سيدتي ، بعد التحية والسلام أتمنى أن يكون ندائي هذا بمثابة العبرة للعديد من الأباء الذين يقرأون محتوى هذا المنبر، حيث أنني من أشدّ الواثقات من أني سأجد على يديك ما يبدد حيرتي وينير عتمتي.
سيدتي، أنا شابة مفجوعة وقلبي على المحك، كيف لا وقد تحوّل والدي إلى جلاد لا يرحم. صحيح هو رجل متعنت ومتغطرس، لم يمنحنا أبدا أنا وأمّي وإخوتي ما يكفينا من الحنان والإحتواء. عشنا إلى جانبه في كنف الضغط والهوان، حيث أنه بالرغم من إمكانياته إلا أنه بخل علينا بالكثير وحتى اليسير. وجدنا سلوانا أنا وأخواتي في الدراسة وعولنا على الأقل أن ننجح في سبيل إسعاد أمنا التي لا حول لها ولا قوة. نبذل قصارى جهدنا بالرغم من قلة الإمكانيات وصعوبة الظروف، ولأني أكبر إخوتي فأنا الأمل الذي تنتظر والدتي أن يتحقق بنجاح أثلج به صدرها. لكن….سيدتي فبعد إنتهائي من إجتياز إمتحان شهادة البكالوريا، وجدت أبي وفي أخر يوم يخبرني من أنه قررّ تزويجي في حالة عدم نيلي للشهادة، مقسما أنه لن يكون بوسعه أن يتساهل معي ويتركني أعيد السنة.
صدقيني سيدتي لست مثالا للفتاة السيئة الأخلاق ولا للمتعبة ولا المتطلبة، ومسألة أن يقوم والدي بتزويجي وأنا في السابعة عشرة من عمري أمر خلق في قلبي الهلع والخوف، فكيف لأب عاقل أن يرمي بفلذة كبده التي لم تنل يوما من حنانه أو حبه؟ أنا مرهقة وقلبي ممزق من شدة الحسرة على أمي. التي لم تجفّ دموعها منذ أن سمعت بقرار أبي الجائر.
وعوض أن أفكر في ايام عطلة مريحة، وعوض أن أخمّن في أشياء أخرى، تجديني اليوم أطلب الله أن يأخذني إلى جواره حتى أرتاح، فحتى مسألة نيلي للشهادة غير وارد كوني محدودة المستوى، كما أن مسألة أن أعيد السنة غير واردة في قاموس والدي المتغطرس سامحه الله.
أنا في دوامة لا يعلمها إلا الله، ومهما عبرت لك سيدتي عن إنكساري فإنه لا يمكنني أن أوفيك ما أحسّ به. دليني على ما من شأنه أن يرفع من معنوياتي ويريحني، فأنا بأمسّ الحاجة إليك.
أختكم ش.ميساء من الغرب الجزائري.
الرد:
بنيتي، أنا في أسف شديد وكبير مما تعانيه، حيث أن فتاة في مثل سنك جدير بها ان تحيا السعادة والحبور في كنف والدها، كيف لا وهي البنت البكر لأبيها الذي يجب أن يضع نصب عينيه أن يقدرها ويحتويها لا أن يدفع بها إلى الحيرة والأسى.
كسر والدك كلّ قواعد الحب الواجب أن يكون بينه وبينكم أنتم اسرته وأهله، حيث أنه تسلط عليكم بالغطرسة والعنجهية بالقدر الذي جعل الأجواء محمومة ومكهربة في بيتكم وعلى الدوام. أحسّ بما تكابدينه أختاه وأفهم مدى خطورة الأمر، لكنني أواسيك بأن لا تضخمي الأمور وتمنحيها حجما أكبر من حجمها، حيث أنك لم تذكري أن هناك من تقدم إلى طالبا يدك، فلمن سيزفك عروسا يا ترى؟ كذلك وعلى ما يبدو أن والدك من النوع الذي يستخسر أن يراك أنت وأمك فرحة، ولعلّ هذا ما يجعله يتصرف بمثل هذا التصرف، حيث أنّه يكسر عليكم أنت وأخواتك وأمك كل الأجواء الطيبة والحميمية بأخباره التي تقض مضجعكم وتشتتك أكثر فأكثر ولك مطلق الحق في أن أطلقت عليه لقب الجلاد.
لكن من جهة أخرى، لم تذكري أختاه أنك طلبت من أحد معارفكم أو من أحد كبار العائلة العون والمساعدة، حيث أنه تدخّل شخص يكبر والدك سيجعله نوعا ما يغير من رأيه أن ينثني عن قراره غير الصائب في أن يضحي بك أنت أكبر بناته فقط ليرضي غروره.
كما لا يفوتني أن أنصحك إبنتي بكسر جدار الجليد الذي يميّز علاقتك بوالدك من خلال التقرب منه، أي نعم سيصدك مرة ومرتين، لكنه سرعان ما سيلين قلبه تجاهك إنم أنت عرفت كيف تتغلغلين إليه باللطف واللين، صحيح أن فاقد الشيء لا يعطيهـ،لكنني أحسّ أن النشأة التي نشأ عليها والدك هي من جعلته يتصرف معكن أنت وأخواتك وأمك بالتعصب والغطرسة، فلو كان قد نشأ على الحنان، لكان سقاكم به لا محالة. تأملي خيرا، فقد تنالين شهادة البكالوريا وتنجحين وبالتالي يكون لحياتك منحى أخر يتمثل في الدراسة الجامعية التي ستفتح أمامك أبواب وأفاق عديدة. أتمنى لك التوفيق وسداد الرأي وجعل الله لم مخرجا من هذه المحنة.
ردت: س.بوزيدي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة النهار ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من النهار ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.