة للبن الذي يحتوي على بكتيريا حية، وهي الحماية من بعض أشكال سرطان القولون والمستقيم. إذ يُعتقد أن اللبن الحي يحمي من عدة أمراض، ومنها بعض أشكال السرطان. لم يجد الخبراء بعد بالضبط كيف يحدث ذلك، لكن يقترح بعضهم أن ذلك قد يكون بسبب تأثير اللبن في ميكروبات الأمعاء.
يعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا على مستوى العالم، إذ أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) بأنه يشكل أكثر من 10% من جميع حالات تشخيص السرطان.
قد تزيد عوامل نمط الحياة من خطر إصابة الشخص بسرطان القولون والمستقيم، ومنها قلة النشاط، والتدخين، والسمنة، واستهلاك الكحول المفرط، إضافةً إلى تناول كميات مرتفعة من اللحوم المصنعة وقلة تناول الفواكه والخضراوات.
يرتبط تناول نظام غذائي صحي غني بالألياف، مع الكثير من الفواكه والخضروات الطازجة، والحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان، بانخفاض خطر سرطان القولون والمستقيم.
نشر باحثون من (Mass General Brigham) نتائج دراستهم في مجلة (Gut Microbes)، التي وضحت أن اللبن قد يقلل أيضًا من خطر بعض أنواع سرطان القولون والمستقيم.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا حصتين أو أكثر من اللبن الذي يحتوي على بكتيريا حية كل أسبوع كان لديهم خطر أقل بنسبة 20% من تطور أورام القولون والمستقيم الإيجابية لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم، وهي سلالة من البكتيريا الشائعة في ميكروبات الأمعاء.
تُعد مبادرة تقول تحديات السرطان الكبرى أحد الجهات الممولة للدراسة، وتقول الدكتورة جمّا بالمر-كيمب بوصفها رئيسة أبحاث السرطان لهذه المبادرة في المملكة المتحدة:
«تعد الأنواع البكتيرية الذاتية ذات اهتمام كبير لتطبيقاتها على صحة الإنسان. توفر هذه الدراسة أدلة جديدة حول الفائدة المحتملة للبن (الذي يحتوي على بكتيريا حية) في تقليل خطر نوع معين من سرطان القولون والمستقيم … بينما أظهرت هذه الدراسة وجود علاقة بين الاستهلاك طويل الأمد للبن وانخفاض معدلات سرطان القولون القريب الإيجابي لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم، فما زلنا نحتاج إلى مزيد من العمل لفهم أي دور سببي لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم والآليات المعنية إذا كان الأمر كذلك».
قد تعزز البروبيوتيك نظام المناعة، لكن هل تمنع الإصابة بالسرطان؟يحتوي اللبن الحي على عدة سلالات من البكتيريا، تُستخدم بكتيريا Lactobacillus bulgaricus وStreptococcus thermophiles عادةً لتخمير الحليب لتشكيل اللبن، لكن يمكن أيضًا إضافة العديد من السلالات البكتيرية الأخرى، أو البروبيوتيك (أي الكائنات الحية الدقيقة التي تعود بفائدة صحية على المضيف عند تناولها بكميات كافية كجزء من الطعام).
تشير الأبحاث إلى أن البروبيوتيك قد تعزز نظام المناعة، وتحسن صحة الأمعاء، وتقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وقد تقلل حتى من خطر بعض أنواع السرطان.
للتأكد من تأثير استهلاك اللبن في خطر سرطان القولون والمستقيم، استخدم الباحثون في هذه الدراسة بيانات من دراسة صحة الممرضات ودراسة متابعة المهنيين الصحيين، التي تابعت أكثر من 100,000 مربية منذ عام 1976 و51,000 من العاملين في مجال الصحة منذ عام 1986.
أجاب المشاركون في كلا الدراستين على استبيانات متكررة حول نمط الحياة والنظام الغذائي والصحة، وتضمنت أسئلة حول تناول اللبن العادي والمنكّه، بالإضافة إلى منتجات الألبان الأخرى.
بالنسبة للأشخاص الذين شُخّصوا بسرطان القولون والمستقيم، عمل الباحثون على تقييم عينات الأنسجة للـ DNA الخاص ببكتيريا البيفيدوبكتيريوم.
من بين المجموعة، أصيب 3,079 شخصًا بسرطان القولون والمستقيم، ومن هؤلاء، تمكن الباحثون من الوصول إلى بيانات بكتيريا البيفيدوبكتيريوم لـ 1,121. كان لدى 775 شخصًا سرطان قولون ومُستقيم سلبي لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم، و346 كانوا إيجابيين لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم.
تناول اللبن قلل من أورام القولون والمستقيممع أن الباحثين لم يروا فرقًا كبيرًا بين تناول اللبن على المدى الطويل والمعدل العام لحدوث سرطان القولون والمستقيم، فقد وجدوا معدلًا أقل بنسبة 20% من حالات الأورام الإيجابية لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم لدى أولئك الذين تناولوا المزيد من اللبن.
وقد شرحت مختصة التغذية كيلي كوستا التي لم تشارك في هذه الدراسة كيف يمكن لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم أن تؤثر في خطر سرطان القولون والمستقيم:
«لا تشير هذه الدراسة إلى أن اللبن يقلل من بكتيريا البيفيدوبكتيريوم في الأمعاء؛ بل على العكس. في الواقع، تسلط الضوء على أن بكتيريا البيفيدوبكتيريوم هي سلالة بكتيرية مهمة في اللبن تُنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFA) في الأمعاء ولها خصائص مضادة للسرطان من خلال تأثيرات مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات وتعزيز المناعة … تشير الأبحاث إلى أن بكتيريا البيفيدوبكتيريوم الموجودة في أنسجة الأورام الإيجابية لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم قد تعكس ضعف وظيفة حاجز الأمعاء. وتظهر الدراسات أن بكتيريا البيفيدوبكتيريوم قد تحسن حاجز الأمعاء بتقليل البروتينات الالتهابية الضارة مثل عامل النخر الورمي وInterleukin 6 … قد يساعد اللبن في تقوية حاجز الأمعاء ودعم الدور المفيد لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم في قمع نمو الأورام الإيجابية لبكتيريا البيفيدوبكتيريوم، بدلًا من قمع بكتيريا البيفيدوبكتيريوم نفسها».
وقد أوضحت بالمر-كيمب أن هذه الدراسة رصدية، ما يعني أن النتائج تظهر ارتباطًا فقط لا علاقة سببية، وأضافت:
«تشير هذه الدراسة إلى أن استهلاك اللبن على مدى فترة زمنية قد يحمي من هذا النوع المحدد من سرطان القولون والمستقيم، ربما من خلال تغييرات في ميكروبات الأمعاء. كانت سلالة البكتيريا المحددة هي بكتيريا البيفيدوبكتيريوم، وهي نوع بكتيري موجود في اللبن وأيضًا في الأمعاء البشرية … توجد أنواع فرعية مختلفة من بكتيريا البيفيدوبكتيريوم في الأمعاء البشرية، ولدى سلالات مختلفة وظائف مختلفة، ومنها استقلاب الكربوهيدرات الغذائية مثلًا. لم تستكشف هذه الدراسة وجود دور سببي للميكروبيوم، أو بكتيريا البيفيدوبكتيريوم، أو أي آليات محتملة متعلقة بذلك».
سبب آخر لتضمين اللبن في نظامك الغذائي؟بينما يُعد اللبن الحي والطبيعي إضافة جيدة لنظام غذائي متوازن، فليس كل اللبن مفيد. غالبًا ما تحتوي اللبن المنكهة والفواكه على كميات عالية من السكر المضاف، ومكونات أخرى غير صحية.
في المقابل، تحتوي الألبان الطبيعية والحيّة على الكثير من العناصر الغذائية، ومنها الكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، وفيتامين A، وفيتامين B2، وفيتامين B12، والبروتين، والأحماض الدهنية الأساسية. وهي أيضًا مصدر جيد للبروبيوتيك. وتشير الدراسات إلى أن هذه البروبيوتيك قد تعزز نظام المناعة وتحسن الصحة العامة.
قد تحتوي بعض أنواع اللبن على فوائد إضافية. قد يعزز اللبن اليوناني التقليدي كامل الدسم صحة العظام، وقد يساعد على بناء الكتلة العضلية، ويقلل من احتمالية الإصابة بحالات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع 2، وحتى بعض حالات الصحة النفسية.
بينما قد يؤدي شرب كميات كبيرة من الحليب العادي (حوالي 4 أكواب في اليوم) إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، توفر منتجات الحليب المخمرة (كاللبن والكفير) نفس العناصر الغذائية الأساسية دون أي تأثير سلبي معروف في صحة القلب والأوعية الدموية.
لذا، تشير هذه الدراسة الجديدة إلى أن تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم قد يكون سببًا إضافيًا لتضمين اللبن في النظام الغذائي. فقط يجب التأكد من أنه لبن حي وطبيعي لتحقيق أقصى فوائد صحية محتملة. تقول كوستا:
«بينما لا توجد توصية دقيقة حول مدى تكرار تناول اللبن، قد يوفر دمج حصة عادية بحجم كوب عدة مرات في الأسبوع أو حتى يوميًا تأثيرات مفيدة للميكروبيوم … إذا لم يكن اللبن هو ما تفضله، فإن الأطعمة المخمرة الأخرى مثل كفير جوز الهند، والكيمتشي، والميزو، ومخلل الملفوف تحتوي أيضًا على بروبيوتيك قد تدعم ميكروبيوم الأمعاء الصحي».
اقرأ أيضًا:
ما علاقة السمنة والكحول بارتفاع وفيات سرطان القولون والمستقيم لدى الشباب؟
ما أهمية النظام الغذائي في تطوير سرطان القولون والمستقيم؟
ترجمة: يارا سلامه
تدقيق: لين الشيخ عبيد
مراجعة: محمد حسان عجك
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.