تكنولوجيا / انا اصدق العلم

كيف تعمل مراحيض الطائرات؟ هندسة بسيطة ذكية!

هناك بعض الأشياء التي لا تنساها أبدًا عن رحلتك الأولى على متن الطائرة، حتى في عصر أصبح فيه الطيران أمرًا شائعًا. تلك الإثارة الحسية التي تشعر بها عند دفعك إلى مقعدك بينما تتسارع الطائرة نحو الإقلاع، والتوتر الذي يصاحب أول نوبة اضطراب هوائي، وصوت صفير في المرحاض.

يصدر صوت مزعج عند الضغط على زر التدفق في مرحاض الطائرة، فيُمتص محتويات المرحاض بطريقة سحرية. من الواضح أن هناك تأثيرًا يشبه المكنسة الكهربائية مع هذا الصوت والمرحاض النظيف الناتج عنه، ولكن كيف تعمل مراحيض الطائرات؟

عن المراحيض والغازات المثالية

يوضح مهندس الفضاء بيل كروسلي، رئيس كلية علوم الطيران والفضاء بجامعة بيردو بولاية إنديانا، لمجلة (Popular Science) أن الإجابة بسيطة بقدر ما هي مبتكرة حيث يعتمد النظام على حقيقة بسيطة واحدة: عندما تصعد إلى ارتفاعات عالية وتطير بسرعة، يكون الضغط خارج المقصورة أقل بكثير مما هو في الداخل.

تنص قوانين الفيزياء -تحديدًا قانون الغاز المثالي- على أن محتويات منطقة ذات ضغط مرتفع نسبيًا ستميل إلى التدفق إلى منطقة ذات ضغط منخفض نسبيًا. يؤدي سحب مياه المرحاض في الطائرة إلى فتح صمام بين المقصورة المضغوطة ويبقى الخزان عند الضغط الجوي. هذه العملية تُحدث بالضبط هذا النوع من فرق الضغط. عندما تسحب مياه المرحاض، فإنك تفتح صمامًا إلى الخارج، ويسحب فرق الضغط كل ما في المرحاض.

تكمن روعة النظام في أنه لا يتطلب مضخات تفريغ أو أي تعقيدات أخرى لخلق فرق الضغط. إنه ببساطة يستفيد من فرق الضغط الموجود بين داخل الطائرة وخارجها عند الارتفاع.

يقول كروسلي إنه على الأرض يستخدم النظام مضخة تفريغ. تبقى المضخة قيد التشغيل حتى تصل الطائرة إلى ارتفاع يسمح فيه الضغط الجوي للنظام بالعمل دونها، وعندها تتوقف عن العمل.

إن الفكرة نفسها بسيطة ولم تتغير منذ حصولها على براءة اختراعها عام 1975 .يوضح مهندس الطائرات المتقاعد نايجل جونز أن تعقيد التنفيذ يختلف من طائرة لأخرى، فبعض أنظمة الطائرات تُفرغ كل دورة مياه في خزان واحد، في حين تستخدم أنظمة أخرى خزانات متعددة أصغر. يستخدم بعضها أنظمة أنابيب معقدة، في حين يختار البعض الآخر تكوينات أبسط.

حلقة وصل بين البساطة والتعقيد:

ثم هناك طائرة لوكهيد تريستار، وهي طائرة ركاب بُنيت بين عامي 1968 و 1984، ولا تزال طائرة جونز المفضلة حتى يومنا هذا. اشتهرت مراحيض تريستار بترتيبها الدائري، وكانت مميزةً في الخلفية كما كانت للركاب.

يقول جونز بشغف: كان لدى تريستار نظام مميز لإدارة تدفق المياه. كان يحتوي على خزان في المقدمة للمراحيض الأمامية وآخر للمراحيض الخمسة أو الستة في الخلف. كان النظام يحتوي على ثلاث مضخات مراحيض، تقوم بتدفق المياه بالتناوب، بحيث إذا أراد المرحاض الخامس مثلًا التدفق، كان الصندوق المنطقي يقول: حسنًا، حان دور المضخة الأولى. كان النظام معقدًا للغاية، وكل ذلك لمجرد تدفق المياه.

قد يجادل البعض بأن هذا النظام يبدو مبالغًا فيه بعض الشيء ويعترف جونز: كنا نشعر بذلك في كل مرة تحدث فيها مشكلة، ولم يحلها النظر إلى المضخة. لو اضطررنا إلى النظر إلى صندوق التحكم المنطقي، لاضطررنا للاستلقاء فوق الخزان، لم يكن ذلك ممتعًا.

في حين أن هذا التعقيد قد يكون مبالغًا فيه، ونادرًا ما نجده في الطائرات الحديثة، يشير جونز إلى أن درجة معينة من الالتواء والانعطاف في أنابيب النظام مهمة لسبب بسيط: إنها تُبطئ النفايات.

يقول جونز: إنه ليس مسارًا مستقيمًا -من المرحاض إلى الخزان، ولا يمكن أن يكون كذلك. ضغط الفراغ يعني أن سرعة السحب ستزداد بحيث إذا لم تكن هناك انحناءات في الأنابيب، فإن النفايات ستضرب جدار الخزان بقوة كبيرة. ما مدى قوتها؟ وفقًا لجونز، ستكون كافية لاحتمال كسر الخزان. حتى من دون هذه النتيجة الكارثية، سيكون الضجيج أكثر إثارة للقلق.

الجليد الأزرق أسوأ مما يبدو

كانت الطائرات تستخدم أنظمة كيميائية مشابهة لتلك المستخدمة حتى اليوم في المراحيض المتنقلة قبل ظهور نظام التفريغ، حيث يتصل الوعاء مباشرةً بخزان ممتلئ بالسائل الأزرق المزعج. هذا يُفسر أيضًا أصل مصطلح الجليد الأزرق، الذي يشير إلى النفايات التي تتسرب بطريقة ما من الخزان، ففي الارتفاعات العالية، تتجمد هذه النفايات فورًا، وتبقى متجمدة حتى تعود إلى الأرض، وعندها تكشف عن طبيعتها الحقيقية لأي شخص سيء الحظ يمر بها.

هذه الأنظمة نادرة للغاية اليوم، ولا تزال قيد الاستخدام فقط في الطائرات الكبيرة بما يكفي لتتطلب لوائح الطيران وجود مرحاض، ولكنها صغيرة بما يكفي بحيث يصبح نظام التفريغ أكثر إزعاجًا من قيمته. يقول كروسلي إن الطائرات الوحيدة التي تندرج ضمن هذه الفئة هي طائرات رجال الأعمال الصغيرة، التي تُجهز أحيانًا بما يصفه بمرحاض متنقل فاخر.

يقول كروسلي إن نظام التفريغ هو الخيار الأمثل في الطائرات الأكبر حجمًا، إنه كل ما تريده في نظام الطائرة: إنه آمن، موثوق وخفيف الوزن.

اقرأ أيضًا:

اختراع مرحاض زلق لا يلتصق به شيء

مرحاض ذكي لديه القدرة على اكتشاف الأمراض!

ترجمة: محمد الشرقاوي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا