أسوان - عبد الله صلاح
الثلاثاء، 06 مايو 2025 06:00 مفى جزيرة وسط النيل، حيث البيوت النوبية تقع على تلال المكان، بألوانها الزاهية ورسوماتها التراثية العريقة، تعكس تمسك أبناء النوبة بحضارة الأجداد وتاريخهم العريق، الذى صار فخراً يتباهون به أمام الضيوف وأصبح عنواناً للسياحة البيئية التى لا غنى عنها فى أسوان.
وعلى جزيرة هيسا النوبية، تزين بيت الحاج محمد متو، برسومات الزينة النوبية ومثلثات الكرم وكف الحناء، وتشير إلى المناسبة السعيدة التى يحتفل خلالها هذا الرجل النوبى مع أهالى الجزيرة بزفاف نجليه "رجب ومنتصر".
"اليوم السابع" تعايشت مع الأجواء النوبية على جزيرة هيسا ورصدت عدسة الكاميرا، مشاهد الاحتفال بيوم الحنة النوبى، والذى يبدأ بالكرم وذبح الذبيحة وينتهى بالغناء والاحتفالات حتى صباح اليوم التالى.
ومع دقات الساعة السابعة صباحاً استيقظ أهالى الجزيرة ونظفوا الشوارع وجهزوا بيت الحاج محمد متو، ووقف الرجال بجلابيبهم البيضاء ينتظرون "الجزار"، الذى سيقوم بذبح "العجل" المخصص لوليمة العرس، وتجمع الرجال والنساء والأطفال يراقبون المشهد، ومسك العريسان السكين لذبح العجل بأنفسهما، ومعها تعالت أصواتهم بالمباركات وإطلاق زغاريد النساء ابتهاجاً بهذه المناسبة السعيدة.
ووقف عادل روسى، من أهالى جزيرة هيسا ومن أهل العريسين، يملأ كفيه بدماء الذبيحة ويطبع كفوف الدم، على صدر العريس الأول "منتصر" والعريس الثانى "رجب"، ثم فعل نفس الفعل مع أقارب العريسان وأحبابهم، وعندما سألنا "روسى" عن هذا الفعل، أجاب أنها عادة من عادات النوبة القديمة، التى يعتقد بأنها تمنع الحسد وتصد الشر، لذلك تنتشر على البيوت النوبية رسومات الكفوف "خمسة وخميسة".
على عبد الستار ماجد الشهير بين أبناء جزيرة هيسا بـ"على متو"، تابع الحديث عن أفراح النوبة قائلاً: يأتى الناس فى يوم الذبيح - وهو ليلة الحنة أو اليوم الذى يسبقها - إلى بيت العريس، ليشاركوا أهل الفرح إعداد الإفطار الجماعى وتجهيز ولائم العرس، فتجلس النساء لإعداد "الكبدة" وتقطيعها للفطور بينما يذهب مجموعة أخرى من السيدات لوضع صوانى الأكل مرصوصة فى مكان واحد ليتم وضع الأكل عليها، ثم يأتى الشباب لحمل الصوانى وتقديمها للمعازيم.
ومن عادات أفراح النوبة فى جزيرة هيسا، كما ذكر "على متو"، أن العريس يخرج قبل زفافه بأسبوع إلى القرى النوبية ليعلن معازيم الفرح عن موعد زفافه ويصل فى دعوته إلى قرى نصر النوبة حتى أبعدها مثل الدكة وأبوسمبل التهجير، وفى نفس اليوم بالمساء، يقوم الشباب أصدقاء العريس بعمل زفة واحتفال صغير بالعريس، وفى اليوم الثانى يستكمل دعوات العرس بالقرى النوبية القريبة بنطاق مدينة أسوان مثل الجزيرة والشلال وغرب سهيل وصحارى وغيرها.
ومن أغرب هذه العادات، كما يحكيها "متو"، أن أم العريس أو أخته فى يوم الذبيح تصنع عقد من النقود الورقية، الخاصة بنقوط الفرح، سواء فئة الجنيه أو الـ10 جنيهات أو الـ20 أو الـ100 أو حتى العملة الأجنبية الدولارات بحكم الجزيرة تستقبل أفواج سياحية أجنبية، وتعلقها على رقبة العريس، وتلف بين السيدات وهى تقول "إن شاء الله كو" بالنوبى، أو عقبال عندكم.
وعن طريقة دفع نقوط الفرح، تجلس أم العريس أو سيدة تنوب محلها، على أريكة المنزل، وفى يدها دفتر وصندوق لتسجيل أسماء الذين يقومون بدفع نقطة العريس والعروسة وتضع الفلوس فى الصندوق الخشبى المصمم على الطراز القديم، وبجوارها أيضاً سلة بها أكياس من الحلوى والمسليات، لتضع يدها داخل السلة وتخرج كيساً وتهدى به "المنقطين" فى الفرح وكذلك تملأ طبقاً من المسليات وتقدمه، ويسمى ذلك بـ"الأسليه".
قالت أم شهاب، سيدة نوبية من أهالى جزيرة هيسا: نرحب بالضيوف ونستقبلهم، ونضع نقطة الفرح فى الصندوق، وهو صندوق متوارث من الجدات النوبيات وجرت العادة على استقبال نقوط الفرح فى هذا الصندوق، مضيفة أن أقل نقوط فى الوقت الحالى ممكن يكون 10 جنيهات ويصل أعلى نقوط إلى 1000 جنيه، حسب مقدرة كل شخص، ويستمر النقوط على مدار يومين.
وأكد الحاج محمد متو، والد العريسين، أن جزءا كبيرا من طقوس وعادات أفراح النوبة القديمة لا تزال تقام فى الأفراح الحالية، وكان جده الذى جسد فيلماً تسجيلياً بعنوان: "آخر عمدة فى بلاد النوبة" والذى كان يحكى فيه عن مهور العرسان فى بلاد الدهب القديمة قبل بناء السد العالى وارتفاع منسوب مياه النيل وغرق البلاد النوبية، فكان العريس يكسى زوجته بالذهب ويغطى يديها وقدميها بالذهب، ويستبدل أسنانها بالذهب وكان يهديها "القمر بوبة" من الذهب، وكان الذهب متوافر بشكل كبير لذلك أطلقوا على بلاد النوبة أرض الذهب.
وذكر والد العروسين، قصة الزواج النوبى من أول بناء البيوت على شكل القبب، التى تمثل الشعور بالدفء فى الشتاء والترطيب فى الصيف، وتزين هذه القبب والجدران بالزخارف والرسوم، وكانوا يحرصون على الإكثار من رسم المثلثات النوبية، التى تشير إلى معنى "النظرة والابتسامة" فى استقبال ضيوف أهل النوبة والحرص على إكرامهم بشتى أنواع الكرم.
وتابع والد العريسين، الحديث عن الزفاف النوبى قائلاً: "قديماً لم يكن فى النوبة مكبرات صوت أو هواتف محمولة، وكان الناس يعتمدون على أصواتهم، فينادى أحدهم على الآخر فى البر الثانى من النيل، ويقول له: يا فلان أن فلان ابن فلان سيتزوج من فلانة بنت فلان والزفاف يوم كذا.."، وكذلك يرسلون الخطابات ودعوات الفرح المكتوبة.
وعن حنة العريس، أوضح مصطفى عبد العزيز أو "نورى" كما هو مشتهر بين أهل الجزيرة، أن الحنة جزء أساسى من أفراح النوبة، وكان ثبت الحناء قديماً يصاحب زفة العروسان فى يوم الحناء، وسط طبول وغناء الأهل والجيران والأحباب فى النوبة، وهذه العادة لا يزال يحافظ عليها بعض أهل النوبة حتى اليوم، ومن الأغانى التراثية التى لا تزال تردد فى أفراح النوبة: "الليلة الحنة وبكره الدخلة زغرتوا يا بنات"، وكانت "الكوشة" تكتسى بسعف جريد النخيل، ويتحنى العريس بالحناء أيضاً بدون رسوم وأصدقائه يملئون ظهره بالحناء وكفوف يديه.

إعداد-ولائم-الفرح

أفراح-النوبة

السيدات-ترش-الملح-لمنع-الحسد

السيدات-يراقبن-عملية-الذبح

العريسان

العريسان-والأهل

أم-العريس

أهل-النوبة

بنات-أطفال-النوبة

تجمع-الأهل-لحضور-الذبيح

تجهيز-الكبدة-للإفطار

تجهيز-المكان

جانب-من-الفرح-النوبى

جزيرة-هيسا-النوبية

جزيرة-هيسا-من-النيل

حنة-العروسة

ذبح-الذبيحة

صحفى-اليوم-السابع-مع-أهل-النوبة

صندوق-النقوط-وأم-العريس

صوانى-الإفطار-فى-يوم-الذبيح

طبق-الأسليه

كتابة-النقوط

مطبخ-السيدات-فى-النوبة

نقوط-الفرح
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.