مقدمة من سطر واحد : لو جائني هذا المقال من الجن الأزرق مانشرته . لإنه يطرح تصورا مستحيلا . لكن المقال جاءني من السيد هاني الخبير في الشؤون الخارجية ، الذي يعرف عن قرب مصادر وثيقة في صنع القرار وتحليل الأحداث . وله قراءات عميقة علي كل مستويات السياسة الخارجية . وله دراسات ومقابلات وحوارات ممتده من مستوي رؤساء الدول الي وزراء الخارجية .
تأملوا المقال بالبصيرة والبصر ..
هل شاركت إيران فى اغتيال اسماعيل هنية ..؟
————————————
السيد هانى ..
————————————
احتمالان لا ثالث لهما فى عملية اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس ؛ فى العاصمة الإيرانية طهران ..!
– الإحتمال الأول أن تكون هذه العملية تمت بالتنسيق بين إسرائيل وإيران .. ومباركة أمريكية .. مقابل حصول إيران على مكاسب سياسية فى عدد من الملفات .. تتعلق بالعقوبات المفروضة عليها وأموالها المجمدة .. وحظر تصديرها النفط ..
فضلا عن أن إيران أصبح لها مصلحة فى إنهاء العلاقة مع حركة حماس .. بعد أن استنفدت الأغراض التى من أجلها كانت تقوم إيران بتقديم الدعم المالى والعسكرى لحماس .. وهى أن تكون ذراعها العسكرى فى هذه المنطقة .. قطاع غزة .. ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة ؛ التى يمكن أن تستخدمها إيران فى إزعاج إسرائيل أو مصر إذا لزم الأمر ..
الآن .. بعد الدمار الكبير الذى لحق بقطاع غزة .. والسيطرة الإسرائيلية على القطاع .. والمآسى المروعة التى لحقت بسكانه .. والموقف الدولى من حركة حماس وتصنيفها على أنها “منظمة إرهابية” .. ولأسباب كثيرة أخرى يطول شرحها .. لم يعد بمقدور حركة حماس العودة إلى قطاع غزة .. وإدارته كما كان الحال قبل يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ .. بالتالى لم تعد قادرة على القيام بوظائفها السابقة كأحد أذرع إيران العسكرية فى المنطقة ..!
هذا يعنى أن حماس أصبحت من الآن فصاعدا .. تشكل “عبئا” على إيران .. ماليا وسياسيا ..
وبما أن إيران تعيش أزمة اقتصادية خانقة .. إذن يصبح من مصلحتها التخلص من هذا “العبئ” المالى الذى تشكله حركة حماس على إيران .. لاسيما أن “التضحية” بها يمكن أن يجلب لإيران “مكاسب” فى ملفات عديدة مع الدول الغربية ..
* يقوى من هذا الإحتمال .. أن التنسيق المشترك بين إيران وإسرائيل .. قائم وموجود وحاضر دائما .. وقد تجلى فى أحد مظاهره فى أبريل الماضى .. عندما أبلغت إيران إسرائيل .. بأنها تنوى مهاجمتها يوم ١٤ أبريل .. من باب حفظ ماء الوجه فقط ردا على قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية فى دمشق وسقوط ٧ قتلى من الإيرانيين تحت هذا القصف .. حيث قامت إيران بإرسال كشف إلى إسرائيل يتضمن كل البيانات الخاصة بالهجوم الذى تنوى القيام به .. من حيث التوقيت .. وعدد المسيرات والصواريخ التى ستستخدم فيه .. والمسارات التى ستسلكها خلال المسافة من إيران إلى إسرائيل .. ونوع الذخيرة التى ستحملها .. والأهداف التى ستوجه إليها .. وصلت هذه المعلومات إلى إسرائيل قبل بدء الهجوم الإيرانى بوقت كاف .. مما مكن اسرائيل بالتوظيف السياسى لهذه العملية قبل أن تبدأ .. فاشتركت معها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فى التصدى للهجوم الإيرانى .. حتى أصبح هذا الهجوم مادة للتهكم على وسائل التواصل الإجتماعى فى كل ارجاء العالم ..!!
* لقد أدركت إسرائيل من ذلك .. مدى خوف إيران من الدخول فى حرب عسكرية مباشرة مع إسرائيل .. لذلك فقد استأذنتها .. قبل القيام بعملية لحفظ ماء الوجه فقط ردا على قيام إسرائيل بنسف القنصلية الإيرانية فى دمشق .. بالضبط كما فعلت إيران من قبل عندما .. عندما استأذنت الولايات المتحدة الأمريكية فى القيام بعملية صورية فقط ؛ بقصف إحدى القواعد الأمريكية فى شمال العراق .. ردا على اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليمانى .. وذلك من باب حفظ ماء وجه إيران أمام شعبها وحلفائها فى المنطقة .. فوافقت الولايات المتحدة وقامت بإخلاء القاعدة العسكرية من جنودها وموظفيها قبل الهجوم الإيرانى على القاعدة .. بالطبع لم يسقط أحد من الأمريكيين فى هذا الهجوم .. ثم خرج الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب ليعلن أمام وسائل الإعلام .. تفاصيل الإتصالات التى جرت بين الولايات المتحدة وإيران .. والتنسيق المشترك .. الذى تم بموجبه الهجوم الإيرانى على القاعدة الأمريكية فى شمال العراق ..
* إذن .. فالتنسيق المشترك بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة قائم وموجود وحاضر دائما .. وأثبت نجاحه فى عمليات كثيرة سابقة ..
* يقوى من احتمال مشاركة إيران فى اغتيال اسماعيل هنية .. ذلك الغموض الذى أحاط بالعملية .. فلم تنشر إيران .. حتى الآن .. أية صور خاصة بهذه العملية .. سواء صورة المقر الذى كان يقيم فيه الذى تم نسفه .. أو غيرها من الصور ..
* فإذا أضفنا إلى ماسبق ان اسماعيل هنية .. شخصية قيادية كبيرة لها وزنها السياسى .. وقتله كان هدفا مشروعا للموساد الإسرائيلى دائما .. لذلك ففى كل زياراته إلى طهران كان يحظى بحراسة مشددة من الحرس الثورى الإيرانى .. حيث كان يرافقه دائما طوال الزيارة طاقم أمنى مسلح بأحدث أنواع الأسلحة والعتاد العسكرى المتطور .. ولم يكن اسماعيل هنية ولا أحد من مرافقيه يعلمون شيئا عن محل إقامتهم فى طهران .. الذى كان دائما .. فى أحد بيوت الإقامة السرية الموجودة داخل مناطق الحرس الثورى الإيرانى .. والمخصصة لكبار الزوار .. والمحمية بكل وسائل الحماية المشددة .. بدءا من المدافع المضادة للطائرات .. إلى الأنظمة المضادة للصواريخ .. وكذلك أسراب الطائرات المسيرة ..
* وكانت المعلومات الخاصة بمكان مبيت إسماعيل هنية فى طهران .. هى دائما محصورة فى أضيق نطاق .. لا يخرج أبدا عن مكتب المرشد وقائد الحرس الثورى الإيرانى ورئيس جهاز المخابرات ..
* لكن إيران فى هذه المرة .. نقلت مقر إقامة إسماعيل هنية إلى منطقة تقع شمال العاصمة طهران .. فى منزل من المنازل المخصصة لقدامى المحاربين .. لم يحدث أن أقام فيه هنية من قبل .. ويبدو أن طاقم الحراسة المرافق له من الحرس الثورى الإيرانى .. قد غادر المكان بعد أن أوصل هنية إلى هذا المنزل بوقت قصير .. قبل بدء عملية الهجوم .. وترك هنية وحارسه الشخصى .. يلقون حتفهم داخل هذا المنزل .. حوالى الساعة الثانية صباحا بتوقيت إيران ..!!
* مازالت أمامنا علامات استفهام كثيرة حول الكيفية التى تم بها اغتيال اسماعيل هنية ..
* هل تمت بواسطة صاروخ أطلق من غواصة تقف فى المياة الإقليمية لطهران .. كما تقول بعض التقارير ..؟
* أم تمت بواسطة صاروخ تم إطلاقه من إحدى الدول المجاورة لطهران ..؟
* أم تمت بواسطة صاروخ أطلق من داخل إيران نفسها ..؟
* أم تمت بواسطة وضع عبوة ناسفه داخل المنزل وتفجيرها عن بعد ..؟
* أم تم اغتياله بإطلاق الرصاص عليه مباشرة أثناء نومه .. وكذلك على حارسه الشخصى الذى كان ينام فى الطابق العلوى من البيت ..؟
* أسئلة كثيرة .. ستظل مطروحة بقوة على عملية اغتيال إسماعيل هنية فجر يوم الاربعاء ٣١ يوليو ٢٠٢٤ .. لاسيما فى ظل حالة الغموض التى مازالت تحيط بهذه العملية من جوانب كثيرة ..!
* * *
أما الإحتمال الثانى .. وهو أن عملية اغتيال إسماعيل هنية تمت من وراء ظهر إيران .. فهذا يعنى أن إيران أصبحت مخترقة من الموساد الإسرائيلى على أعلى المستويات .. بما فى ذلك الدائرة الضيقة حول المرشد على خامنئى .. وقيادة الحرس الثورى .. وجهاز المخابرات الإيرانى نفسه .. وهى الدائرة التى كان محصورا فيها عنوان محل إقامة إسماعيل هنية .. وساعة وجوده فى المكان قبل القصف ..
* ولابد ان يلفت نظرنا .. ماذكرته بعض التقارير .. من أن الصاروخ أصاب جسد إسماعيل هنية شخصيا .. هذا يعنى أن عملية الإغتيال تمت بواسطة أشعة الليزر والأقمار الصناعية .. التى تحقق دقة متناهية لوصول الصاروخ إلى هدفه ..!!
* ولابد أن نتساءل أيضا .. إذا كانت عملية اغتيال اسماعيل هنية قد تمت من وراء ظهر النظام الرسمى فى إيران .. بواسطة عملاء وخونة وجواسيس .. فأين كانت المضاد الأرضية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.