«الخليج» تفتح نافذة على قصص إنسانية نابضة بالأمل، تجسِّد قيم الرحمة والتكافل في مجتمعنا، فنروي حكايات أولئك الذين يتعثرون في طريق الحياة، ثم يجدون أيادي العطاء تمتد إليهم، لتعيد إليهم معنى الانتماء، وليبقى الخير لغة مشتركة تجمعنا.
لا يشعر أيُّ مواطن في دولة الإمارات بالتعب أو العجز، أو الضيق، فالدولة تسابق الزمن لمدّ يد العون فور الحاجة، في وطن يتولى فيه المحسنون والخيرون دوراً راسخاً يعزز نهج القيادة الرشيدة في ترسيخ قيم العطاء، تلك القيم التي تجذّرت في نفوس أبناء الإمارات، واستقاها من إرث الآباء والأجداد.
وقد أسهمت هذه الجهود في تعزيز مكانة الدولة الرائدة في العمل الخيري، وتعميق قيم الخير والفضيلة حتى أصبح الإحساس بآلام الآخرين والاهتمام بقضاياهم الإنسانية سلوكاً يومياً يمارسه أبناء الإمارات في كل مكان.
تلبية احتياجات
ويتجسد هذا الخير في مبادرات وجهود الكثير من المؤسسات الخيرية، ومن أبرزها «جمعية دبي الخيرية»، التي ما إن علمت بحالة المواطن حتى سارعت إلى الوقوف إلى جانبه وتلبية احتياجاته بلا تردد.
ذهبت «الخليج» إلى منزل المواطن «ص.ع.ا.م» في إحدى القرى، فاستقبلنا ودموع عينيه تغلب صلابته، بعدما ضاقت به الأيام واشتدت الديون حول عنقه، ليجد نفسه بين ليلة وضحاها عاجزاً عن تأمين الحدّ الأدنى من احتياجات أسرته الكبيرة، المكوّنة من 21 ابناً وبنتاً، بينهم طفلان من أصحاب الهمم، إلى جانبه وزوجاته الأربع.
المنزل الصغير بدا وكأنه يختنق بأهله، الأطفال ينامون في غرفة الأب، بينما تحوّلت الأرض إلى أسِرَّة، الأب والأم يقضيان ليلهما في غرفة ضيّقة يشاركهما فيها الصغار، أما الغرفة الثالثة، فهي تجمع الأولاد والبنات معاً من دون أي فاصل يحفظ خصوصيتهم أو يراعي اختلافاتهم في العمر والاحتياجات.
يقول الأب بصوت مختنق «هذا ليس مجرد ضيق مكان هذا خطر على تربيتهم وصحتهم النفسية».
قرارات الأب الأكبر
استعاد الرجل ذكرياته قائلاً: «نشأت في منطقة يحب أهلها كثرة الأولاد، كنت لا أتجاوز 18 عاماً حين أصرّ والدي على زواجي، وعندما تأخرت زوجتي الأولى في الإنجاب بضعة أشهر، ضغط عليّ للزواج من الثانية، فجأة أصبحت أباً لاثنين، وأنا لم أبلغ العشرين».
لم يكن الأمر اختياراً كاملاً بالنسبة له «حبّ والدي للأولاد كان يدفعه دائماً، فطلب مني الزواج بالثالثة، مهدداً بغضبه إن رفضت، ثم تكفل بكل نفقاتنا، وكنت أعمل في جهة حكومية براتب جيد، فلم أشعر بالعبء وقتها. وبعد سنوات، أصرّ على زواجي من الرابعة».
يكمل بنبرة حزينة «هكذا وجدت نفسي مسؤولاً عن أربع زوجات وأسرة تكبر عاماً بعد آخر، رزقني الله ب12 ولداً و9 بنات، كنت حريصاً على تعليمهم ورعايتهم، خصوصاً طفليّ من أصحاب الهمم».
مرت السنوات وكبر الأبناء، معها كبرت التحديات «الكلف تضاعفت.. تعليم، وطعام، وعلاج، وملابس، واحتياجات يومية، لأول مرة اضطررت للاقتراض من البنك ورهنت منزلي، ثم جاءت كلف زواج بعض الأبناء، فازدادت الديون وازداد الحمل».
يقول الرجل بأسى: «لم أتخيل يوماً أن يصل راتبي التقاعدي إلى 7400 درهم، مبلغ لا يكفي لأساسيات الحياة. اليوم أمامي حكم قضائي: إمّا السداد، أو فقدان المنزل الوحيد الذي يضمّ أسرتي كلها».
استجابة فورية
تابعت «الخليج» حالة الأسرة وتواصلت مع «جمعية دبي الخيرية»، التي استجابت فوراً للحالة، وأكد أحمد السويدي، المدير التنفيذي، أن «دور الجمعية (بناء الإنسان) عبر دعم احتياجاته التعليمية والصحية والاجتماعية، سعياً لتمكينه من الاعتماد على نفسه، والوصول إلى الأسر المتعففة الأكثر حاجة، وتركز على المشاريع التي تلامس احتياجات الإنسان الأساسية وتضمن استقراره، ليصبح عضواً فاعلاً في المجتمع».
ورغم المساعدة، تبقى الحكاية مفتوحة على أمل أكبر، آمل أن يجد هذا الأب وأسرته طريقهم نحو حياة أكثر استقراراً، بعيداً من ديون تراكمت لسنوات، وأحلام مؤجلة تنتظر من يمدّ لها يد العون.
حالة ميدانية
أوضح محمود سحلبجي، مدير إدارة تنمية الموارد في جمعية دبي الخيرية، أنهم تحركوا سريعاً لرصد وضع الأسرة: «خلال أيام قليلة زارنا الحالة ميدانياً، وتأكدنا من سوء أوضاعهم المعيشية، وبخطوات عاجلة قدمنا له 120 ألف درهم ليبدأ بناء منزل جديد يضمن الحد الأدنى من الخصوصية والكرامة لأسرته، على أن يستكمل المبلغ لاحقاً.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
