إحتضنته كأنه من صلبي لكنه تمرد عليّ
ما العمل مع ابني بالكفالة؟
بعد التحية والسلام، أتمنى أن تجد رسالتي رحابة الصدر لديك سيدتي عبر هذا الفضاء الجميل، أعلم أنها ستكون طويلة لهذا أتمنى أن تتمعني في كلماتها للأخير، فالقصة فيها الكثير من التفاصيل وعبارة عن محطات مترابطة ببعضها البعض.
أنا رجل متزوج، أحب زوجتي كثيرا وحياتنا الحمد لله تطبعها المودة والاحترام منذ أن ارتبطنا، بعد زواجي بثلاث سنوات تبين لي أنني رجل عقيم، تقبلت مشيئة الله، وكان نفس الأمر بالنسبة لزوجتي ، ما جعلني أحبها أكثر لأنها سادتني في أوقات ضعفي، فحلم الأمومة صعب أن تتنازل عليه المرأة إلا إن كانت حقا أصيلة، بعد حوالي سنتين من ذلك، بدأنا نفكر في التكفل بتربية يتيم، بحثنا كثير، وأخيرا عثرنا على طفل قيل لنا في الأول انه يتيم، لكن فيما بعد اتضح أن والداه انفصلا، الوالد كان رجلا مدمنا، أكمل حياته في المخدرات وشرب الكحول، وأمه إتخذت طريقا غير صالحة، لكن هذا لم يؤثر على قرارنا بالتكفل به، أحببناه كأنه فلذة كبد لنا حقا، رعته زوجتي وأكرمته كأنه ابن بطنها، كل شيء كان متوفرا له، من مأكل وملبس ومأوى، مستواه الدراسي متوسطنوعا ما لكن الامر لم يكن مهما لنا.
بعد أن نضج تفكير الطفل الذي كفلناه أخبرناه أنه ليس من صلبنا، لكننا أخبرناه أن والداه متوفيان، توالت الأعوام وكبر الطفل، ولما صار شابا في الـ19 من عمره، بدأت المشاكل من جهتين، الأولى أنه صار يتبع رفقاء السوء، لكن هذا لم يقلقني كثيرا، بقدر ما أقلقني ظهور والده الحقيقي، الذي بحث عنه كثير، وتوصل إليه أخيرا، فكرهني أنا وزوجتي لأننا كذبنا عليه، لكن المشكلة أن والده لم يظهر ليحتضنه من جديد، فقد عاد ليطلب منه السماح لأنه كان مريضا جدا، بعد أيام توفي والده البيولوجي، فحضر الجنازة، لكنه كان كالغريب وسط أهله،علما ان له أعمام وعمات كثرُ، ولا يعرف منهم أحدا، بالرغم من أن والديه تزوجا شرعا، لكن زواجهما لم يدم أكثر من شهرين، وانفصلا وكانت والدته حاملا به، تأزمت نفسيته وبدأ في التمرد علينا، صار كثير العصبية، وكل مرة يهددنا بالرحيل. ليت الأمر توقف عند هذا، فبعد وفاة والده عرفت أمه أن ابنها حضر جنازة طليقها، فاتصلت به ودون مراعاة لنفسيته قالت له أنها أمه وعرفته بنفسها، فجن جنونه وأصبح في حالة يرثى لها.
فصرت أنا وزوجتي تلك المرأة الطيبة ندفع ثمن كذبة عمرها 20 سنة، كل همنا كان أن نعطيه أحسن تربية، خاصة أنه كان ابن زوجين سيرتهما سيئة، فأردنا أن نربيه بعيدا عن تلك الدوامة، لكن بعد 20 سنة، طفت الحقيقة على السطح، والطفل الذي كبر بين احضاني صار يعاملني بقسوة، لا يحترمنا ولا يسمع لكلامنا، كلما نهيته يقول أنني لست والده، وكل يوم يهدننا بالرحيل، أنا أراه أمانة على ذمتي، وأخاف أن ينحرف أو يينتهج نهجا سيئا، فهل هكذا يكون جزائي؟ أرجوكي أنصحيني سيدتي فأنا بأمس الحاجة إليك.
أخوكم م.إسماعيل من الغرب الجزائري.
الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد:
سيدي الفاضل أتمنى أن يجعل الله حبك للخير، وسعيك أنت وزوجتك في كفالة طفل لاذنمب له في الحياة إلا أنه وجد نفسه يتسما ووالداه على قيد الحياة في ميزان الحسنات، أنت حقا في وضع لا تحسد عليه، ولا أنكر أنني أنا أيضا لا أجد الكلمات لأرد على رسالتك، لأنني من جهة لا أستطيع أن أنصحك بالتخلي عن هذا الفتى، فقد ربيته كابن لك ومن المؤكد أن تحمل مشاعر حب كبيرة اتجاهه أنت وزوجتك، ولا يمكنني أن أطلب منك أن تتحمل تمرده و غطرسته التي أظهرها بعد أن عرف الحقيقة والتقى بوالده وعرف بوجود أمه..
لهذا أنصحك بان تجد حلا وسطا بينهما: في البداية حاول أن تتقرب منه أكثر، وأن تفهم مشاعره وبما يفكر، فربما عصبيته ليست بسبب الحقيقة التي أخفيتها عنه، ربما سببها تخلي والده عنه، وربما تمرده إلا ليثير اهتمامكما إليه حتى لا تتخليان عنه.
لهذا حاول أن تقدر الظرف الذي هو فيه، وأن تؤكد له أنه سيبقى ابنكما، وأن حبكما لم ولن يتغير مهما حصل، فإن رغب في الاستمرار في الحياة معكم فعليه أن يعود للطريق الصواب وأن يحسن من طريقته و سلوكاته وأن يبتعد عن رفقاء السوء، وأنكما لن تمنعانه من زيارة أهله شرط أن لا يتأثر بهم، أما إن رغب في العودة إلى أعمامه ووالدته فليفكر مليا في العواقب، وأنكما لن تكونا مسؤولين عن أي فعل قد يقوم به.
أعلم أن موقفك الآن صعب جدا، لكن لا يمكن الضغط عليه أكثر، أفسح له المجال ليختار، فهو راشد ويمكنه أن يتخذ القرار، وأنا لا أظن أنه سيفرط في حبكما، وفي الحنان الذي عرفه معكما، وأظن أن المسألة برمتها تحتاج إلى قليل من الصبر والكثير من الحكمة في معالجتها، فلا تكلف نفسك ولا زوجتك مالا تطيقان، واستعينا بالله.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة النهار ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من النهار ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.