فيديو / صحيفة اليوم

والسبهلل!


الحديث عن شهر المبارك لا يُمل، والكتابة عنه لها طابع خاص ومختلف، فحتى الورق والقلم يستشعران روحانيته وصفاؤه. هذا الشهر المبجل يأتي بهجة للقلوب العارفة، وبلسم للجوارح المذنبة، هو شهر كله بركات ورحمات ومغفرة. ومن مقاصده الكبرى، تعزيز الإيمان والتقوى، وتطهير النفس والروح، والتضامن والرحمة مع معاناة الآخرين. وفيه تمرين للضبط النفس، والحد من رغباتها وانفعالاتها، وفيه أيضا تعلمٌ للصبر والعزيمة والانضباط. والفرصة كذلك فيه مواتية لمعالجة ما تراكم على أفئدتنا من ضغائن وعدوات.
ولعل من أبرز المعالم في رمضان، هو مشاهد تلاوة القرآن الكريم في المساجد وغيرها. صحيح أنه من المفترض ألا ينفك المسلم عن قراءته طوال السنة! ولكن نزوله في هذا الشهر هي ميزة خاصة، ولمحة متفردة، والله سبحانه وتعالى قد قال: «شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ». وقد ذُكر في السيرة النبوية أن أول ما نزل من القرآن كان في هذا الشهر، وقيل في ليلة السابع العشر (17). وجاء في الحديث النبوي الشريف: «حتّى فجئه الحقّ وهو في غار حراءٍ، فجاءه الملك، فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئٍ، قال: فأخذني، فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني، فقال: اقرأ، قال: قلت: ما أنا بقارئٍ، قال: فأخذني، فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني، فقال: أقرأ، فقلت: ما أنا بقارئٍ، فأخذني، فغطّني الثّالثة حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني، فقال: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)».
ولا بد من الإشارة إلى أن التعود على النعمة يذهب عنا الشعور بفضلها وقيمتها، ويسمى «الألفة» والاعتياد، ومن هنا تأتي معضلة فقد الشعور بالامتنان، لكثرة النعم، وسهولة الوصول إليها. وللأسف أصبح البعض منا «يهاط» بالإسراف والتبذير بها، مع أنه من المعلوم، أن الله سبحانه وتعالى لا يحب المسرفين، وأن الكرم منزلة بين الإسراف والبخل.
وللتذكير، فإن من مقاصد هذا الشهر هو الشعور بالجوع والعطش لا لذاتهما، ولكنه درس سنوي وعملي للشكر والحمد، وللإحساس بما يعانيه الأخرون من حش الموارد الأساسية للحياة، وقلة ذات اليد.
ولعل البعض منكم يتفق معي، ومن خلال خبرة السنوات الماضية أيضا، أن أسرع الشهور قدوما وذهابا هو شهر رمضان. فهو أيام معدودات، وفرصة ذهبية قد لا نعيشها مرة أخرى، فمن السذاجة وقلة الفطنة أن نهدر أفضل الساعات والأوقات سبهللا! ويُذكر عن ابن القيم -رحمه الله- أنه قال: إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
ومن الملاحظ أننا قد نخطط لأشياء كثيرة في حياتنا البعض منها غير مهم، ولكن المدهش والمؤسف، أننا نفشل في وضع أدنى خطة لهذا الشهر! مع أننا نعلم أن التخطيط اليسير والبسيط سيساعد على جدية العمل، وحسن التنفيذ. وهم يقولون: من فشل في التخطيط، فقد خطط للفشل.
ومن الحكم التي سمعتها من الدكتور مصطفي محمود -رحمه الله- وهي مناسبة للحياة بشكل عام، ولهذا الشهر الفضيل بشكل خاص، والتي لا تحتاج إلى كثير تعقيب وشرح، قوله: «نقاوم ما نحب ونتحمل ما نكره، الكلمتين دول هم كل الدنيا».
والحقيقة الموجعة فعلا، أن شهر رمضان جاء أصلا ليملأ القلوب والعقول لا البطون والأبدان!
@abdullaghannam

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا