هو وهى / النهار

‎كاردينال جون بول فيسكو في " كما يراها العالم اليوم": شهادة محبة ونداء للمصالحة بين ‎الذاكرة والتاريخ

نشر في 31 أكتوبر 2025 - 23:05

‎في حلقة استثنائية من برنامج “ كما يراها العالم اليوم”، الذي تبثه قناة النهار، استضافت الإعلامية هناء غزار بوعكاز رئيس أساقفة الجزائر الكاردينال جون بول فيسكو في حوار صريح وعميق حمل الكثير من الدفء الإنساني والجرأة الفكرية. للمرة الأولى، تحدث الكاردينال الفرنسي الذي اختار الجزائر وطنًا له منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا، عن تجربته في هذا البلد الذي يقول إنه منحه معنى جديدًا للحياة، والروح، والانتماء.

‎منذ بداياته في تلمسان، مرورًا بـ وهران، وصولًا إلى العاصمة الجزائرية، عاش الكاردينال فيسكو رحلة امتزجت فيها الإنسانية بالإيمان، وتجلّت فيها أسمى معاني التعايش والتسامح. واستذكر بفرحٍ غامر لحظته الأجمل في “الباهية وهران”، خلال الاحتفالية التي نظمتها السلطات الجزائرية في كنيسة سانتا كروز بمناسبة تطويب تسعة عشر راهبًا اغتيلوا خلال العشرية السوداء، مؤكدًا أنه لم يكن ليتخيل هذا القدر من التعاون الرسمي والاحترام المتبادل بين الديانات في الجزائر.
‎وفي حواره، كشف رئيس الأساقفة أن تسعة من كل عشرة زوارٍ للكنائس في الجزائر هم من المسلمين، مشيدًا بتسامح الجزائريين وقدرتهم على التعايش بسلام مع الآخر، مؤكدًا أن عدد زوار الكنائس بلغ نحو 350 ألف شخص سنويًا، في صورة حضارية تعكس نضج المجتمع الجزائري وتفوقه الأخلاقي على كثير من الصور النمطية السائدة في الغرب.
‎وفي أكثر تصريحاته جرأة، وجّه الكاردينال رسالة قوية إلى فرنسا، دعاها فيها إلى “الاعتراف بما خلّفته 130 سنة من الحرب في ذاكرة الشعب الجزائري”، معتبرًا أن سبب التشنجات السياسية المستمرة بين البلدين هو غياب المصالحة الحقيقية مع الذاكرة. وأضاف أن فرنسا، للأسف، “لم تكن في مقام الشعار الذي ترفعه على عملتها: الحرية، المساواة، الأخوة”، مشددًا على أن الاعتراف بالجرائم الاستعمارية حتى وإن تأخر يظل السبيل الوحيد لاستعادة الثقة بين الشعبين.
‎وتحدث الكاردينال عن لقائه بالرئيس عبد المجيد تبون، مستذكرًا أولى كلماته التي قالها له: “لدينا الكثير لنتحدث عنه كجزائريين”، وهي عبارة قال إنها لامست قلبه بعمق، لأنها حملت اعترافًا صادقًا بانتمائه الحقيقي إلى الجزائر. وأكد أن حصوله على الجنسية الجزائرية لم يكن مجرد حدث إداري، بل “إعلان محبة وانتماء”، جعله يشعر بأنه لم يعد أجنبيًا بين الجزائريين.
‎وفي سياق حديثه عن العلاقات بين الجزائر والفاتيكان، وصف زيارة الرئيس تبون إلى الفاتيكان بأنها كانت “مليئة بالمودة والعمق الإنساني”، قائلاً إنه شعر آنذاك “وكأن ابنين لعائلتين عريقتين يلتقيان بعد طول غياب”. وكشف أن البابا فرنسيس كان يأمل زيارة الجزائر، مضيفًا أن “من الجميل أن يرى البابا ليو الرابع عشر هذه الأرض التي تجمع الروح والتاريخ”.
‎وختم الكاردينال فيسكو حديثه بإشادة مؤثرة بالأمير عبد القادر الجزائري، واصفًا إياه بأنه “رجل صوفي، أديب، وشخصية مهيبة تجمع بين النبل والحكمة والتسامح”، معتبراً إياه أحد أعظم رموز الإنسانية في التاريخ الحديث.
‎بهذا الحوار النادر والعميق، قدّم البرنامج شهادة إنسانية راقية من رجل دين أجنبي اختار الجزائر وطنًا للقلب والروح، وعبّر من خلالها عن رؤية جديدة للعلاقات بين الشعوب، قوامها الصدق، والمصالحة، والاحترام المتبادل يذكر أن البرنامج يشرف عليه الزميل بونمري مسؤول القسم الثقافي بقناة النهار.

اقرأ أيضا

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة النهار ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من النهار ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا