رياضة / اليوم السابع

نجوم خارج القطبين.. "محمد عمر" مسيرة ذهبية لقائد أضاء سماء الكرة المصرية

في زحام الأضواء التي تسطع فوق القطبين، حيث يحكم الأهلي والزمالك قبضتهما على المشهد الكروي المصري، هناك نجوم اختاروا دربًا مختلفًا، طريقًا وعرًا لكنه أكثر نقاءً، بعيدًا عن ضجيج الديربي، وصخب الجماهير المنقسمة بين الأحمر والأبيض، هم أولئك الذين تحدّوا القاعدة، ورفضوا أن يكون المجد حكرًا على من ارتدى قميصي القلعتين، فكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجلات الكرة المصرية دون أن يطرقوا أبواب الجزيرة أو ميت عقبة.

من ملاعب الأقاليم إلى المدرجات الصاخبة، من الفرق الطموحة إلى المنتخبات الوطنية، صعد هؤلاء اللاعبون درجات المجد بعرقهم، فجعلوا الجماهير تهتف لهم رغم غيابهم عن معترك القطبين، حملوا شرف التحدي، وواجهوا إرثًا ثقيلًا يربط النجاح بألوان بعينها، فكسروا القواعد وغيّروا المفاهيم، وأثبتوا أن النجومية لا تُصنع فقط في مصانع الأهلي والزمالك، بل قد تولد من شوارع المحلة، أو أسوار الإسماعيلي، أو على شواطئ الإسكندرية وبالقرب من ميناء بورسعيد، في شمال وجنوبها، أو حتى بين جنبات أندية لم تعتد رفع الكؤوس، لكنها عرفت معنى صناعة الأساطير.

محمد عمر.. مسيرة ذهبية لقائد أضاء سماء الكرة المصرية

في شوارع سيدي جابر بالإسكندرية، حيث كانت الكرة الشراب هي لغة الطفولة وشغف الصِغار، بزغ نجم الطفل محمد عمر، الذي خطّ لنفسه مسيرةً ذهبية جعلته أحد أعظم رموز نادي الاتحاد السكندري عبر العصور، فكان المدافع الصلب، والقائد الذي لا يُهزم، والنجم الذي ظلّ وفيًا لفريقه رغم إغراءات القطبين الكبيرين.

 

لم يكن يدري الفتى الصغير أن مباراة عابرة في ملعب المنشية ستغيّر مجرى حياته إلى الأبد، حينما وقعت عينا الكشاف عم ورداني – عامل غرفة الملابس بنادي الاتحاد السكندري – على تلك الموهبة الفريدة، وكأن القدر كان يُمهّد الطريق للأسطورة، اصطحبه الكشاف إلى النادي وعمره 15 عامًا فقط، ليبدأ رحلته مع قطاع الناشئين تحت قيادة المدرب فؤاد مرسي.

 

وسرعان ما أثبت محمد عمر نفسه ليتم تصعيده إلى الفريق الأول في عام 1977، حيث وجد نفسه بجوار عمالقة مثل شحتة، بوبو، البابلي، الجارم، ورزق نصار، ليبدأ مشوارًا حافلًا بالعطاء والتألق.

 

في موسم 1977، جاءت اللحظة التي لا تُنسى.. أول ظهور رسمي مع الفريق الأول أمام الأهلي في القاهرة، مباراة كانت كفيلة بوضع اسمه في قائمة أبرز المدافعين الصاعدين، تألقه اللافت جعله محط أنظار كبار الأندية في مصر، فتلقى ًا من الأهلي والزمالك والمقاولون، لكنه اختار الوفاء لناديه الأم، رافضًا الرحيل رغم الإغراءات.

 

موهبته لم تتوقف عند حدود الإسكندرية، فقد نال شرف الانضمام إلى منتخب مصر في نفس عام تصعيده للفريق الأول، 1977، تحت قيادة المدرب طه إسماعيل. لم يكن مجرد لاعب دولي، بل أصبح قائدًا في العديد من المناسبات، وساهم في تحقيق إنجازات عظيمة.

 

أبرز انجازات عمر كانت الفوز بكأس أمم أفريقيا 1986 بالقاهرة، حيث كان أحد العناصر التي أهدت مصر اللقب القاري الغالي، والحصول على الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأفريقية بنيروبي 1987، والتتويج بلقب أفضل لاعب عربي في البطولة العربية بالأردن 1988.

 

ورغم أن العروض المحلية لم تتوقف، إلا أن عشقه للاتحاد السكندري كان أقوى من أي إغراء، إذ ظل وفيًا للفريق حتى عام 1989، حين سمحت له إدارة النادي بتجربة احترافية قصيرة في الأهلي القطري لمدة عام واحد، قبل أن يعود مجددًا ويعلن اعتزاله الكرة رسميًا عام 1992.

 

كان ارتباطه بجماهير الاتحاد أقوى من أي رابطة، فالجمهور لم يكن يرى فيه مجرد لاعب، بل رمزًا للإخلاص والتفاني. كان الملعب يهتز بالهتافات: "عمر يا عمر.. ادلع يا عمر!"، و"أحسن باك في مصر عمر هو الأصل!"، فيما لقّبه البعض بـ"الجنتل"، تقديرًا لأخلاقه العالية داخل وخارج الملعب.

 

لم يكن محمد عمر بطلًا في المستطيل الأخضر فقط، بل كان أيضًا أبًا لبطل حقيقي، نجله الشهيد الرائد شريف محمد عمر، الذي قدّم روحه فداءً للوطن في معارك سيناء، ليُخلّد اسم والده ليس فقط في ملاعب الكرة، بل في صفحات الشرف والتضحية أيضًا.

 

بين إخلاصه للاتحاد السكندري، وقيادته لمنتخب مصر، وتاريخه المشرف، يبقى محمد عمر واحدًا من أعظم المدافعين في تاريخ الكرة المصرية، نموذجًا للعطاء داخل وخارج المستطيل الأخضر، ورمزًا خالدًا في قلوب الجماهير السكندرية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا