أثار إطلاق شركة OpenAI لمتصفحها الجديد ChatGPT Atlas حالة من الجدل الواسع، إذ يعد الخطوة الأجرأ فى سباق إعادة تشكيل تجربة التصفح عبر الإنترنت كما نعرفها، نظرًا لأن المنصة الجديدة لا تُقدَّم بوصفها مجرد متصفح أو محرك بحث تقليدى، بل كبوابة ذكية تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعى، تُعيد تعريف علاقة المستخدم بالمحتوى الرقمى وتضعه فى قلب التجربة.

ويبدو أن OpenAI تسعى من خلال هذه الخطوة إلى الدخول بقوة في معركة السيطرة على الإنترنت ومنافسة عمالقة التكنولوجيا مثل جوجل ومايكروسوفت وآبل، الذين احتكروا تجربة التصفح لعقود طويلة.

ويمتاز ChatGPT Atlas بقدرته على تقديم تجربة أكثر تخصيصًا، إذ يتيح لكل مستخدم التفاعل مباشرة مع أى صفحة يزورها من خلال خيار مبتكر تحت عنوان "اسأل ChatGPT"، فعند البحث مثلًا عن فيلم داخل المتصفح، يمكن للمستخدم أن يطلب من ChatGPT تلخيص المراجعات النقدية حول الفيلم فى لحظات، دون الحاجة إلى النسخ واللصق أو الانتقال بين المواقع المختلفة.

ولا تتوقف مزايا المتصفح عند ذلك الحد؛ إذ يقدّم ChatGPT Atlas ميزة استثنائية تُعرف باسم "وضع الوكيل" (Agent Mode)، والتى تحوّل المتصفح إلى مساعد شخصى شامل، فمن خلال هذا الوضع يمكن للمستخدم إنجاز مهام متنوعة مثل اختيار المطاعم المناسبة أو البحث عن وصفات الطعام ومكوناتها، إلى جانب المساعدة فى الأعمال المكتبية كقراءة المستندات، وتحليل البيانات، وإجراء الأبحاث الجديدة، ثم تقديم ملخصات دقيقة وشاملة فى وقت قياسي.

هذا التطور الكبير فى مجال التصفح كانت له تداعيات على الأسواق المالية، فقد أثّر الإعلان عن إطلاق ChatGPT Atlas بشكل مباشر على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث شهدت جوجل تراجعًا فى حصتها السوقية بنحو 5%، وهو ما يعكس قلق المستثمرين من دخول منافس قوى يمتلك تقنيات قادرة على تغيير قواعد اللعبة.

ويمثل هذا المتصفح تهديدًا حقيقيًا لمكانة جوجل كروم، الذى يستخدمه أكثر من 3 مليارات شخص حول العالم، خاصة فى ظل سعى جوجل لمواجهة التطور عبر دمج ميزات الذكاء الاصطناعى فى متصفحها من خلال تقنية Gemini.

ومع توالى ردود الفعل، تكبدت الشركة الأم لجوجل خسائر ضخمة، إذ تراجعت قيمتها السوقية بنحو 100 مليار دولار أمريكى عقب إعلان إطلاق ChatGPT Atlas، فى مؤشر واضح على أن المنافسة المقبلة فى عالم التصفح لن تكون تقليدية، بل ستدور حول من يمتلك الذكاء الاصطناعى الأكثر فهمًا للمستخدم.