حمدي رزق
طيب الذكر العميد سامى عبدالعزيز
لم يستغرق اللقاء الأخير مع أستاذى الدكتور «سامى عبدالعزيز» سوى دقائق معدودة. لفتنى ظهوره فى معرض الكتاب، كان يقلب فى العناوين، يبحث عن عنوان كتاب شغله، اتجهت إليه، بشَّ وهشَّ، وكان عناقًا حارًّا على شوق، سبحان مَن له الدوام، وكأنه كان العناق الأخير.
الكتابة عن طيب الذكر صعبة، الفراق صعيب على المحبين، وكان بيننا ما يشبه الوِرد الصباحى، والوِرد هو ما اعتاده الشخص بشكل يومى ومنتظم.
كان يبكر مثلى كالعصافير، يسبق شروق الشمس، يفضل أن يستقبل أشعتها طازجة، يستقبل نور الصبح يصحى الفجر بنفس راضية، ويرسل للأحبة أجمل الكلمات.
فى حياتنا ناس جميلة، نفتقدها، كانت روحه طيبة، يلون صباحات محبيه بالبهجة، وكنت أرد مغتبطًا بوردة منتقاة من بستان المحبة، يغتبط بالورود كثيرًا، فيفيض قلبه بالمحبة.
سأفتقد تعليقاته على فيض خاطرى، الكتابة كما يخبرنا العم «صلاح دياب» من فيض الخاطر، والفَيْضُ بمعنى الكثير الغزير، فيوضات طيب الذكر الدكتور سامى كانت فيوضات صباحية.
مَن علمنى حرفًا، وهو مَن علمنى الحروف كلها، كان أستاذًا لجيلى فى كلية الإعلام، وتخرج على يديه عديد من الأعلام، يذكرونه بكل خير.. ويقينًا صدمهم خبر الرحيل الحزين.
الكتابة فى محبة طيب الذكر الدكتور سامى عبدالعزيز فرض عين على المحبين، ونجتهد لتأدية الفروض جميعًا، نعوض تقصيرًا فى حقه، ونتذكر طيب ذكراه.
وكأنه سرادق إلكترونى، تلون «التايم لاين» بالحزن الشفيف، والفيس بوك صفحاته الحزينة مزينة بصورته، وتغريدات شتى على «إكس»، فجعها خبر رحيله، سبحان مَن له الدوام.
مات راضيًا مرضيًّا، شاء الله أن يمضى مغتبطًا، نال جائزة الدولة التقديرية، أسعدته، تقدير مستحق، كان يستحقها منذ زمن بعيد، كله بأوانه.
جائزة الدولة التقديرية استحقاق للدكتور سامى عبدالعزيز، أستاذنا فى كلية الإعلام. كم أسعدت المحبين. تعويض عما فاته من تكريم مستحق، وَرَد اعتبار لمَن اجتهدوا فى عملهم، وأخلصوا لوطنهم، ولم يَمُنُّوا على أحد، بذلوا ولم يُتبعوا ما أنفقوا من أعمارهم فى خدمة الوطن مَنًّا وَلَا أَذًى، ظلوا على العهد حامدين شاكرين صابرين محتسبين.
كثيرون كانوا يعرفون الدكتور الشهير سامى عبدالعزيز من إطلالاته التلفزيونية، وكنت ألقبه بـ«العميد»، ثلة من المحبين مَن لمست مفاتيح شخصيته عن قرب، كم كان وادعًا، صوته خفيض بعامة، عالٍ فى حق الوطن، ومفتاح قلبه الموهبة، يقدر الموهوبين، ويعطف على المبدعين، ولا يبخل بالنصيحة على طلابه الدارسين، ونِعم المعلم فى محرابه.
ويقف فى الصف الوطنى محاذيًا عند عزف النشيد، ويلهج لسانه بلادى لكِ حبى وفؤادى، ولم يقنط يوم ادلهمت الخطوب، ولم يحزن يوم نكران الجميل، ولعق جراحه برطب لسانه، وطابت نفسه دومًا، وعاد سيرته الأولى معلمًا ومبدعًا، ومحبًا للخلايق، مبتسمًا فى وجه مصر الصبوح، ويُصبِّح على أحبابه بوردة وجملة موحية بالأمل.
جائزة الدولة التقديرية، وإن تأخرت عليه، لم يطلبها، ولكنها اختارته، كافأته على حسن الصنيع، والإخلاص فى العمل، والدأب فى طلب العلم، ومؤلفاته الملهمة إعلاميًّا.
العميد سامى عبدالعزيز، الله يرحمه، كان مدرسة إعلامية متطورة تمزج بين الأكاديمى نظريًّا والتطبيقات العلمية، ولا يبارى فى تخطيط الحملات الدعائية كفن مسيس، ندرة من بين الأكاديميين مَن جمعوا بين العلم والحياة التى عاشها العميد سامى باستشراف المزيد من الإبداع، عاش مبدعًا، وفى موته صمت مبدع بليغ.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة متر مربع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من متر مربع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.