عقارات / متر مربع

أنبا إرميا : الحلوة “قال الجاهل … ليس إله”

أنبا إرميا

الحلوة “567”
“قال الجاهل … ليس إله”

​تحدثت المقالة السابقة عن الحرية الوهمية التي حاولت تغليف حفل افتتاح الدورة الأولمبية في “باريس”، في محاولة من قوى الشر لجذب البشر بعيدًا عن الله – والشيطان لا هم له سوى أن يجذب البشر معه في رحلة إلى الهاوية – دون مراعاة لحريات الآخرين، وفي ربط غير مبرر بين الألعاب الرياضية والمقدسات الدينية المَسيحية أو غيرها، من خلال شخصيات متحولة جنسيًّا قدمت إيحاءات جنسية صادمة!!!

 

إن الشيطان، ذٰلك الأسد الزائر الذي يريد أن يبتلع البشر، لم يتوقف عن أية وسيلة للإيقاع بالإنسان في دائرة الهاوية المظلمة؛ فعلى مر التاريخ والأزمان حاول أن يغفل أعين البشر عن وجود الله، إما بأفكار وفلسفات تدعو إلى الإلحاد وإنكار وجوده ورفض حضوره في حياة البشر،

 

فقال الكتاب: “قَالَ ٱلْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: «لَيْسَ إِلٰهٌ». فَسَدُوا وَرَجِسُوا بِأَفْعَالِهِمْ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا” (المزمور ١٤: ١)، وإما بتهيئة العقول لقبول أفكار غريبة تسعى لمحو قيمة الأديان والوصايا الإلٰهية من القلوب من أجل الوصول إلى عالم بلا ضوابط أو قيم!!! حتى إن الكتاب قد سبق وحذر: “لَهُمْ صُورَةُ ٱلتَّقْوَى، وَلٰكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هٰؤُلاَءِ” (٢ تيموثاوس ٣: ٥).

 

ومن تلك الأفكار التي تحاول هدم قيم الإنسان الروحية والأخلاقية، الفكر المثليّ الذي يحاول خداع العالم باسم “الحرية”!!! وبدايةً أود أن أوضح مبدأً مهمًّا تعلمناه من السيد المسيح: أننا لا نكره ولا نرفض الخاطئ، بل نكره ونرفض الخطيئة التي تفصل الإنسان عن الله: “هَا إِنَّ يَدَ ٱلرَّبِّ لَمْ تَقْصُرْ عَنْ أَنْ تُخَلِّصَ، وَلَمْ تَثْقَلْ أُذُنُهُ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ. بَلْ آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِلٰهِكُمْ، وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لَا يَسْمَعَ” (إِشَعْياء ٥٩: ١-٢).

 

وفي نظرة سريعة، نرى أن الكتاب بعهديه القديم والجديد يدين ويحذر ويَنهى عن العلاقة بين اثنين من الجنس نفسه، فمن العهد القديم: “لَا تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ ٱمْرَأَةٍ” (اللاويين ١٨: ٢٢)، “وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ ٱضْطِجَاعَ ٱمْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلَا كِلَاهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا” (اللاويين ٢٠: ١٣). وفي العهد الجديد: “لِذٰلِكَ أَسْلَمَهُمُ ٱللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى ٱلنَّجَاسَةِ، لِإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. ٱلَّذِينَ ٱسْتَبْدَلُوا حَقَّ ٱللهِ بِٱلْكَذِبِ، وَٱتَّقَوْا وَعَبَدُوا ٱلْمَخْلُوقَ دُونَ ٱلْخَالِقِ، ٱلَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى ٱلْأَبَدِ. آمِينَ. لِذٰلِكَ أَسْلَمَهُمُ ٱللهُ إِلَى أَهْوَاءِ ٱلْهَوَانِ، لِأَنَّ إِنَاثَهُمُ ٱسْتَبْدَلْنَ ٱلِاسْتِعْمَالَ ٱلطَّبِيعِيَّ بِٱلَّذِي عَلَى خِلَافِ ٱلطَّبِيعَةِ، وَكَذٰلِكَ ٱلذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ ٱسْتِعْمَالَ ٱلأُنْثَى ٱلطَّبِيعِيَّ، ٱشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ ٱلْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلَالِهِمِ ٱلْمُحِقَّ” (رومية ١: ٢٤-٢٧)، “لَا تَضِلُّوا: لَا زُنَاةٌ وَلَا عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلَا فَاسِقُونَ وَلَا مَأْبُونُونَ وَلَا مُضَاجِعُو ذُكُورٍ … يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱللهِ” (١ كورنثوس ٦: ٩-١٠)؛

 

وهٰكذا نرى أن كلمة الله تدين الشذوذ، وتعاقب وتحذر الشواذ، وتعلن بوضوح أن الشذوذ رِجْس، وأن ما يدّعونه من أن الكتاب يشجع على الجنسية المثلية ويغفرها أمر غير حقيقيّ، إنما هو خداع للذات وللآخرين، وأفضل مثال عليه هو مدينتا “سَدوم وعَمورة”.

 

إن مشكلة مدينتي “سَدوم وعَمورة” كانت “الشذوذ الجنسي”، فيقول الكتاب: “أَحَاطَ بِٱلْبَيْتِ رِجَالُ ٱلْمَدِينَةِ … فَنَادَوْا لُوطًا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ ٱلرَّجُلاَنِ ٱللَّذَانِ دَخَلَا إِلَيْكَ ٱللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا». فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لُوطٌ إِلَى ٱلْبَابِ وَأَغْلَقَ ٱلْبَابَ وَرَاءَهُ وَقَالَ: «لَا تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي …”. (التكوين ١٩: ٤-٧)، أما أمام الله فكان خطيئة أهلهما عظيمة جدًّا: “وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ، وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدًّا” (التكوين ١٨: ٢٠)؛ وكان الحكم نهاية المدينتين بالنار والكبريت.

 

وفي ، إن أراد أولٰئك الشواذ الإصرار على أفكارهم وممارساتهم التي يرغبونها، فهٰذا شأنهم واختيارهم، وعليهم أن يتحملوا تبعات هذا الاختيار من إدانة له في الكتاب، وحُكم الله عليهم بالهلاك. أمّا ما هو ليس من حقهم، فهو سعيهم لنشر أفكارهم بكل ما أوتوا من قوة وسلطة، بل سعايتهم الحثيثة على فرض قَبول تلك الأفكار على الآخرين، في تبجُّح تام واستهانة كاملة بحرية الاختيار في القبول أو الرفض! فإن كان يريدون حياةً هٰكذا بممارسات شاذة، فليس لهم أيّ حق في فرض هذا النمط المنفلت على العالم بأسره!!!

 

لا شك أن العالم أمام محاولة: لتخريب النظام الإنسانيّ الذي خلقه الله للطبيعة البشرية وفطرها عليه، ولمحو الأديان ضوابط هٰذا النظام وحراسه ورعاته؛ محاولة تستهدف خلق نظام عالميّ جديد بلا هُوية أو مرجعية!
و… والحديث في “مصر الحلوة” لا ينتهي!
الأسقف العام
رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا