تكنولوجيا / البوابة العربية للأخبار التقنية

باحثون يبتكرون تقنية ثورية في الطباعة الثلاثية الأبعاد للخرسانة تعزز قوتها بنسبة تبلغ 45%

ابتكر علماء من جامعة نانيانغ للتكنولوجيا في سنغافورة (NTU Singapore) تقنية ثورية للطباعة الثلاثية الأبعاد للخرسانة لا تعمل فقط على بناء هياكل قوية ومتينة، بل تتميز بقدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يفتح آفاقًا جديدة للحد من الأثر البيئي السلبي لصناعة البناء.

وقد أوضح الباحثون في الدراسة التي نُشرت تفاصيلها في المجلة العلمية (Carbon Capture Science & Technology) أن التقنية تركز في معالجة مشكلة البصمة الكربونية الكبيرة للأسمنت، وهو مكون أساسي في الخرسانة، ويُعدّ مسؤولًا عن انبعاث 1.6 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يُعادل نحو 8% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

آلية العمل ونتائج الاختبارات:

تعتمد هذه التقنية المبتكرة على إدماج ثاني أكسيد الكربون والبخار – وهما من المنتجات الثانوية للعمليات الصناعية – في خليط الخرسانة أثناء عملية الطباعة الثلاثية الأبعاد.

إذ يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع مكونات الخرسانة أثناء الطباعة الثلاثية الأبعاد، مشكلًا مركبًا صلبًا ومستقرًا يظل محبوسًا داخل الهيكل، ويعمل البخار بدوره على تعزيز امتصاص ثاني أكسيد الكربون، مما يعزز قوة المادة وقابليتها للطباعة.

وقد أكدت الاختبارات المعملية أن هذه التقنية الجديدة لا تحبس المزيد من الكربون فحسب، بل تُنتج أيضًا خرسانة أقوى وأكثر متانة من الخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد التقليدية.

تحسينات ملحوظة في الأداء:

أجريت دراسة معملية في مختبرات جامعة نوتنغهام ترنت في المملكة المتحدة، إذ خضعت عينات من الخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد والمُشبعة بالكربون لاختبارات تفصيلية، وكشفت النتائج عن تحسينات ملحوظة في جوانب متعددة، شملت:

1- تحسّن في قابلية الطباعة: 

أظهرت الخرسانة المُشبعة بالكربون تحسنًا بنسبة بلغت 50% في قابلية الطباعة مقارنة بالخرسانة المطبوعة الثلاثية الأبعاد التقليدية، ويعني هذا التحسن إمكانية بناء هياكل خرسانية بسرعة وبدقة عالية، إذ يُمكن تشكيل الخرسانة بسهولة مع الحفاظ على شكلها أثناء عملية الطباعة، مما يقلل من احتمالية حدوث أخطاء أو تشوهات في الهيكل المطبوع.

2- تحسّن في الخصائص الميكانيكية: 

لم يقتصر التحسن على قابلية الطباعة، بل امتد ليشمل الخصائص الميكانيكية للخرسانة المُشبعة بالكربون، فقد زادت قوة تحمل الضغط للهيكل المطبوع بنسبة بلغت 36.8%، ويعني ذلك أن الهيكل سيكون قادرًا على تحمل أوزان أكبر دون أن ينكسر أو يتشوه، كما زادت مقاومة الانحناء (المرونة) بنسبة بلغت 45.3%، مما يجعل الهيكل أكثر مقاومة للصدمات والاهتزازات.

3- زيادة في امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتخزينه: 

يُعدّ هذا الجانب هو الأهم من وجهة النظر البيئية، إذ أظهرت التقنية الجديدة قدرة على امتصاص وتخزين نسبة بلغت 38% من ثاني أكسيد الكربون أكثر من طرق الطباعة الثلاثية الأبعاد التقليدية، ويعني ذلك أن الخرسانة تحولت من منتج مُسبّب للانبعاثات إلى منتج يساهم في تقليلها، مما يجعلها خيارًا صديقًا للبيئة بنحو كبير لمشاريع البناء المستدامة.

ما أهمية هذه التقنية وأثرها البيئي؟

يُعدّ إنتاج الأسمنت مسؤولًا عن نحو 1.6 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أي ما يُعادل نحو 8% من الانبعاثات العالمية، وتقدم هذه التقنية الجديدة بديلًا أكثر استدامة لممارسات البناء التقليدية من خلال تقليل استخدام المواد ووقت البناء واحتياجات العمالة.

وقد أكد البروفيسور (تان مينج جين)، من كلية الهندسة الميكانيكية والفضائية في جامعة نوتنغهام ترنت ومركز سنغافورة للطباعة الثلاثية الأبعاد، والباحث الرئيسي في الدراسة، الأهمية الكبيرة لهذه التقنية، قائلًا: “يساهم قطاع البناء والتشييد بنحو كبير  في انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، وتقدم التقنية التي طورناها بديلًا لتقليل الكربون ليس فقط من خلال تحسين الخصائص الميكانيكية للخرسانة، ولكن أيضًا من خلال المساهمة في تقليل الأثر البيئي للقطاع”.

كما أوضح البروفيسور (تان مينج جين) إمكانية استخدام ثاني أكسيد الكربون الناتج عن محطات أو الصناعات الأخرى في عملية الطباعة الثلاثية الأبعاد للخرسانة، وتُعدّ هذه النقطة بالغة الأهمية، إذ تحول هذه التقنية الجديد المخلفات الصناعية (ثاني أكسيد الكربون) إلى مكون مفيد في صناعة البناء، مما يحقق فائدة مضاعفة، وهي التخلص من ملوث بيئي من جهة، واستخدامه في إنتاج مواد بناء صديقة للبيئة من جهة أخرى.

الطباعة الثلاثية الأبعاد تشكل مستقبل البناء المستدام:

يأتي تطوير هذه التقنية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون عند طباعة الخرسانة في توقيت بالغ الأهمية، إذ تتسابق الصناعات في جميع أنحاء العالم لمواجهة تحديات تغير المناخ وتحقيق الأهداف الموضوعة للحد من آثاره.

وقد أكد الباحثون المشاركون في الدراسة أهمية هذا التوقيت وأهمية التقنية نفسها، إذ قال ليم شون جيب، مرشح الدكتوراه والمؤلف الأول للدراسة: “نحن في وقت حرج حيث يسرع العالم الجهود لتلبية أهداف تغير المناخ، ونعتقد أن تقنيتنا يمكن أن تساهم في جعل صناعة البناء أكثر استدامة”.

كما سلط الدكتور دانييل تاي، المؤلف المشارك في الدراسة والباحث في كلية الهندسة المعمارية في جامعة نوتنغهام ترنت، الضوء على الفوائد التي يقدمها هذا الابتكار، قائلًا: “يُظهر نظامنا كيف يمكن أن يؤدي التقاط ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في الطباعة الخرسانية الثلاثية الأبعاد إلى بناء مباني أقوى وأكثر صداقة للبيئة، مما يؤدي إلى تقدم تكنولوجيا البناء”.

ويتطلع الباحثون إلى المستقبل بخطوات عملية ومحددة، إذ تقدموا بطلب براءة اختراع مشترك في الولايات المتحدة لتأمين الملكية الفكرية لهذا الابتكار. كما أكدوا أن أبحاثهم الأبحاث المستقبلية ستركز في تحسين عملية الطباعة لتحقيق كفاءة كبرى، واستكشاف استخدام الغازات المهدرة بدلًا من ثاني أكسيد الكربون في عملية الطباعة، مما يزيد من الفوائد البيئية للتقنية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا