تتقدم الروبوتات ثنائية الأرجل ذات الهيئة البشرية بوتيرة متسارعة، لكنها لا تزال عاجزة عن مجاراة نظيراتها الجريئة في عوالم الخيال العلمي. تُعد حاسة اللمس من أبرز التحديات التقنية التي لم تُذلل بعد.
رغم محاولات الباحثين تزويد الروبوتات بإحساس بدائي باللمس بواسطة أنواع مختلفة من الحساسات، فإن هذه الأنظمة غالبًا ما تكون باهظة الكلفة، ضعيفة الدقة، ومحدودة بقدرتها على استشعار نوع واحد من المحفزات في كل مرة.
لكن هذا الواقع قد يكون على وشك أن يتغير. طور باحثون من جامعتي كامبريدج وكلية لندن الجامعية نوعًا جديدًا من الجلد الاصطناعي المتجاوب.
يتكون هذا الجلد من مادة هلامية مائية قادرة على استشعار اللمس والضغط والحرارة والبرودة وحتى التلف، بطريقة تحاكي جلد الإنسان على نحو غير مسبوق.
تمكن الفريق من صب هذا الهلام داخل قالب على هيئة يد، وتثبيته على يد روبوت كما لو كان قفازًا. بارتداء هذا الغلاف اللحمي السميك، بات بإمكان الروبوت التفاعل مع محيطه بدقة أعلى.
مع أن التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، يرجح الباحثون أن تتيح مستقبلًا تنفيذ مهام دقيقة في المصانع، أو في البيئات الخطرة، أو حتى خلال جهود الإغاثة في أثناء الكوارث.
تجدر الإشارة إلى أن فكرة الجلد الاصطناعي في علم الروبوتات ليست مستحدثة كليًا. فمنذ عام 2016، استعرض الباحثون تقنيات تعتمد على حساسات دقيقة في أطراف أصابع الروبوتات، لتمكينها من استشعار شكل وملمس الأجسام.
غير أن هذه الأساليب كانت معقدة، إذ إن استشعار الضغط والحرارة معًا، مثلًا، يستدعي تركيب نوعين مختلفين من الحساسات، ما يؤدي إلى تداخل الإشارات، ما قد يُضعف دقة الاستشعار، بل قد يسبب تلف الحساسات.
لذلك، بدلًا من الاعتماد على مزيج من الحساسات المنفصلة، طور الفريق مادة موحدة قادرة على استشعار أنواع متعددة من المحفزات.
اختاروا لهذا الغرض هلامًا مائيًا جيلاتينيًا، طريًا وقابلًا للتمدد، وموصلًا للكهرباء، يعمل على تحويل المحفزات الفيزيائية، مثل درجة الحرارة والضغط، إلى إشارات كهربائية تُعالج حاسوبيًا.
يحتوي هذا الهلام على أكثر من 860 ألف مسار إشاري ضمن بنيته، ما يسمح باستشعار متعدد الأبعاد. خضع الجلد الاصطناعي لاختبارات فيزيائية دقيقة لمعايرة أدائه وتفاعله مع مؤثرات مختلفة.
وتُعد هذه التقنية نقلة نوعية في علم الروبوتات، إذ تمهد الطريق نحو تطوير روبوتات أكثر إدراكًا لمحيطها، وأعلى قدرة على التفاعل مع البيئات المعقدة بطريقة آمنة وفعالة.
أيضًا فإن هذا الجلد الاصطناعي قابل لإعادة التشكيل، إذ يمكن إذابته وصبه في أشكال جديدة.
أراد الباحثون اختبار قدراته حين يُصاغ في هيئة يد بشرية، فكانت النتيجة يدًا أقرب ما تكون إلى قفاز عمال مستعمل. ثبتوا القفاز على يد روبوت، وشرعوا في اختباره بالضغط عليه بالأصابع والمسح برفق على سطحه. رغم الشكل الواقعي، استطاع الجلد تمييز درجات متفاوتة من الضغط.
عرّض الباحثون اليد لدفقة من الحرارة، أدت إلى ذوبان جزئي في الجلد، قبل أن يستخدموا مشرطًا لإحداث تمزق فيه. مع ذلك، تمكن الجلد الاصطناعي من استشعار كل محفز على حدة، بواسطة حساس موحد.
صحيح أنه ما زال أقل استجابة من الجلد البشري، لكنه تفوق على الأنظمة المعتمدة على حساسات متعددة.
يؤكد الباحثون أن تجاربهم، التي شملت الضغط والحرارة وحتى التمزيق، لم تكن لمجرد الاختبار فحسب، بل لإثبات أن هذا الجلد الصناعي قابل للصب والتشكيل وفقًا لأجزاء مختلفة من جسد الروبوت، دون أن يفقد قدرته على الإحساس.
إذا أُحيط الروبوت بهذه الطبقة الحسية، فسيكون بإمكانه التفاعل مع بيئته -سواء في مصنع سيارات أو في موقع إنشاءات- بطريقة أقرب لما يقوم به الإنسان.
قد تكون هذه التقنية بالغة الأهمية في حال طُورت الروبوتات البشرية لتعمل إلى جانب البشر في بيئات حقيقية. فإذا ناول الروبوت جزءًا من سيارة لعامل بشري، فمن المهم أن يعرف ما إذا كان ذلك الجزء شديد السخونة.
اقرأ أيضًا:
رجل مشلول يتحكم بيد روبوتية باستخدام عقله
اختراع روبوت جديد يستطيع المشي والسباحة بمفرده دون مساعدة الحاسوب
ترجمة: لور عماد خليل
تدقيق: مؤمن محمد حلمي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة انا اصدق العلم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من انا اصدق العلم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.