تشير معطيات سوق الإلكترونيات وتقنيات المعلومات في دولة الإمارات، إلى أن المستهلك الإماراتي أصبح رقمياً بامتياز، واعياً بالاتجاهات، سريع التبني للحلول الجديدة، وأكثر مطالبةً بالأداء والقيمة والاستدامة في آنٍ واحد. 
وانعكس هذا المزاج الاستهلاكي المتقدّم مباشرةً على سياسات الشركات العالمية في الدولة، التي باتت تتعامل مع الإمارات كسوق اختبار متقدم لمنتجات الذكاء الاصطناعي والأجهزة الخضراء وتجارب الاستخدام المخصصة.
تترسخ صورة الإمارات كمنصّةٍ دوليةٍ لتجريب تقنيات المستقبل، حيث تتقاطع الابتكارات مع السياسات العامة المؤيدة للتحول الرقمي، وتتقدم البنية التحتية الذكية والقدرة الشرائية ووعي المستهلك لتجعل من الدولة مختبراً مفتوحاً لتقنيات السحابة والذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية القابلة للإصلاح.
وبات سكان الإمارات القوة المحركة لتوجهات الصناعة في المنطقة، فهم لا يكتفون بمطاردة أحدث الصيحات، بل يطالبون بتقنيات تعمل فعلياً وتضيف قيمةً قابلة للقياس، مع مراعاة الاستدامة والخصوصية وتجربة الاستخدام الإنسانية.
سوق سبّاق 
تؤكد جومانا كرم، رئيسة قسم التسويق لدى آيسر في الشرق الأوسط وإفريقيا، أن الإمارات من أهم أسواق الشركة عالمياً بفضل ديناميكية الطلب وتنوّع شرائح المستخدمين. تقول: «لا يبحث المستهلك في الإمارات عن أحدث المواصفات فحسب، بل عن استثمار طويل الأجل يجمع الأداء والسعر المعقول والاستدامة في جهاز واحد».

وتكشف جومانا أن مبيعات «آيسر» في الدولة نمت بأكثر من 15% خلال 2025 وفق تقرير GfK–NielsenIQ، مدفوعة بفئتين رئيستين: Aspire Lite الاقتصادية الموجهة للتعلم والعمل الهجين وPredator/Nitro المخصصة للألعاب التي تشهد طفرة ملحوظة بين الشباب والمحترفين على السواء.
وترى كرم أن الذكاء الاصطناعي بات «قلب التصميم» في الحواسيب الحديثة، فالمستهلك يتوقع أداءً متكيّفاً وتطبيقات قادرة على التعلم وتحسين التجربة. لذلك تعاونت «آيسر» مع شركاء الشرائح لتضمين وحدات معالجة عصبية (NPU) ومعالجات رسومية متقدمة تسمح بتنفيذ الكثير من مهام الذكاء محلياً، مع أنظمة تبريد محسّنة تحافظ على الاستقرار تحت الأحمال العالية، وإدارة طاقة ذكية ترفع كفاءة البطارية بنحوٍ ملحوظ مقارنة بالأجيال السابقة. 
وتضيف: «هدفنا أن يبقى الجهاز بارداً وسريعاً وفعالاً طوال يوم العمل، وأن يظلّ قادراً على تشغيل تطبيقات التصميم والنماذج التوليدية دون تنازلات».
وعلى مستوى القنوات، أطلقت الشركة برنامج Acer Partner Connect بأدوات تحليلات لحظية لتحسين قرارات المخزون والتسعير والحوافز.
أما في الاستدامة، فتؤكد كرم أن «آيسر»، المصنفة ضمن قائمة تايم لأكثر الشركات استدامة عالمياً لعام 2024، تستخدم مواد معاداً تدويرها في سلاسل منتجاتها، وقد شمل ذلك أكثر من 40 مليون جهاز عالمياً منذ 2020، مع إقبال متزايد محلياً على سلسلة Vero المصنوعة من بلاستيك مُعاد تدويره بنسبة تصل إلى 30%.
«الاصطناعي» في كل منزل

يقول فيكاس تشادا، الرئيس التنفيذي لشركة «جمبو» للإلكترونيات: 2025 شهد نمواً مزدوج الرقم في مبيعات الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية والألعاب، مشيراً إلى أن ثقة المستهلك بالشركة وتنوّع محفظتها يدفعان الطلب باستمرار. 
ويوضح: أكثر من 50% من العلامات التي نوزّعها اليوم جاهزة للذكاء الاصطناعي، ونحو 25% من الأجهزة المنزلية الكبيرة باتت مزوّدة بخصائص ذكية لإدارة الطاقة والتشغيل.
وأكد أن قدرات الذكاء الاصطناعي لم تعد حكراً على الفئات العليا من الهواتف والأجهزة، بل أصبحت عنصراً أساسياً في الفئة المتوسطة أيضاً، ما وسّع قاعدة الاستخدام. وعلى جانب القنوات، تركّز «جمبو» على تجربة عميل متكاملة لا تتوقف عند البيع.. استشارات منازل ذكية، وتركيب وتوصيل، وخدمات صيانة وإصلاح لأجهزة، مثل الهواتف والحواسيب ومنتجات Dyson، إلى جانب ترقية المواصفات ونقل البيانات لضمان انتقال سلس إلى الأجيال الأحدث.
وتابع تشادا: رقمياً، تطور الشركة موقعها ومنصاتها عبر تحليلات سلوك المستخدم وتخصيص العروض اعتماداً على البيانات الضخمة، مع تقييم مستمر لأفضل منصات التجارة الإلكترونية لضمان سرعة التجربة وانسيابيتها. 
وأضاف تشادا: نرى اهتماماً متزايداً بالكاميرات المزودة بالذكاء الاصطناعي، والروبوتات المنزلية، والطائرات الصغيرة من دون طيار، وأجهزة التنظيف الروبوتية، إن الإمارات تقود موجات التبني الأولى في المنطقة، وإذا نجح المنتج هنا يسهل تعميمه في أسواق الجوار.
الهواتف القابلة للطي
كشف لورانس لي، المدير العام لشركة «هونر» HONOR في دول مجلس التعاون الخليجي، عن نمو 75% في مبيعات الشركة بالإمارات خلال النصف الأول 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024، بدفع رئيسي من سلسلة HONOR 400 والهواتف القابلة للطي.

وقال: «إن المستهلك الإماراتي ينظر إلى الهاتف القابل للطي كتجربة متكاملة في الإنتاجية والترفيه، لا كمنتج استعراضي».
وبحسب لي، تضاعفت شحنات Magic V3 مقارنة بالجيل السابق V2، مع توقع مضاعفة جديدة بعد إطلاق V5. وتعتمد استراتيجية الشركة على 3 محاور: تصميمات نحيفة وخفيفة عالية المتانة، تقنيات عرض وكاميرا متقدمة، وتكامل عميق للذكاء الاصطناعي في إدارة الطاقة والتصوير والأداء العام.
وأضاف: مستعدون لدعم شبكات 5.5G فور توفرها في الدولة، ونعمل بالتوازي على توسيع شبكة «هونر» Experience حتى يلمس المستهلك قيمة الابتكار مباشرةً قبل الشراء.
كما شهدت مبيعات العلامة عبر القنوات الإلكترونية — مثل «نون وأمازون» نمواً لافتاً، ما يعكس انتقالاً أوسع نحو التجارة الرقمية كعمود فقري للنمو. 
ويقول لي: الإمارات محور استراتيجي لتوسع «هونر» في المنطقة، وسنواصل الاستثمار في تجربة المستخدم والابتكار المحلي لتعميق حضور الشركة. 
الاستدامة.. فلسفة تشغيل
يؤكد سانميت سينغ كوتشار، نائب الرئيس الأول في «إتش إم دي» HMD جلوبال، أن الاستدامة جزء أصيل من الأعمال، باعتبارها فلسفة تشغيل تشمل البيئة والإنسان معاً، من التصميم والتغليف إلى الشحن وخدمة ما بعد البيع.
وقال: كوتشار: تُعد «إتش إم دي» من أولى الشركات التي وفّرت هواتف قابلة للإصلاح بسهولة، إذ يمكن للمستخدم استبدال الشاشة أو البطارية أو منفذ الشحن بأدوات بسيطة ودليل واضح، بما يطيل عمر الجهاز، ويقلل النفايات الإلكترونية، ويمنح المستهلك سيادة أكبر على أجهزته.

وأضاف، أن الشركة توسع محفظتها من المنتجات القابلة للإصلاح وتعميم قطع الغيار، مع تعزيز شبكة الشركاء لخدمات ما بعد البيع لتقليص زمن الإصلاح ورفع الاعتمادية. كما تعمل على زيادة المحتوى المعاد تدويره في الهياكل والتغليف، ورفع كفاءة الشحن عبر التحول التدريجي إلى النقل البحري للحد من الانبعاثات.