تكنولوجيا / اليوم السابع

هل تتحول قوانين الاتحاد الأوروبي لتنظيم الذكاء الاصطناعي لميزة تنافسية لحماية العمال؟

كتبت هبة السيد

الثلاثاء، 05 أغسطس 2025 03:00 ص

بينما تواصل الولايات المتحدة تطوير الذكاء الاصطناعي بسياسات تنظيمية محدودة، يسلك الاتحاد الأوروبي مسارًا مختلفًا تمامًا قائمًا على الحماية والتنظيم، من اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) إلى "قانون الذكاء الاصطناعي" الجديد، يضع الاتحاد الأوروبي أطرًا متقدمة تراعي حقوق العمال والنقابات، في محاولة لحماية سوق العمل من التهديدات المحتملة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.

وفقًا لدراسة مشتركة صادرة عن منظمة العمل الدولية (ILO) والمعهد الوطني البولندي للبحوث (NASK)، فإن أوروبا وآسيا تتصدران قائمة المناطق الأكثر تعرضًا لتأثيرات الذكاء الاصطناعي، متفوقتين على الأمريكتين.

وبينما تشير التقديرات إلى أن وظيفة من كل أربع وظائف في العالم مهددة بالتحول أو الزوال بسبب الذكاء الاصطناعي، تصبح المخاوف الأوروبية أكثر حدة نظرًا للنقص الكبير في العمالة الماهرة داخل القارة.
آدم ماورر، المدير التنفيذي للعمليات في شركة "كونيكتينج سوفتوير"، أوضح أن الصورة لا تزال غير مكتملة. "ما زلنا في بداية الموجة، ولم نرَ سوى جزء بسيط من قدرات الذكاء الاصطناعي، وهو أمر يبعث على الحماس والخوف في آنٍ واحد"، بحسب ماورر.

وأضاف أن شركات التكنولوجيا الكبرى، في سعيها لخفض التكاليف وتعزيز الكفاءة، قامت بتسريحات جماعية مدفوعة بإيمان متزايد بقدرة الذكاء الاصطناعي على أداء مهام بشرية، لا سيما في الوظائف المتوسطة والبسيطة.
ومن بين أبرز الأمثلة، شركة "كلارنا" السويدية للتكنولوجيا المالية التي فصلت 700 موظف واستبدلتهم بأنظمة ذكاء اصطناعي، قبل أن تعلن مؤخرًا عن عودة التوظيف البشري، معتبرة أن قرار الإحلال كان "خطأً".

في المقابل، يرى بعض خبراء القطاع أن هناك وظائف ستصبح أكثر أهمية في ظل التطور التقني، وفي ظل قوانين العمل الصارمة في الاتحاد الأوروبي، يعتقد بعض القادة التقنيين أن التنظيم الذكي قد يصنع مستقبلًا متوازنًا يستفيد منه كل من العمال والشركات.

رغم ذلك، تختلف الآراء حول تدخل الاتحاد الأوروبي في تنظيم حالات فقدان الوظائف، فبينما يرى البعض أن أي تدخل تنظيمي مفرط قد يعرقل الابتكار، يؤكد آخرون أن المواجهة قادمة لا محالة، خصوصًا إذا استمرت الشركات في استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لخفض النفقات دون النظر إلى الأبعاد الاجتماعية.

من جهته، قال فولوديمير كوبيتسكي، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في شركة MacPaw الأوكرانية، إن السؤال الحقيقي ليس ما إذا كانت الوظائف ستختفي، بل إن كان بإمكاننا "إعادة تصميم بيئة العمل قبل أن تنهار المنظومة القديمة بالكامل". وأضاف أن قانون الذكاء الاصطناعي كان ضروريًا، لكنه لم يتناول بشكل كافٍ قضية فقدان الوظائف، وهو ما يتطلب تعديلات مستقبلية.

الرؤية ذاتها عبّر عنها رومان إيلوشفيلي، مؤسس شركة ComplyControl البريطانية، الذي شدد على أن القانون يركّز على السلامة والشفافية والأخلاقيات، لكنه يفتقر إلى معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة على الوظائف، وتوقع أن تظهر لاحقًا بنود جديدة تفرض على أصحاب العمل التزامات بإعادة تأهيل الموظفين أو تقديم حماية قانونية للعاملين المتضررين.

لكن في المقابل، يرى آخرون أن الوقت لا يزال مبكرًا على تعديل القانون. كريس جونز، رئيس فريق الهندسة في شركة iVerify، قال إن القانون الأوروبي مبني على نظام تقييم المخاطر، ويحقق توازنًا دقيقًا بين حماية الحقوق وإتاحة المجال للابتكار.

واقترح بدائل تنظيمية مثل فرض "ضريبة رمزية على استخدام الذكاء الاصطناعي"، يتم استخدامها في تمويل تدريب وإعادة تأهيل العمال.
من جهته، دعا داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، إلى تبني مثل هذه الأفكار لتخفيف صدمات فقدان الوظائف، دون كبح جماح الابتكار.

أما النقابات الأوروبية، فقد رفعت صوتها ضد التهديدات المتزايدة، الاتحاد الأوروبي للنقابات (ETUC) عبّر في رسالة مفتوحة قبيل قمة الذكاء الاصطناعي في باريس (فبراير 2025) عن مخاوفه من سيطرة شركات التكنولوجيا الكبرى على المجال، محذرًا من أن أي استفادة اجتماعية من الذكاء الاصطناعي ستنهار إذا تم احتكاره.

كما دعت نقابات بريطانية في وقت سابق إلى سن قوانين لحماية العمال من عمليات التوظيف أو الفصل المُدارة بالذكاء الاصطناعي، وشددت على أهمية الشفافية والحق في استشارة النقابات.

وعن هذا، قال إيلوشفيلي إن الاصطدام مع النقابات أمر متوقع، مضيفًا أن الحماية القوية للعمال في أوروبا تمثل في آنٍ واحد عائقًا وضمانة، ما يتطلب توازنًا ذكيًا في إدماج الذكاء الاصطناعي داخل بيئة العمل، فيما يرى كوبيتسكي أن حل النزاعات يتطلب إشراك الموظفين بشكل مبكر في أي عملية إدماج للتقنيات الجديدة، من خلال الحوار والشفافية وشرح فوائد التقنية وضماناتها.

وعلى صعيد الاستراتيجيات، يرى بعض الخبراء أن أوروبا لا يجب أن تقلد وادي السيليكون، بل أن تستغل نقاط قوتها الفريدة مثل نظم الحوكمة الأخلاقية، وكفاءتها في التصنيع، وخبراتها في مجالات حساسة كالرعاية الصحية والقطاع المصرفي.

كريس جونز أشار إلى أن أوروبا يجب أن تستفيد من مزيج مميز من خريجي العلوم، واللوائح الصارمة للخصوصية، والخبرة الصناعية، لتتحول إلى رائدة في "الذكاء الاصطناعي الآمن". وقال "إذا لم نتحرك الآن، سنتخلف عن الركب.لكن علينا أن نفعل ذلك على الطريقة الأوروبية: بأخلاق، وبمهنية، وباستثمار في الإنسان أولًا".

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا