استقطب أسبوع دبي للتصميم واحتضن كوكبة من المواهب الإبداعية المحلية التي برعت في مجال التصميم والتشكيل، وبِرغم اختلاف وتنوع أفكار المشروعات الشبابية المشاركة، فإنها تميزت بالجمع بين الشكل الإبداعي والوظيفة والخدمة المجتمعية، إذ حرَص الفنانون المشاركون على أن تتبنى تصميماتهم رسائل مهمة عن الاستدامة والحفاظ على البيئة وإحياء التراث و صون الهوية.
وفي السطور التالية، نتعرف لنماذج ملهمة من التصميمات الفنية و المواهب الإبداعية التي لفتت الأنظار وتركت بصمة خاصة خلال أسبوع دبي للتصميم 2025.
خلال جولة «الخليج» بين المعارض والتصميمات المشاركة، استوقفَنا عمل إبداعي للفنان الإماراتي جاسم النقبي، مصمّم متعدّد التخصّصات ويتحدث لـ «الخليج»عن فكرة مشروعه «هيلة» ويقول:
استمددت فكرة التصميم من وحي الأساور الذهبية التي كانت ترتديها الجدات قديماً، فالذهب في ثقافتنا يقال عنه «زينة وخزينة»؛ إذْ يتم التزين به و تخزينه كوسيلة للادخار، و لهذا جاء تصميمي معبراً عن هذا التراث، و هو يمثل خزانة للمجوهرات بعنوان «هيلة» من وحي التقاليد الإماراتية، حيث كانت المجوهرات تنتقل من جيلٍ إلى آخر كرمزٍ للاستمرارية والارتباط العائلي. وانبثقت فكرة التصميم من تجربة شخصية، من رؤيتي سواراً ورثتْه والدتي عن جدتي، ثم انتقل إلى أختي، وأصبح ينطوي على قيمة لا تُقاس بثمنٍ ماديّ، بل بوزن الذكريات وعمق المحبّة. تحمل كلمة «هيلة» في طيّاتها معاني متعدّدة، فهي ترمز إلى الثروة والوفرة، واستخدمت في تنفيذ الخزانة معادن مستدامة من مخلفات المصانع، واستخدمت القماش المخمل الأحمر لتغليفه من الداخل، وهو اللون
والقماش اللذان كانا يستخدمان قديماً في تغليف اللؤلؤ و المجوهرات.
أما ناصر الغاوي، شاعر وفنان تشكيلي إماراتي، فقد أعاد تشكيل رمال الصحراء، وصخور الجبال، والأصداف البحرية، والأخشاب المحلية ليبتكر أعمالاً فنية تحمل رموزاً تراثية وإسلامية. في عام 2009، أسّس ناصر مركزاً يركّز على الحِرف اليدوية والنجارة والتصميم الداخلي،و امتلك خبرة واسعة في مجال تصميم الأثاث وتنفيذه.
ويصف لنا تصميمه قائلاً: أشارك بتصميم بعنوان «مجموعة نوى التمر» وتتكون من تصميم طاولة طعام دائرية، إضافة إلى ثريا مستوحاه من التراث الإماراتي، وقدمتُ مشروعي من خلال برنامج تشكيل، واستخدمتُ في تنفيذ مجموعتي، مواد طبيعية من البيئة المحلية؛ حيث قمت بإعادة تدوير نوى التمر وتحويله عبر عملية تصنيعية دقيقة إلى معجون قابل للتشكيل وصممتُ منه طاولة و ثريا صديقة للبيئة، تجسد تراثنا الإماراتي، واستغرق تنفيذ المشروع شهرين من العمل المتواصل، وتم استهلاك 48000 نواة في التنفيذ، والمجموعة بالكامل مستمدة من معالم تراثنا وإعادة إحيائه.
و يتابع: هذا المشروع لا يكتفي بالاحتفاء بجماليات النخلة ورمزيتها في ثقافتنا، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة في الاستدامة عبر إعادة توظيف المواد الطبيعية المحلية وتحويلها إلى تعبير فني معاصر يجمع بين التراث والابتكار.
تراث غني
برزت مشاركة آمنة الشامسي مصمّمة الديكور الإماراتية التي تستلهم إبداعاتها من تراثها الثقافي الغني. وتركّز في تصاميمها على مزج الجماليات المعاصرة بالعناصر التقليدية، في مشروعها بعنوان «الغواص»، وتسعى من خلاله لابتكار قطع تحمل طابعاً عملياً وقيمة جمالية،
وذلك بالتعاون مع شريكتها في المشروع حنان رفيعي مصمّمة الديكور، التي تركز في أعمالها على الاستدامة والطابع العملي أيضاً، وهو التناغم في الأفكار الذي تبلور في تصميم مشروع «الغواص».
و تحدثُنا حنان رفيعي عن المشروع الذي قدمتاه بالتعاون مع برنامج «تنوين» بقولها: التصميم عبارة عن مقعد يروي رحلة الغوص قديماً للبحث عن اللؤلؤ، ويجسد مشهداً حاسماً في حياة الغواصين وعائلاتهم، وهي لحظة انتظار العائلات عودةَ أبنائهم من رحلة الغوص على اللؤلؤ في الإمارات، وفي إطار الأبحاث التي أجريناها، انكشف أمامنا تاريخٌ متشابك الخيوط؛ فعلى الشاطئ، كانت العيون تترقّب عودة الأحبّة من بين أمواج البحر. أمّا الغوّاصون، فكان لهم البحرُ مصدرَ رزقٍ ومحرابَ تضحية.
وتلتقط أمنة الشامسي خيط الحديث لتقول: يستكشف مشروعنا مفهوم الاستدامة، ليس بوصفها مسؤولية بيئية فحسب، بل كفعلٍ ثقافيّ يحفظ الذكريات ويروي في طيّاته حكاياتٍ من زمنٍ مضى. فمن بقايا خشب الساج، وشظايا المعادن، ومخلّفات الأقمشة المستدامة، أعدنا صياغة مواد مُستعملة لنمنحها هوية جديدة في منتج جديد. كما مزجنا الأقمشة وصبغناها بألوانٍ طبيعية لنحوّلها إلى خامةٍ جديدة غنية من حيث القوام و اللون. كما يستحضر هذا الكرسي تصميم المراكب الخشبية القديمة، بهيكل يجسّد القوّة وتتشابك فيه الطبقات القماشية المُعاد استخدامها، بما يعكس مرور الزمن، باختصار، يستحضر المنتج تجربة ثقافية كانت ذات يوم شريان الحياة لهذا الساحل، قبل أن يطويها الزمن كصدفةٍ في عمق البحار.
أما المصمم الإماراتي محمد السويدي من استوديو أساطير الذي يُعْنَى بجماليات التصميم و مزجه بالثقافة الإماراتية فيحدثنا عن مشروعه هذا العام قائلاً: هذه مشاركتي الثالثة ضمن فعاليات دبي للتصميم، ومشروعي بعنوان «وارش»
وعبارة عن القطعة التي كانت تحيط بأسطح المنازل القديمة بالدولة في الستينيات، فهو يمثل جداراً أو سوراً، يوفر الخصوصية للعائلات، ويتمتع بفتحات لمرور الهواء مع توفير رؤية المشهد الخارجي دون كشف ما وراءه من أهل البيت، ومشروعي يعيد إحياء هذا النمط من التصميم؛ لكونه جزءاً من الثقافة الإماراتية، ولأن له خصوصيةً وجمالية فريدة، أردنا أن نستخدمه بشكل عملي ومتطور، وأن يتم توظيفه في البيوت الحديثة بشكل مبتكر، واستغرق «الوارش» سنة كاملة في مراحل التصميم والتصنيع.
وتحدثُنا المصممة المعمارية تسنيم النبهاني، من عمان والمقيمة في الدولة منذ سنوات وحاصلة على بكالوريوس العمارة من جامعة شيفيلد ببريطانيا، وتطلعنا على مشروعها بعنوان «بين وبين» وتقول: هذه مشاركتي الأولى في أسبوع دبي للتصميم،
ولكنها تعني لي الكثير، وتمثل محطة مهمة في مشواري، وتمكنني من عرض تصميمي على متخصصين وفنانين من كل أنحاء العالم، ومشروعي الذي قدمته مع برنامج تنوين عبارة عن تصميم لمجموعة مرايا متشابكة وطاولة خشبية، و فكرته تقوم على إبراز التناقض بين المتحرك
والثابت، ومستوحى من ملامح الطبيعة في الخليج العربي، وجسدت التناقض بين حركة أمواج البحر المستمرة والثبات والجمود الذي يميز الجبال في بلادنا،
وتصميمي يعكس هذا التناقض بمنظور جمالي من خلال قطعة أثاث مبتكرة تستخدم في مداخل البيوت، واستعملت موادَّ معاداً تدويرُها صديقةً للبيئة، مثل موزاييك من الزجاج للمرايا ومخلفات شجرة النخيل لتنفيذ الطاولة الخشبية،
وتجربتي كانت مفيدة وثرية للغاية، وأنا ممتنة للمناخ الفني والثقافي في الدولة، الذي دعمني.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
