فيديو / صحيفة اليوم

الإعلامي ليس كل من قال «أنا إعلامي»


أصبح من المعتاد أن نرى أشخاصًا يقدّمون أنفسهم كـ»إعلاميين» لمجرد نشاطهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو امتلاكهم لعدد كبير من المتابعين. هذا المشهد، وإن بدا مألوفًا، إلا أنه يطرح سؤالًا مهنيًا مهمًا: من فعلاً يستحق أن يُنادى بلقب «إعلامي»؟
الحقيقة أن الإعلام ليس مجرد ظهور، ولا هو عدد متابعين أو مشاركات يومية. الإعلام تخصص أكاديمي ومجال معرفي متكامل، يتطلب دراسة معمقة وفهمًا للأخلاقيات المهنية، والمبادئ الأساسية في الكتابة والتحرير، وأدوات الاتصال، ومهارات الحوار، إضافة إلى الوعي المجتمعي والسياسي والثقافي، وله العديد من المسارات.
طلاب وطالبات الإعلام، الحاصلون على شهادات في هذا التخصص، لم يدخلوا هذا المجال من باب المصادفة. بل سلكوا طريقًا مهنيًا واضحًا، بدءًا من مقاعد الدراسة، مرورًا بالتدريب، وصولًا إلى الممارسة المسؤولة. هذا الطريق وحده كفيل بتشكيل «الإعلامي» الحقيقي القادر على أن يكون صوتًا للمجتمع، وعينًا على القضايا، وقلمًا واعيًا لا يُحرّكه الهوى ولا تسيره الأضواء.
أما من اختصر هذا المسار على مجرد نشاط فردي أو شهرة لحظية، فهو وإن كان له تأثير، لا يعني بالضرورة أنه إعلامي بالمعنى الحقيقي للكلمة. الفرق واضح: الإعلامي يعمل بمسؤولية مهنية، بينما الآخر يعمل وفق ما يراه مناسبًا له، دون التقيد بمعايير أو ضوابط. وهنا يأتي دور الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، الجهة المسؤولة عن تنظيم المحتوى الإعلامي وضبط ممارساته، بما يضمن حماية المهنة من التطفّل، وصيانة الرسالة الإعلامية من العبث أو التشويه. ومن هنا، فإن من الأفضل -بل ومن الضروري- أن يكون منح التسجيل المهني الإعلامي محصورًا بمن يحمل مؤهلًا أكاديميًا في الإعلام أو اجتاز تدريبية ودورات معتمدة في هذا المجال، حتى لا يُساوى بين من اجتهد وتعلّم، ومن اتخذ من «الظهور» وسيلة للحصول على مسمى لا يستحقه.
الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الرسالة، بل هو رسالة بحد ذاته، ويجب أن يكون من يحمل هذه الرسالة على قدر من المسؤولية والوعي. لو كان مجرد الظهور الرقمي يكفي لتسمية المرء «إعلاميًا» لما كانت هناك ضرورة لدراسة الإعلام لأربع سنوات، لما كانت هناك مناهج ونظريات وأخلاقيات تحكم هذا المجال. لا يمكن أن يتساوى من قضى سنوات من عمره يتعلم ويتدرب، مع من اكتفى بالظهور الرقمي دون محتوى هادف أو تأصيل مهني حقيقي. من باب الإنصاف واحترام المهنة، يجب أن يُمنح هذا اللقب لمن تدرّب وتأهل وأثبت جدارته، وليس لمن لم يقدم سوى صورة سطحية لا تليق بقيمة الإعلام كمهنة ورسالة.
فالإعلام لم يكن يومًا بابًا مفتوحًا لكل عابر، بل ميدانًا لا يصمد فيه إلا من تدرّب وتأهل واحترف. وليس من العدل أن يتساوى من أفنى سنوات في طلب العلم والتدريب، بمن حمل المسمى دون مضمون. حماية هذا اللقب هو حماية للمهنة، وللثقة التي بناها الإعلام الحقيقي عبر عقود مديدة. فليُمنح الاسم لمن يستحق، ولتبقَ الكلمة أمانة لا يجرؤ على حملها إلا من وعى قدرها.
@pbthdw

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا