تشهد المدن الذكية اهتمامًا عالميًا متزايدًا كحلول حضرية مستدامة تعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لإدارة الموارد بكفاءة، وتعزيز الابتكار، وتحسين جودة الحياة، وفي هذا المشهد العالمي المتطور، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كواحدة من الدول الرائدة في هذا المجال، إذ حققت إنجازات ملموسة في تطوير مدن ذكية تحتل مراكز متقدمة عالميًا، معززة بإستراتيجيات حكومية طموحة ورؤية استشرافية للمستقبل.
لذلك سنسلط الضوء في هذا المقال على رحلة الإمارات نحو بناء مدن ذكية تجمع بين الريادة التكنولوجية والاستدامة البيئية:
الإمارات نموذج رائد في التحول إلى المدن الذكية:
تُصنف دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أوائل الدول التي دعمت توجه المدن الذكية عالميًا، إذ حولت طموحاتها إلى إنجازات ملموسة خلال سنوات قليلة، لتخطو نحو مستقبل مستدام.
إذ تتبنى الإمارات إستراتيجيات حكومية جادة للتحول إلى نظم الإدارة الذكية، وتطوير أنظمة النقل والمياه والطاقة والمخلفات باستخدام التقنيات الذكية، مما جعلها نموذجًا رائدًا في المنطقة والعالم.
نمو سوق المدن الذكية في الإمارات واستثماراتها:
أكد الدكتور سعيد خلفان الظاهري، الخبير الدولي في المدن الذكية والذكاء الاصطناعي ومدير مركز استشراف المستقبل في جامعة دبي، أن دولة الإمارات استثمرت بقوة في تطوير المدن الذكية، مع توقعات بنمو كبير خلال السنوات القادمة، إذ أظهرت أبحاث السوق الموثوقة والتقارير الصناعية أن سوق المدن الذكية في الإمارات يشهد توسعًا سريعًا، مدفوعًا بالمبادرات الحكومية، والتطورات التكنولوجية، وطلب الحلول الحضرية المستدامة المتزايد.
وشكلت الإمارات في عام 2024 الماضي نسبة تبلغ 2.0% من إيرادات السوق العالمية للمدن الذكية، ومن المتوقع أن تتصدر السوق الإقليمية من حيث الإيرادات بحلول عام 2030، وتعكس هذه الاستثمارات التزام الإمارات بتطوير بنية تحتية وخدمات عالمية المستوى في هذا المجال، مع التركيز في تحسين جودة الحياة، وزيادة الكفاءة، وتعزيز التنمية المستدامة.
الإمارات تحقق مراكز متقدمة في التصنيفات الدولية للمدن الذكية:
حققت دولة الإمارات اعترافًا عالميًا لافتًا في مجال المدن الذكية، إذ احتلت دبي المرتبة الرابعة عالميًا، والأولى عربيًا وآسيويًا في مؤشر المدن الذكية لعام 2025 الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) بالتعاون مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم (SUTD)، الذي يصنف 146 مدينة حول العالم.
في حين تقدَّمت أبوظبي إلى المرتبة الخامسة عالميًا في المؤشر في عام 2025، بدلًا من تصنفيها في المرتبة العاشرة في عام 2024، متجاوزةً العديد من العواصم العالمية الكبرى.
ويعزز هذا الإنجاز مكانة المدينتين ضمن أفضل عشر مدن في العالم للعيش والعمل والزيارة، ويشير تقرير (IMD) إلى أن صعود دبي اللافت يعزز مكانتها المتقدمة على قمة هرم مدن دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي وآسيا، مما يجسد التزام المدينة المستمر بالتحول الرقمي والابتكار الحضري والتميز في مجال المدن الذكية.
كما يعزى احتلال أبوظبي المرتبة الخامسة عالميًا إلى وفرة المساحات الخضراء، توسيع رقعة مساحاتها الخضراء، وتوفير خدمة الواي فاي المجانية، وجودة وسائل النقل العام، إضافة إلى إدارتها الفعَّالة لحركة المرور.
إسهامات دولية ومبادرات رائدة:
أوضح الدكتور الظاهري أن المدن الذكية الإماراتية تتألق عالميًا، وأن دبي وأبوظبي رسختا مكانتهما كأفضل المدن الذكية في العالم، ليس فقط من خلال تطبيق الحلول المبتكرة محليًا، بل أيضًا عبر الإسهام الفاعل في تشكيل المبادرات الدولية في هذا المجال.
وتقوم (دائرة دبي الرقمية) بدور ريادي في هذا المشهد العالمي من خلال قيادتها مبادرة (CitiVerse)، التي انطلقت في مارس 2025، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات، والمركز الدولي للحوسبة التابع للأمم المتحدة لتسريع التحول الرقمي وتعزيز منظومة رقمية متكاملة تخدم البشرية.
وتهدف مبادرة (CitiVerse) إلى الاستفادة من العوالم الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الابتكار والمرونة والشمول الرقمي على نطاق عالمي، وإلهام الشباب والشركات الناشئة لتطوير حلول افتراضية للتعامل مع التحديات العالمية الملحة للمدن.
بالإضافة إلى ذلك، تشارك أبوظبي ودبي بفعالية في مبادرة (متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة) U4SSC، التي أطلقها الاتحاد الدولي للاتصالات، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا، وموئل الأمم المتحدة، في عام 2016، والتي تقود مستقبل المدن الذكية المتمركزة حول الإنسان على مستوى العالم.
النهج الشامل والإستراتيجية الوطنية:
يتميز نهج دولة الإمارات في إنشاء المدن الذكية برؤية شاملة تدمج بين التكنولوجيا المتقدمة والممارسات المستدامة، بهدف تحسين جودة حياة المواطنين والمقيمين والزوار، وجذب الاستثمارات الدولية، وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط والغاز. ويعتمد هذا النهج على قيادة استشرافية وتخطيط إستراتيجي يركز على إنشاء بيئات حضرية مرنة، مستدامة، ومتقدمة تقنيًا.
ويُعدّ تطوير البنية التحتية من الأولويات الرئيسية لرؤية الإمارات (نحن الإمارات 2031) والأجندة الوطنية، بهدف وضع الإمارات في مصاف أفضل الدول عالميًا من حيث المطارات، والموانئ، والبنية التحتية للطرق، وخدمات النقل. ويُعدّ تطوير المدن الذكية عنصرًا أساسيًا في هذه الرؤية الجديدة والرؤية السابقة 2021، إذ يهدف إلى تعزيز جودة الحياة والإمكانات الاقتصادية.
وتشمل إستراتيجية الإمارات للمدن الذكية عددًا من القطاعات المحورية:
- الطاقة: التركيز في مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، لتقليل البصمة الكربونية وتعزيز الاستدامة.
- النقل: تطوير أنظمة النقل الذكي، بما يشمل: المركبات الذاتية القيادة، والطائرات المسيّرة، وتقنية (الهايبرلوب)، مع استهداف تحويل نسبة تبلغ 25% من جميع الرحلات إلى رحلات ذاتية القيادة بحلول عام 2030 وفقًا لإستراتيجية دبي للتنقل الذكي.
- الرعاية الصحية: تطبيق الطب عن بُعد، والحلول الصحية الذكية، والسجلات الصحية الرقمية لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية وكفاءتها.
- البنية التحتية: إنشاء مبانٍ ومرافق ذكية تعتمد على تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة.
- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: تعزيز الاتصال الرقمي، ودعم الحوكمة الإلكترونية، وتأسيس منصات رقمية لتقديم مختلف الخدمات.
الخلاصة:
تؤكد هذه الجهود والإنجازات المتواصلة مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كقائد عالمي في مجال تطوير المدن الذكية، فمن خلال استثماراتها الإستراتيجية، مبادراتها الحكومية الطموحة، وشراكاتها الدولية، تواصل الإمارات رسم مستقبل حضري مستدام ومبتكر، يضع رفاهية الإنسان وكفاءة الموارد في صميم أولوياتها.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة البوابة العربية للأخبار التقنية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من البوابة العربية للأخبار التقنية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.