تكنولوجيا / انا اصدق العلم

الولايات المتحدة تحاول استخدام الذكاء الاصطناعي للعثور على آبار

تذخر الولايات المتحدة بكثير من الذكريات عن السعي إلى الحصول على النفط، فمنذ منذ خمسينيات القرن التاسع عشر، حُفرت نحو 3.5 مليون بئر نفط وغاز في أرجاء البلاد، لكن 130 ألف بئر على الأقل تحظى باهتمام هيئة إدارة الأراضي، فما قصة هذا الرقم بالتحديد؟ وما دور الذكاء الاصطناعي اليوم في هذه المسألة؟

تُعد كثير من هذه الآبار مهجورة بعد أن توقفت شركاتها عن العمل، وعندما تُترك آبار الوقود الأحفوري يطلق عليها رسميًا اسم (الآبار اليتيمة غير الموثقة أو UOWs)، إذ تُترك دون بذل أي جهود ناجعة لإغلاقها بأمان. وقد تسرب هذه الآبار غير المغلقة مواد كيميائية خطيرة مثل الميثان والنفط وتستمر سنوات طويلة بتلويث الهواء ومصادر المياه القريبة منها.

تشتبه هيئة إدارة الأراضي بوجود 130 ألف بئر قديمة ما تزال غير مسدودة، بينما ترى منظمات صناعية مثل لجنة الاتفاق بين الولايات للنفط والغاز أن هذا العدد قد يكون أقرب إلى 740 ألف بئر.

تستهلك عملية البحث عن هذه الآبار وسدّها الكثير من الوقت والجهد، فالبحث اليدوي عن الآبار سيستغرق عددًا مهولًا من الساعات، فالخرائط قديمة وبعضها يرجع إلى منتصف القرن التاسع عشر، وبعض هذه الآبار غير مُسجَّل أصلًا في السجلات الرسمية. وهنا يأتي الدور الهام للذكاء الاصطناعي في تسريع عملية البحث. فقد طور الباحثون نموذج شبكة عصبية متطور، وشملت بيانات التدريب أقل من 100 خارطة ضمن سلسلة خرائط USGS الرباعية التي تمتد على مدى 45 عامًا.

وبالنسبة للآبار اليتيمة المكتشفة حديثًا التي أكدها الفريق، فقد تنبأت الخوارزميات بالموقع بدقة تصل 10 أمتار، وأكد الباحثون بالفعل وجود 44 من 1301 بئر محتملة حددها النموذج في كاليفورنيا وأوكلاهوما. ويرى الباحثون أن توسيع نطاق هذا النهج الجديد القائم على الذكاء الاصطناعي قد يساعد على تحقيق تقدم كبير في إخراج هذه الآبار الخاملة من الخدمة تمامًا.

نموذج ذكاء اصطناعي تدرّب على أقل من 100 خارطة طبوغرافية

شرح الباحثون بالتفصيل عملية تدريب الذكاء الاصطناعي بنشر مقال في مجلة Environmental Science & Technology. فقد درب الفريق نموذج الذكاء الاصطناعي على تحديد رمز على شكل دائرة سوداء مجوفة، كان يُستخدَم عادة لتحديد آبار النفط والغاز في الخرائط الطبوغرافية. وأمضى أحد الباحثين 40 ساعة بتصنيف البيانات والتعرف على أمثلة لهذه الرموز يدويًا، وكانت هذه البيانات بمثابة مجموعة تدريب لنموذج الذكاء الاصطناعي.

وعند تدريبه كان على الباحثين أن يأخذوا بالحسبان الرموز أو المصممين الآخرين الذين لديهم أنماط دائرية متشابهة التي قد تؤدي إلى نتائج إيجابية خاطئة بسبب التعرف عليها خطأً. وقد تؤدي رموز مستديرة -مثل الأرقام 0 و 9- إلى نتائج إيجابية كاذبة أيضًا.

وبينما كانت بعض الخرائط في حالة جيدة نسبيًا، كانت الخرائط الأخرى تآكل بمرور الوقت وتتلطخ، وبتراكم كل هذه العوامل كانت المهمة تشبه العثور على إبرة في كومة قش بحسب تعبير شاروليكا فاراداراجان بوصفها الباحثة الرئيسية من مختبر بيركلي.

وبعد تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي على رصد رموز الآبار، طبّق الباحثون النموذج على آلاف الخرائط الخاصة ببلدات غنية بالنفط في كاليفورنيا وأوكلاهوما، وكانت النتيجة 1301 بئر يتيم غير موثق.

ثم حاول الباحثون توثيق هذه النتائج بتحليل الصور الجوية وصور الأقمار الاصطناعية باستخدام إيرث؛ وحلقوا فوق المناطق التي حددها الذكاء الاصطناعي ًا عن صفات مميزة مثل أبراج النفط ورافعات المضخات وخزانات التخزين التي قد تشير إلى وجود آبار، وتحقق الفريق من 29 بئرًا لم توثق سابقًا باستخدام هذه الطريقة المرئية.

لكن ليس بالضرورة أن تكون كل الآبار المهجورة مرئية من خلال التصوير الجوي، فكثير منها مدفونة تحت السطح، ويحتاج الباحثون في هذه الحالات إلى اختبارات ميدانية شخصية باستخدام أجهزة قياس مغناطيسية محمولة على الظهر للكشف عن الشذوذ المغناطيسي الذي يشير إلى وجود أنابيب معدنية رأسية مدفونة تحت الأرض، وتمكن الباحثون من التحقق من 15 بئرًا أخرى باستخدام هذه الطريقة.

أضافت فاراداراجان: «اخترنا عمدًا الحصول على نتائج سلبية كاذبة أكثر من النتائج الإيجابية الكاذبة، لأننا أردنا توخي الحذر بشأن مواقع الآبار الفردية التي حددها نهجنا، ونعتقد أن عدد الآبار المحتملة التي وجدناها أقل من التقديرات، وقد نعثر على المزيد من الآبار بتحسين أساليبنا أكثر».

يأمل الباحثون بربط قوة التنبؤ التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي بتقنيات حديثة أخرى، وقد تعمل تنبؤات الذكاء الاصطناعي إلى جانب الطائرات بدون طيار ذات الكفاءة العالية، المزودة بأجهزة استشعار لتسريع معدل اكتشاف العلماء للآبار، وفي نهاية المطاف سد الآبار التي قد تتسرب منها إلى المياه. وتستطيع الطائرات بدون طيار المزودة بأجهزة قياس المغناطيسية الانتشار بسرعة في المناطق التي لا يمكن فيها الكشف الجوي في المستقبل.

وبالوسع أيضًا استخدام طائرات بدون طيار أخرى مزودة بأجهزة استشعار الميثان قياس الهواء بحثًا عن التسرب، وفي الوقت نفسه، بوسع الطائرات بدون طيار المزودة بكاميرات فائقة الطيف مسح المناطق بحثًا عن أطوال موجية مرتبطة بأعمدة الميثان التي قد لا يمكن اكتشافها بالعين البشرية.

وقد صرح فابيو سيولا بوصفه زميلًا في مختبر لورانس بيركلي الوطني: «قد يعزز الذكاء الاصطناعي فهمنا للماضي باستخراج المعلومات من البيانات التاريخية على نطاق لم يكن من الممكن تحقيقه قبل بضع سنوات فقط، وكلما مضينا إلى المستقبل زادت قدرتنا على الاستفادة من الماضي أيضًا».

اقرأ أيضًا:

باحثون من شركة آبل: الذكاء الاصطناعي في الغالب مُجردّ وهم

الفائز بجائزة نوبل للفيزياء يستقيل من غوغل ويحذر من أن الذكاء الاصطناعي الشرير سيقضي علينا

ترجمة: محمد الشرقاوي

تدقيق: جلال المصري

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا