تستطيع الحيوانات المنوية البشرية السباحة عبر سوائل شديدة اللزوجة بسهولة مذهلة، ويبدو أنها تتحدى قانون نيوتن الثالث للحركة. لفهم كيفية انزلاقها عبر مواد يُفترض أن تعيق حركتها، أجرى فريق بقيادة كينتا إيشيموتو، عالم الرياضيات في جامعة كيوتو، دراسة لحركة الحيوانات المنوية وكائنات مجهرية أخرى قبل بضع سنوات.
عندما وضع السير إسحاق نيوتن قوانينه الشهيرة للحركة عام 1686، سعى إلى شرح العلاقة بين الأجسام المادية والقوى المؤثرة فيها عبر مجموعة من المبادئ البسيطة، التي تَبين لاحقًا أنها لا تنطبق بالضرورة على الخلايا المجهرية التي تتحرك داخل السوائل اللزجة.
يمكن تلخيص قانون نيوتن الثالث في عبارة: «لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه»، وهو يعكس تناظرًا خاصًا في الطبيعة، إذ تؤثر القوى المتعارضة في بعضها البعض.
عند اصطدام كرتين زجاجيتين متماثلتين في الحجم في أثناء تدحرجهما على الأرض، تنتقل قوتهما وترتدان وفقًا لهذا القانون. إلا أن الطبيعة فوضوية، وليست كل الأنظمة الفيزيائية خاضعة لهذا التناظر؛ إذ تظهر ما يُعرف بالتفاعلات غير المتبادلة في أنظمة غير منضبطة، مثل أسراب الطيور والجسيمات في السوائل والحيوانات المنوية السابحة.
تتحرك هذه الكيانات بطرائق تظهر تفاعلات غير متماثلة مع الكائنات أو الجزيئات خلفها، أو مع السوائل المحيطة بها، ما يتيح تجاوز قاعدة «القوى المتساوية والمتعاكسة». بما أن الطيور والخلايا تولد طاقتها الخاصة، التي تُضاف إلى النظام مع كل رفرفة جناح أو حركة ذيل، فإن هذا النظام يندفع بعيدًا عن التوازن ولا تنطبق عليه القواعد ذاتها.
حلّل إيشيموتو وزملاؤه، في دراستهم المنشورة في أكتوبر 2023، بيانات تجريبية عن الحيوانات المنوية البشرية، ونمذجوا حركة الطحالب الخضراء كلاميدوموناس. يشترك الكائنان في وسيلة الحركة، إذ يسبحان باستخدام أسواط رفيعة ومرنة تبرز من جسم الخلية وتغيّر شكلها لدفع الخلية إلى الأمام.
عادةً ما تبدد السوائل عالية اللزوجة طاقة السوط، ما يمنع الحيوان المنوي أو الطحلب من إحداث حركة فعّالة. مع ذلك، يبدو أن هذه الأسواط المرنة قادرة بطريقة ما على دفع الخلايا دون إثارة استجابة تُلحظ من الوسط المحيط.
وجد الباحثون أن ذيول الحيوانات المنوية وأسواط الطحالب تتمتع بمرونة استثنائية، تُمكّنها من التحرك بكفاءة دون فقدان كبير للطاقة في السائل المحيط. مع ذلك، فإن هذه الخاصية لم تفسر بصورة كاملة الدفع الناتج عن الحركة الموجية للأسواط، واشتق الباحثون مصطلحًا جديدًا من دراستهم النموذجية، هو «معامل المرونة الغريبة»، لوصف الميكانيكا الداخلية لهذه الأسواط.
خلص الباحثون إلى أنه «من نماذج بسيطة قابلة للحل، تمكّنا من الوصول إلى أشكال الموجات البيولوجية لأسواط كلاميدوموناس وخلايا الحيوانات المنوية، ودرسنا معامل الانحناء الغريب لفك شيفرة التفاعلات الداخلية غير الموضعية وغير المتبادلة في هذه المادة».
قال الفريق إن هذه النتائج قد تساهم في تصميم روبوتات صغيرة ذاتية التجميع تحاكي المواد الحية، وقد تُستخدم أساليب النمذجة هذه لفهم المبادئ الأساسية للسلوك الجماعي بصورة أفضل.
اقرأ أيضًا:
أول خصية أُنتجت مخبريًا قد تكون قادرة على إنتاج الحيوانات المنوية
القبض على حيوان منوي تحدى قوانين الفيزياء!
ترجمة: محمد الشرقاوي
تدقيق: يامن صالح
مراجعة: ميرڤت الضاهر
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.