في عالم الموضة الراقية، تأتي اللحظات التي تقف فيها علامة ما لتعيد قراءة تاريخها وتواجه حاضرها بعينٍ جديدة، تجمع بين الذكريات والابتكار، هذا بالضبط ما قدمته دار سكياباريلى Schiaparelli في مجموعتها الموسمية لخريف وشتاء 2025–2026 التي حملت عنوان "لون ستار Lone Star"، وهي تسمية ليست مجرد إشارة إلى ولاية تكساس الأمريكية، بل إلى رؤية فنية تتفرد بمزج البساطة الريفية مع الخيال السريالي الفاخر الذي لطالما ميّز الدار منذ عشرينيات القرن الماضي.
تحت قيادة المدير الإبداعي دانيال روزبيري، تستمر شياپاريللي في الانطلاق نحو آفاق جديدة من التعبير الجمالي، ولكن دون التخلي عن إرثها العريق، وقد جاءت هذه المجموعة في جوهرها احتفاءً بالجلد بوصفه وسيطًا تصميميًا، تتحاور فيه الصلابة مع الليونة، والهندسة مع الحركة، والفخامة مع الحس العملي المرتبط بتراث الغرب الأمريكي.
في هذه التوليفة، زاوجت الدار بين ثقافة تكساس ومسارات الزخرفة التاريخية العريقة للدار، الأمر الذي أوجد مجموعة لا تحمل فقط أبعاداً جمالية، بل قصة متكاملة تنبض بالهوية الشخصية والفنية.
روزبيري والعودة إلى الجذور: رؤية تنطلق من الذاكرة الشخصية
- لطالما تُركت بصمات روزبيري الخاصة في كل مجموعة يُقدمها، وهذه المرة استعان بنشأته في تكساس لتكون النواة الفكرية للمجموعة.
- ليس كمرجع سطحي لثقافة "الكاوبوي"، بل كرؤية فلسفية أعمق تتساءل:
كيف يمكن ترجمة شيء "خشبي، تقليدي، وظيفي" إلى قطعة أزياء تحمل روحًا فاخرة؟
من هذا السؤال بدأت المجموعة، حيث يتعامل روزبيري مع الجلد كما لو كان خامة تعبيرية يمكنها الانتقال من حالة إلى أخرى دون فقدان معناها الأساسي، وفي هذا السياق يصبح الجلد ليس مجرد مادة، بل لغة تشكيلية يمكن للدار من خلالها تجسيد:
- القوة.
- الاستقلال.
- الصلابة.
- المرونة.
- الأنوثة والرجولة معًا.
بهذا المعنى، تتحول هوية تكساس إلى منصة للحوار مع إرث شياباريلي السريالي، في مزيج لم يسبق للدار أن قدمته بهذا الاتساع والتوازن.
الجلد كجوهر تصميمي: عندما تصبح المادة شخصية درامية
- في كثير من الأحيان، يكون الجلد في الأزياء مجرد خيار بصري يعتمد على اللمعان أو الثقل أو الشكل.
- لكن في هذه المجموعة، ارتقى إلى مستوى "الحدث المركزي" الذي تدور حوله القصة.
- لقد تعامل روزبيري معه كما يتعامل النحات مع مادة خام يمكن صوغها وتحميلها بالمعنى.
ويتجلى ذلك في ثلاث ظواهر أساسية:
الحجم الذي لا يفقد الحركة: قدّم المصمم معاطف وسترات وبناطيل جلدية ضخمة، لها حضور قوي على الجسم، ومع ذلك لا تبدو ثقيلة، يتم تحقيق هذه المفارقة عبر:
- معالجة الجلد بطرق تسمح له بالاحتفاظ بالثبات عند الحواف.
- استخدام الخياطة المعمارية لتعزيز البنية.
- توزيع الوزن بطريقة تُفسح المجال للحركة الطبيعية للجسد.
ومن أبرز الأمثلة بنطال الكاوبوي واسع الساقين، الذي يبدو مثل منحوتة ثلاثية الأبعاد قابلة للارتداء، يجمع بين الزخرفة الريفية والتفاصيل الراقية.
شاهدي أيضاً: مجموعة Schiaparelli خريف وشتاء 2025-2026
الحوار بين الليونة والصلابة
تُطبّق على قطع المجموعة أنواع مختلفة من الجلود:
- جلد ناعم أملس.
- جلد مضغوط ومعالج.
- جلد لامع.
- جلد محفور أو مطبوع.
هذا التنوع لا يهدف للتزيين فقط، بل لخلق سرد بصري يُترجم ثنائية تكساس:
- النحاس المصقول.
- أحجارًا معدنية.
- نقوش السَّرج.
- خطوط نقاء هندسية.
وبذلك يصبح الجلد حاملاً للذاكرة، وليس إطارًا للملابس فقطو رموز Schiaparelli تعود بروح جديدة: السريالية داخل سياق مذهل.
منذ عهد إليزا شياپاريللي، تميّزت الدار بجرأتها في إدخال الرموز السريالية في الأزياء، سواء عبر:
- الحلي غير التقليدية.
- الرسوم التشكيلية.
- الحوار بين الإنسان والجماد.
- فك طابع "الزينة" وتحويله إلى خطاب بصري.
- الرموز الهندسية جنوب الغربية.
- التكوينات الصحراوية.
- النقوش المقاربة للفنون القبلية الأمريكية.
وعبر هذا الدمج يتحول الجلد إلى خريطة ثقافية متكاملة.
شاهدي أيضاً: مجموعة Schiaparelli هوت كوتور 2025
الملابس: بنية خير تمرد، وأناقة لا تخشى الفكرة
تميّزت المجموعة بقطع تُجسّد التمكن الفني دون مبالغة.
الفساتين: جاءت بتكوينات بعيدة عن الكلاسيكية التقليدية، حيث لعبت، أدواراً مركزية لإعادة تعريف "الأنوثة"، مع بقاء الخصر والنحت أساساً بصرياً في كل قطعة.
- الإطلالات المزدوجة: لتخلق ما يشبه "حادثة بصرية"، فيها توازن بين الجاذبية والصلابة.
- الأكمام المعمارية: تحضر بزوايا واضحة وكتل مرتفعة تعطي الإنتباه إلى أعلى silhouette، وهي واحدة من أهم لغات روزبيري التصميمية.
لتستقبل كل من أرادت أن تستثمر الجلد ليس كهدف زخرفي، بل كجزء من بناء شخصيتها.
الإكسسوارات: حين يصبح الجلد معدنًا، والمعدن جلدًا
واحدة من أجمل التجليات الإبداعية في المجموعة هي الإكسسوارات التي ترفض الانحياز لمادة واحدة:
الحقائب
من أبرزها:
حقيبة كلاتش تبدو كقطعة نحاس مطروق، لكنها جلد بالكامل، حقيبة "Secret" التي تجمع بين:
- معدن سريالي.
- جلد مرن.
- تكوين وظيفي.
لتتحول الحقيبة من مجرد قطعة مكملة للزي إلى “كائن بصري” يحمل حضورًا وتاريخًا.
الأحذية
اعتمدت:
- كعوب معدنية.
- تصاميم مربوطة.
- مقدّمات حادة توحي بالقوة.
الأحزمة
وصلت إلى مستوى التشكيل الفني، إذ استخدم المصمم:
- الانحناءات.
- القطع الانسيابية.
- التفريغات الهندسية.
لخلق أحزمة تشبه قطع النحت الصغيرة على الجسم.
ألوان المجموعة: لوحة تستوحي الغروب والطبيعة واستراتيجيات الضوء
لم تتعامل الدار مع الألوان بوصفها "اختيارًا بصريًا"، بل بوصفها امتدادًا لروح المكان، لذا جاءت الألوان في ثلاثة محاور:
درجات الأرض
- البني المحروق.
- الطحيني.
- التبغ.
- الأخضر الزيتوني.
هذه الدرجات تجسّد الأرض، الخشب، التراب، والحياة القاسية في مناطق الغرب.
الأسود الخالص
ظهر بكثافة ليشكل الخلفية المثالية لإبراز:
- الذهب.
- النقوش.
- التراكيب الجلدية.
الذهبي
اللون الذي يرفع الجمالية من "تراثية" إلى "رفاهية حداثية"، وهو توقيع تاريخي لشياباريلي.
المجموعة بين التراث والتجريب: سؤال أعمق من الموضة
هذه المجموعة ليست مجرد:
- جلد.
- أناقة.
- ألوان.
- زخارف تكساسية.
بل هي رسالة تقول: يمكن للأزياء أن تكون وطنًا يتحرك على الجسد، لا مجرد قطعة تُرتدى.
روزبيري لم يقدّم امرأة خجولة أو عابرة، بل امرأة:
- تملك حضورًا.
- تصنع خطابًا.
- تتعامل مع ملابسها كرمز قوة لا مجرد ترف.
- لديها وعي بماضٍ فني وبحاضر شخصي يترك أثرًا.
لماذا تنجح هذه المجموعة في مستقبل الموضة؟
لأنها تجمع بين خمس ركائز أساسية:
- جماليات قوية يمكن تمييزها فورًا
- كل قطعة لها silhouette واضح ومتفرّد.
شاهدي أيضاً: مجموعة Schiaparelli هوت كوتور ربيع 2025
شاهدي أيضاً: مجموعة Schiaparelli ربيع 2025 في أسبوع باريس للموضة
شاهدي أيضاً: مجموعة Schiaparelli خريف وشتاء 2025-2026
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
