منوعات / صحيفة الخليج

«كسارة البندق» في دبي.. وصفة فنية للتفاؤل والمرح

*فاليري فورونين: قطعة فنية بروح الطفولة
دبي: مها عادل
في أمسية تتقاطع فيها الذاكرة مع الخيال، وتتشابك فيها الموسيقى بالحركة والاستعراض، تعيد دبي أوبرا فتح بوابة الإبهاروالدهشة من خلال استضافة عرض باليه «كسارة البندق»، أحد أكثر البالية الكلاسيكية شهرة وانتشاراً في تاريخ هذا الفن، وذلك من 18 الجاري حتى الأحد.
والعرض إنتاج لفرقة باليه روسية عريقة تحمل معها إرث المدرسة التي وُلد فيها هذا العمل قبل أكثر من قرن.
تزامناً مع بداية موسم الشتاء الأجمل بالإمارات، تهدي فرقة البالية الروسية لمسرح أستراخان الحكومي للأوبرا والباليه جمهور دبي عرضاً عريقاً يحمل معه إرث المدرسة الكلاسيكية للبالية.
منذ اللحظات الأولى من بداية العرض الاحتفالي بامتياز، بدا واضحاً أن الجمهور في دبي لا يشاهد مجرد عرض موسمي مرتبط بأجواء الشتاء والأعياد، بل يدخل عالماً متكاملاً من السرد البصري والموسيقي والخيال. وتتولى موسيقى تشايكوفسكي الحالمة قيادة المشاعر، فيما تتكفل الفرقة الراقصة بسرد الحكاية دون كلمات، لتتجلى روعة الفنون الأدائية وتأثيرها العميق في السرد والتفاعل مع الحضور من مختلف الجنسيات.
يشارك في العمل 54 راقص باليه، 60عازفاً في الأوركسترا، بالإضافة إلى مدربي الباليه، وفريق الإنتاج المسرحي، ومصممي الأزياء، وفناني المكياج، ليبلغ إجمالي عدد المشاركين 135 شخصاً.
وعلى خشبة دبي أوبرا، تحوّلت قصة الطفلة «كلارا» ودمية كسارة البندق إلى تجربة حيّة نابضة، تجمع بين البراءة والخيال، بين واليقظة، وبرع صناع العمل في توظيف الديكورات التي حافظت على روح المدرسة الكلاسيكية دون إفراط زخرفي، فجاءت متوازنة وذكية، تسمح للاستعراض بأن يكون البطل الحقيقي، بينما التزمت الأزياء بالهوية التقليدية للعمل، بألوانها الغنية وتفاصيلها الدقيقة، لتعيد خلق أجواء أوروبا في القرن التاسع عشر، دون أن تفقد جاذبيتها لدى جمهور معاصر ومتعدد الثقافات.
أداء فرقة الباليه الروسية عكس بوضوح عمق التدريب والانضباط الصارم الذي تشتهر به المدرسة الروسية. الحركات جاءت دقيقة، متناغمة، وخالية من المبالغات، وفي مشاهد الرقص الجماعي، بدا الانسجام شبه تام، وكأن الأجساد تتحرك بعقل واحد، بينما حملت الرقصات الفردية، خصوصاً في مشاهد «رقصة الجنيات» و«رقصة زهرة الثلج» قدراً عاليًا من الإبهار والتناغم وسلاسة التعبير دون كلمات.
جمهور متنوع
ما يميّز هذا العرض قدرته على مخاطبة جمهور متنوع الثقافات، بعضه ربما يشاهد الباليه للمرة الأولى، والآخر يمتلك ذاكرة مقارنة مع عروض عالمية سابقة. ورغم هذا التحدي، نجح العمل في الحفاظ على توازنه بين الكلاسيكية الصارمة ومتطلبات الجمهور المعاصر من مختلف الأعمار، دون أن يقدّم تنازلات فنية.
«كسارة البندق» في دبي ليست مجرد إعادة إنتاج لعمل كلاسيكي محفوظ، بل هي تذكير بقوة الفنون الأدائية على عبور الزمن والجغرافيا. عملٌ وُلد في روسيا القيصرية، وارتبط بثقافة أوروبية محددة، استطاع أن يجد مكانه الطبيعي على مسرح عربي معاصر، وأن يخاطب جمهوراً من خلفيات متعددة، دون أن يفقد جوهره.
في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتغلب فيه الصورة السريعة، يأتي العرض ليذكّر بأن الفن الكلاسيكي لا يزال قادراً على الإبهار، شرط تقديمه بحرفية، وإيمان حقيقي بقيمته. و يثبت عرض «كسارة البندق» في دبي أن المدينة لا تكتفي باستيراد العروض العالمية، بل تسعى إلى جعل الأوبرا والباليه جزءاً حياً من المشهد الثقافي اليومي للكبار والصغار.
انتصار الخير
من كواليس «كسارة البندق»، التقينا فاليري فورونين المديرالفني وقائد الأوركسترا الرئيسي لمسرح أستراخان ليحدثنا عن ملامح العرض بقوله: تُثير هذه القطعة الفنية من الباليه ذكريات الطفولة، من ترقب الهدايا، وبريق أضواء عيد الميلاد، وأحلام القصص الخيالية، وتمنح شعوراً بالأمل؛ إذ تروي قصة انتصار الخير على الظلام بالتجدد الذي يحمله العام الجديد، وتوحد الأجيال، فالأطفال يبهرون بروعة الرقص، بينما يستكشف الكبار دروساً فلسفية عن النضج وقوة الحب،، إذ يصبح حضور المسرح جزءاً من تقاليد رأس السنة، فيملأ الروح دفئاً وبهجة. ويذكرنا بأن العجائب موجودة حتى في حياتنا اليومية.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا