تمثل نافذة انتقالات اللاعبين ذروة الإثارة في الموسم الكروي حيث تشهد إنفاقا ضخما بالمليارات وإبرام صفقات مفصلية، في مشهد يتابع عن كثب من قبل الجماهير ووسائل الإعلام على حد سواء.

ويلاحظ الاهتمام العالمي الكبير بسوق الانتقالات من خلال تقارير محللين وخبراء مثل فابريزيو رومانو وديفيد أورنستين، الذين أصبحت تدويناتهم مرجعا أساسيا للجماهير.

في هذا التقرير، نستعرض آلية عمل الانتقالات، من الأدوار الخفية للوسطاء إلى القواعد الصارمة التي تفرضها الاتحادات، مثل الاتحاد الإنجليزي والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

ما هي "نافذة الانتقالات"؟

تعد نافذة الانتقالات فترة حيوية في عالم كرة القدم، تفتح مرتين في كل موسم: مرة في الصيف (تمتد 12 أسبوعا عادة) ومرة في الشتاء.

خلال هذه الفترة، تتجادل الأندية والوكلاء في سباق محموم لإبرام الصفقات، بينما يتابع الملايين من المشجعين والجمهور تفاصيل كل خطوة عبر وسائل الإعلام.

ولا تتشابه أي صفقة مع الأخرى: فبينما تخطط بعض الانتقالات بعناية قبل فتح النافذة، تستمر أخرى حتى الساعات الأخيرة من يوم الإغلاق.

ويشتهر عدد من الخبراء والمحللين مثل فابريزيو رومانو وديفيد أورنشتاين بتأثيرهم الكبير على توقعات الجماهير، حيث تعتبر تقاريرهم على وسائل التواصل الاجتماعي "إعلانات مقدسة" بالنسبة لعشاق كرة القدم.

ويعكس هذا الاهتمام العالمي الواسع حجم الإثارة المحيطة بسوق الانتقالات، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال أعلى عمليات البحث على "غوغل"، حيث تتصدر أسماء اللاعبين والأندية اهتمامات الملايين حول العالم.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تعمل صفقات الانتقالات بالفعل؟

سنجيب عن هذا التساؤل من خلال تحليل دقيق وموثوق للآليات الخفية وراء الصفقات، والأطراف الفاعلة فيها، والصفقات المبهمة التي تحدث خلف الكواليس، بالإضافة إلى القواعد واللوائح التي تضعها الاتحادات المحلية والدولية، مثل الفيفا والاتحاد الإنجليزي.

ما هو انتقال اللاعب؟

قد يبدو التعريف بديهيا، لكن من المهم توضيحه: انتقال اللاعب هو انتقاله من ناد إلى آخر، رغم استمرار عقده مع النادي الحالي، ويتم ذلك عادة بعد فترة طويلة من المراقبة، والتسريبات الإعلامية، والمفاوضات السرية.

مثال بارز: انتقال جود بيلينغهام من بوروسيا دورتموند إلى ريال مدريد في صيف 2023 مقابل 88 مليون جنيه إسترليني. كانت الصفقة مباشرة: اتفق الناديان على المبلغ، وكان اللاعب حريصا على الانتقال.

في الماضي، كانت الانتقالات بسيطة مقارنة بالوقت الحالي، حيث تحول سوق اللاعبين إلى ساحة تنافسية شرسة، يسعى فيها كل ناد للحصول على حصته من النجوم.

ومع هذا التضخم المالي، يزداد الإثارة: فبدل الحديث عن طلبات غريبة كطلب بول غاسكوين لسرير تسمير عند انتقاله إلى توتنهام عام 1988، نسمع اليوم عن فنادق خمس نجوم وطائرات خاصة تدرج في عقود نجوم مثل نيمار.

بالتالي، أصبحت القيمة المتوسطة للصفقات في تزايد مستمر، مدفوعة برغبة الجمهور في رؤية انتقالات أكثر ضخامة وإثارة.

كيف تتم صفقات انتقال اللاعبين؟

تبدأ عملية الانتقال عادة عندما يجري ممثل عن ناد استفسارا رسميًا عن لاعب مميز مسجل في ناد آخر.

إذا كان النادي المالك للعقد مستعدا للبيع، يُتفق على رسوم انتقال بين الناديين، وتدار هذه المفاوضات غالبا من قِبل الوسطاء أو وكلاء اللاعبين، وسنتناول دورهم لاحقا.

تحدد قيمة الرسوم بناء على عدة عوامل رئيسية:
- مستوى اللاعب الفني
- عمره
- قيمته المستقبلية
- مدة عقده المتبقي

غالبا ما تحلل هذه العوامل بشكل مبالغ فيه عبر منصات التواصل، مما قد يؤثر سلبا على تصور الجماهير حول الصفقة.

مثال: دفع نادي تشيلسي مبلغا قياسيا بلغ 115 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع مويسس كايسيدو في صيف 2023. واعتُبر هذا المبلغ معقولا نظرا لعمر اللاعب (21 عاما) وأدائه المميز في موسمه الأول بالدوري الإنجليزي، مما يوحي بإمكانية تطوره أكثر.

ومع ذلك، في سوق يعاني من تضخم كبير، أصبحت معظم الرسوم خيالية. وبعد اتفاق الناديين على المبلغ، يسمح للاعب بالتفاوض حول الشروط الشخصية (مثل الراتب، المكافآت، مدة العقد) مع النادي الجديد.

ما دور وكلاء اللاعبين في صفقات الانتقال؟

لقد أشرنا إلى أن الوكلاء يسهمون في التفاوض حول رسوم الانتقال، لكن دورهم يتجاوز ذلك ليصبح المحرك الرئيسي في معظم الصفقات الكبرى.

يتولى الوكيل تمثيل مصالح موكله (اللاعب)، ويجري مفاوضات مباشرة مع إدارة النادي المشتري، غالبا مع المدير التنفيذي أو مدير الرياضة.

لكن المفاوضات لم تعد تقتصر على الراتب فقط، بل تمتد إلى طلبات تشمل عائلة اللاعب، وحاشيته، ووكيله.

في بعض الأحيان، تصبح العائلة طرفا فاعلا في القرار.

مثال: ذكرت صحيفة "ميرور" أن والدي اللاعب الدنماركي راسموس هويلاند أجرى ست مقابلات مع الوكيل الهولندي الشهير كيز فوس قبل الموافقة على توليه صفقة انتقال ابنهما من أتالانتا إلى مانشستر يونايتد مقابل 72 مليون جنيه إسترليني في صيف العام 2023.

بمجرد انتهاء المفاوضات بنجاح، يطلب من اللاعب التحدث مع المدرب حول دوره في الفريق الجديد.

وهذه الخطوة تعد العقبة الأخيرة قبل الانتقال إلى النادي الجديد لإجراء الفحص الطبي والمقابلات الإعلامية.

ما هو "التواصل غير القانوني" (Tapping Up)؟

يعرف "التواصل غير القانوني" أو "التملق" بممارسة الاتصال السري بين ناد ولاعب محتمل دون إذن من ناديه الحالي.

رغم أن هذه الممارسة ممنوعة رسميا، إلا أنها تحدث بشكل متكرر في الخفاء.

بحسب تعريف الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم:
"لا يجوز للاعب مرتبط بعقد أن يجري أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع ناد آخر دون موافقة خطية مسبقة من ناديه".

من أحدث الأمثلة:

- اتهام نادي شاختيور دونييتسك لنادي أرسنال بـ"التملق" ضد اللاعب ميخايلو مودريك قبل انتقاله إلى تشيلسي.

- اتهام نادي كريستال بالاس لنادي تشيلسي في صيف 2023 بالتجاوز في مفاوضاتهم مع اللاعب الفرنسي مايكل أوليس، حيث نظر النادي في تقديم شكوى رسمية.

ما هو "طلب الانتقال" (Transfer Request)؟

هو وثيقة رسمية يقدمها اللاعب إلى ناديه يطلب فيها الرحيل، وغالبا ما تستخدم كوسيلة للضغط على الإدارة للسماح ببيعه.

في بعض الحالات تفشل الطلبات، لكنها غالبا ما تنجح، خاصة إذا كان اللاعب مصرا على الرحيل.

ومع ذلك، فإن تقديم طلب انتقال يعد دائما علامة على توتر العلاقة بين اللاعب والنادي، وينظر إليه بسلبية من قبل الجماهير.

ما هو "نموذج الصفقة" (Deal Sheet)؟

في الدوري الإنجليزي الممتاز، يسمح للأندية بتقديم "نموذج صفقة" (Deal Sheet) بين الساعة 9 و11 مساء من يوم إغلاق سوق الانتقالات.

يمنح هذا النموذج الفرصة للأندية لاستكمال إجراءات الصفقة حتى الساعة 1 صباحا، إذا تم التوصل إلى اتفاق قبل الساعة 11.

ويعد "نموذج الصفقة" دليلا رسميا على توافق الناديين حول الصفقة، لكن هناك حاجة لوقت إضافي لإكمال الأوراق.

أمثلة بارزة:

- فشل انتقال دي خيا من مانشستر يونايتد إلى ريال مدريد في 2015 بسبب عدم تسليم "نموذج الصفقة" قبل الموعد النهائي.

-  نجاح انتقال الروسي أندريه أرشافين إلى أرسنال في 2009 بعد إغلاق السوق، بعد تسليم النموذج في الوقت المسموح.

مع ذلك، في حالة الانتقالات الدولية، يجب على الأندية الالتزام بموعد منتصف الليل حسب نظام مطابقة الانتقالات (TMS) التابع للفيفا.

المصدر:onefootball