فيديو / صحيفة اليوم

معرض الكتاب والمعارك الأدبية


لعلنا نتحدث في موضوع قريب من حدث الساعة «معرض الكتاب السنوي»، حيث يظهر كتاب من وقت إلى آخر يثير جدلا في انتقاد كاتب أو أديب مشهور له مؤلفات ذاع صيتها، وهذه مسألة تحدث كثيرا عبر التاريخ، ولها معارك وسجالات أدبية متنوعة، منها مثلا كتاب العقاد والمازني في نقد شعر أحمد شوقي - رحمهم الله - جميعا.
وفي هذا المقال لي بعض من الوقفات مع تواضع قلمي في الأدب والثقافة أمام قامات كبيرة في العصر الحديث وما قبله، ولكنها لمحات يفيض بها صدري وقلمي، ولعلي ألجمها بالعقل والمنطق بعيدا عن العاطفة ما استطعت إلى ذلك سبيلا. وسأحاول أيضا أن يكون رأي بعيدا عن أسماء بعينهم، لأن المقصد هو الفكرة وليس أشخاص بذواتهم، وما ذكرته من أسماء آنفا هو أمر مشهور جدا في بداية القرن العشرين إبان النهضة الأدبية الرائعة والقوية في المحروسة، والتي قدمت قامات وهامات في الأدب والثقافة، ومثال آخر أن أحد كبار الكتَاب والمفكرين حين سُئل لماذا انتقدت مصطفي لطفي المنفلوطي في بداية حياتك؟ فقال ما معناها: من أجل الشهرة! ويقول الدكتور زكي مبارك في كتابه النثر الفني «أو الدكاترة زكي مبارك! كما يُحب أن يُطلق عليه لأن لديه أكثر من شهادة دكتوراة»: «وكذلك كان طلاب الشهرة في عصر الخوارزمي يلجأون إلى الإساءة لشخصيات الكبيرة ليتم لهم ما يبتغون من الظهور، كما يفعل الخاملون في عصرنا هذا حين يهاجمون النابغين والعباقرة طمعًا في أن تذيع أسماؤهم ويعرفوا بصحة الفهم، وقوة النقد، وسعة الاطلاع.
أولا: في النقد لا بد من الاحترام المتبادل، والبعد كل البعد عن الاتهامات والألفاظ الخارجة عن إطار الأدب والذوق، فلا يصح أن تكون الغاية مبررة للوسيلة! ومما أذكر جيدا وعلق في ذاكرتي هو أدب الإمام الشافعي الرفيع في مثل هذه الاختلافات، «فعن المُزني قال: سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول: فلان كذّاب، قال: يا أبا إبراهيم! اُكْسُ ألفاظَك أَحْسَنَها، لا تقل: فلان كذّاب، ولكن قُل: حديثه ليس بشيء».
ثانيا: الحذر من الطعن أو اللمز في قضية النيات، فهذه طامة كبرى واتهام خطير، فقد نُقل عن ابن القيم كلام نفيس في هذه المسألة حيث قال: والله إن العبد ليصعب عليه معرفة نيته في عمله، فكيف يتسلط على نيَّات الخلق! وأقوى من ذلك وأشد وطئا، قوله - عليه الصلاة والسلام - معاتبا الصحابي الجليل أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-: «أفلا شقَقتَ عن قلبِهِ حتَّى تعلمَ مِن أجلِ ذلِكَ قالَها أم لا؟»، فما في القلوب يعلمه علام الغيوب.
ثالثا: لنتذكر جمعيا قول الشاعر: ما من كاتِب ِإلا سيفنى.. ويبقى الدهرُ ما كتبت يداه، فلا تكتـُب بكفِك غيرَ شيء.. يسرُك َفي القيامة أن تراه، وانظر حولك وتفكر أين ذهب الناقد والمنقود؟! كلهم قد رحلوا، وبقي ما كتبوا فإما لهم أو عليهم.
رابعا: الانتصار للنفس ليس مسوغا للنقد، بل هي بئس المطية! للوصول إلى الحق الظني، لأن مسألة النقد الأدبي هي ظنية الآراء، وتختلف من زاوية إلى أخرى، ويحتمل فيها الصواب والخطأ، صحيح أن هناك أصول ومقاييس وأسس وأساليب أدبية، ولكن يظل الأمر نسبي لا يصل إلى حد اليقين في مراحل الملاحظة، والتحليل، والتأويل، ثم التقييم، بل تتداخل العاطفة والأسلوب والجمال والذوق في عملية النقد.
وبناء على ما أسلفنا، النقد أو الكتابة من أجل الشهرة وحب الظهور قد يضر أكثر مما ينفع، لأن النفس البشرية مراوغة بطبعها!
@abdullaghannam

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا