تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن برامج التطعيم أنقذت أكثر من 154 مليون إنسان في خمسين عامًا الماضية، ما يعكس الدور الجوهري الذي تؤديه اللقاحات في حماية الصحة العامة.
لكن فعالية بعض اللقاحات مثل الإنفلونزا ليست مثالية دائمًا، إذ تتأثر بعدة عوامل مثل الحالة الصحية العامة ونمط الحياة. في هذا السياق، سلطت دراسة حديثة أجريت على الفئران الضوء على أثر النظام الغذائي والصحة الأيضية في الاستجابة المناعية للقاح الإنفلونزا.
دراسة على الفئران: خسارة الوزن تحسن فعالية اللقاحفي الدراسة، خضعت مجموعتان من الفئران لنظامين غذائيين مختلفين: أحدهما غني بالدهون، والآخر قليل الدهون، يعرف بالنظام الضابط. بعد فترة من التغذية، تلقت جميع الفئران اللقاح. ثم، عُرضت لجرعة قاتلة من فيروس H1N1، أحد أنواع الإنفلونزا الشائعة.
لم تظهر الفئران التي تحولت إلى النظام الصحي بعد تلقي اللقاح تحسنًا ملحوظًا في معدلات النجاة، رغم فقدانها الوزن. فقد بلغت نسبة النجاة 24% بعد 4 أسابيع من التحول الغذائي، و28% بعد 12 أسبوعًا.
أما الفئران التي انتقلت إلى النظام الصحي قبل تلقي اللقاح بأربعة أسابيع، فقد شهدت تحسنًا كبيرًا في المؤشرات الأيضية، واستجابة مناعية أفضل، خصوصًا من الخلايا التائية المناعية. المدهش أن نسبة النجاة في هذه المجموعة وصلت إلى 100% بعد التعرض للفيروس.
السمنة والمناعة والاستجابة للقاحات:تشير نتائج الدراسة إلى أن السمنة تضعف الاستجابة المناعية، حتى بعد التطعيم، ما قد يفسر زيادة خطر الوفاة لدى المصابين بالسمنة في أثناء جائحات مثل H1N1 عام 2009 وجائحة كوفيد-19.
«نحن نعلم منذ جائحة H1N1 أن السمنة تزيد خطر الإصابة بإنفلونزا شديدة وتنتهي بالوفاة، لكننا لا نعرف تمامًا لماذا. قد يكون السبب تراجع وظائف الرئة أو عوامل أخرى».
أشار الباحثون إلى أن قلة عدد الفئران التي بقيت على قيد الحياة بعد تعرضها للفيروس في أثناء اتباع النظام الغذائي عالي الدهون، شكلت عائقًا أمام استخلاص استنتاجات أوسع عن تأثير النظام الغذائي على المناعة.
مع أن الدراسة تقدم أدلة مشجعة، فإنها أجريت على فئران، ما يُعد أحد أهم القيود. لذا لا يمكن تعميم نتائج الدراسات الحيوانية على البشر دون مزيد من البحث.
«أجريت سابقًا عدة دراسات صغيرة دعمت هذه النتيجة ولاحظت أن الأشخاص المصابين بالسمنة معرضون للإصابة بالإنفلونزا أكثر من غيرهم رغم تلقيهم اللقاح، مع العلم أن مستويات الأجسام المضادة لديهم كانت جيدة ضد سلالات الإنفلونزا الموجودة في لقاح ذلك العام، ما يشير إلى أن فعالية اللقاح لا تعتمد فقط على هذه الأجسام. ما يمهد الطريق لأبحاث أدق لفهم التفاعلات بين السمنة وفيروس الإنفلونزا ولقاحه».
«هذه دراسة تأسيسية جيدة لإجراء تجارب بشرية لاحقًا. النتائج ليست مفاجئة، مع أن البعض يستخف بالدراسات الحيوانية، فإن هذه الأبحاث تقدم أدلة علمية قوية على ما نعتقده مسبقًا، ما يجعلها حجر أساس للتجارب البشرية المستقبلية. فالجميع يعرف أن النظام الغذائي الصحي مفيد، لكن رؤية الأدلة العلمية على ذلك أمر مهم».
هل ينبغي القلق بشأن فعالية اللقاح؟تظهر الدراسات أن النظام الغذائي الصحي قد يؤثر في فعالية اللقاح، لكن لا يعني هذا أنه لا داعي له بالنسبة لمن يعانون السمنة.
وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن الأشخاص الذين يتجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم 40، أكثر عرضة لمضاعفات خطيرة ناتجة من الإنفلونزا، ما يجعل التطعيم أولوية لهم نظرًا إلى ارتفاع خطر حدوث مضاعفات لديهم.
يمكن المريض مناقشة عوامل الخطر الشخصية أو أي مخاطر محتملة مع الطبيب، ولما كانت الدراسة لن تُحدِث أثرًا فوريًا، فإن نصائح الأطباء فيما يخص فقدان الوزن واتباع الحمية محبذة عمومًا.
«مع أن فعالية اللقاح قد تقل لدى البعض، فإن تلقيه ما زال يقلل خطر الإصابة الشديدة والوفاة. لذا لا أنصح أبدًا بعدم التطعيم بسبب القلق من قلة فعاليته».
«هناك فوائد صحية عديدة لفقدان الوزن، وربما تكون الاستجابة الأفضل للقاحات واحدة منها. لكن إلى أن تتوفر دراسات بشرية مؤكدة، ينبغي أن نواصل التوصية بتطعيم الجميع، لا سيما الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل المصابين بالسمنة».
«هذه الدراسة بحاجة إلى تجارب بشرية تتبعها لمعرفة ما إذا كانت الملاحظة صحيحة أم لا، حال تأكد صحة هذه النتائج، فإننا نوصي باتباع نظام غذائي صحي، وفقدان الوزن في الأسابيع التي تسبق التطعيم. وتُعد هذه نصيحة عامة للجميع أيضًا، ولن تحدث تغييرًا كبيرًا في التوصيات الصحية العامة».
اقرأ أيضًأ:
قصة اللقاح عبر التاريخ، كيف هزمنا عدوًا قديمًا
أهمية لقاح الإنفلونزا وطريقة عمله
ترجمة: أريج حسن إسماعيل
تدقيق: باسل حميدي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.