اقتصاد / صحيفة الخليج

«قمة أبيك» وتأثير أمريكا أولاً

د.عبدالعظيم حنفي*

عقدت قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، «أبيك»، في كوريا الجنوبية، يومَي 31 أكتوبر، والأول من نوفمبر، 2025، ويضم المنتدى 21 عضواً في المنتدى، منهم الولايات المتحدة، والصين، واليابان، وروسيا، وكندا، ودولاً أخرى في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، إضافة إلى بيرو، وشيلي. ويمثل المنتدى أكثر من نصف الاقتصاد العالمي. وقد عقدت القمة في ظل إدراك قادة «أبيك» من أن النظام التجاري العالمي يمر بمنعطف حرج، وعلى المجموعة التعاون في ظل ضغوط واشنطن الجمركية. والملاحظ حضور الرئيس الصيني، شي جينبينغ، الاجتماع. ودعا إلى بذل جهود مشتركة لحماية النظام التجاري متعدّد الأطراف، وبناء بيئة اقتصادية إقليمية مفتوحة. في حين تغيّب الرئيس ، وكلتا الدولتين عضو في المنتدى. وفي ختام القمة اعتمد القادة إعلاناً مشتركا يتناول «التحديات الكبيرة» التي يواجهها النظام التجاري العالمي. وجاء في الوثيقة «نؤكد مجدداً اعترافنا المشترك بأن التجارة والاستثمار القويين أمران حيويان لنمو وازدهار منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ونظل ملتزمين بتعميق التعاون الاقتصادي للتعامل مع العالمية المتغيرة». كما اعتمد القادة وثيقتين إضافيتين. إحداهما مبادرة لتعزيز فوائد الذكاء الاصطناعي، والأخرى إطار عمل لمعالجة التحدّيات الديموغرافية، بما في ذلك انخفاض معدلات المواليد، وشيخوخة المجتمع.

تأثيرات عودة ترامب

مقارنة بالإعلانات الصادرة في اجتماعات «أبيك» السابقة، حذفت وثيقة هذا العام العبارة التي تؤكد الالتزام المشترك بدعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، ما يعكس اتساع الفجوة في وجهات النظر حول التجارة بين الاقتصادات الكبرى في العالم. وكانت هذه نقطة اهتمام رئيسية في قمة «أبيك» لهذا العام، بالنظر إلى عودة إدارة دونالد ترامب بسياستها «أمريكا أولا»، والحرب التجارية المتبادلة المستمرة مع . كما أن الولايات المتحدة عارضت إدراج بنود تدعم التجارة الحرة بقوة، مع عدم تضمينه فقرة تعبّر عن أهمية منظمة التجارة العالمية، وهو ما كان مدرجاً في إعلان العام الماضي. علماً بأنه لا يمكن اعتماد إعلان قادة «أبيك» إلا بإجماع جميع أعضاء المنتدى. ومن ثم، فإن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كانت لها تبعاتها، على المنتدى وقراراته.

وقد طغى لقاء الرئيس ترامب قبل اجتماع القمة بنظيره الصيني، شي جينبينغ، على اجتماعات المنتدى، وأبدى الأعضاء ارتياحاً لما «توصل إليه الطرفان من توافق أساسي بشأن معالجة المخاوف الرئيسية لكل منهما» والرغبة العالمية في أن يتخذ الطرفان «منظوراً طويل المدى والتركيز على فوائد التعاون بينهما، بدلاً من الوقوع في حلقة مفرغة من الانتقام المتبادل».

وسبق لمنتدى «أبيك» اختبار السياسات التجارية لترامب أثناء فترته الرئاسية الأولى، عبر السياسة التي أعلن عنها ترامب، والتي أطلق عليها «أمريكا أولاً». إذ قال ترامب عنها بصريح العبارة «إن كل قرار يتخذه في كل أمر سيأخذ في الاعتبار أولاً المصالح والمنافع التي تعود على بلاده». وقد تحدث بالتفصيل عن خلق فرص عمل، وزيادة الأنشطة التجارية داخل الولايات المتحدة، وأكد قاعدتين أساسيتين، هما: التركيز على شراء السلع والمنتجات الأمريكية، وتوظيف الأمريكيين. وهاتان القاعدتان بالنسبة إلى الكثير من الدول النامية والناشئة، وحتى المتطورة التي تنظر إلى أمريكا كسوق مهمة، أشياء مثيرة للقلق.

ومع توقف وظائف منظمة التجارة العالمية الثلاث: فشلت كمحفل تفاوضي إلا في اتفاقيات هامشية، مثل اتفاقية تيسير التجارة، وكهيئة رقابية لا تملك وسيلة لردع الاقتصادات الكبرى عن خرق التزاماتها، وكجهة لتسوية النزاعات تعطلت بسبب شلل هيئة الاستئناف، بعد رفض واشنطن تعيين أعضائها. مع ذلك، لا ينبغي تجاهل فوائد النظام التجاري: فقد ساعد على انتشال ما يصل إلى مليار شخص من الفقر.

وبين 1990 و2017 تضاعف الناتج العالمي ثلاث مرات، تقريباً، وارتفعت حصة الدول النامية من الصادرات من 16% إلى 30%، وانخفض الفقر العالمي من 36% إلى 9%. كما استفاد المستهلكون الأمريكيون من سلع أكثر تنوعاً، وبأسعار أقل.

وفي بدايات فترة ترامب الرئاسية الثانية التي بدأت عام 2025، راهن البيت الأبيض على أن تفكيك النظام التجاري القديم الذي كانت تحرسه منظمة التجارة العالمية، ولو بشكل غير منتظم، سيأتي بنظام جديد تكون أمريكا في مركزه. ويتصرف ترامب كأن الولايات المتحدة لا تزال محور التجارة الدولية، وهذا ربما يسرِّع انتقال هذا المحور إلى مكان آخر. فأكبر سوق للعالم (الولايات المتحدة) صار وضعها اليوم أقلّ مركزية في التجارة الدولية، مقارنة بما كانت عليه في السابق. ففي بداية هذا القرن كانت أمريكا تستقبل خُمْس الواردات العالمية. لكن هذه النسبة تراجعت الآن إلى الثّمْن فقط. وقد حذر رئيس وزراء كندا، مارك كارني، من أن عصر التجارة الحرة، والاستثمار الذي شكّل أسس الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، قد ولّى، وأن التجارة المفتوحة القائمة على القواعد لم تعد مجدية في اقتصاد عالمي يمر بواحدة من أعمق فترات التغيير، منذ سقوط جدار برلين عام 1989. وسبق أن صرح كارني، في وقت سابق من هذا الشهر، بأن كندا ستستأنف مفاوضات التجارة مع الولايات المتحدة «عندما يكون الأمريكيون مستعدين» فقط، في إشارة واضحة إلى قرار ترامب إنهاء «جميع مفاوضات التجارة» فوراً بسبب إعلان تلفزيوني يعارض التعريفات الجمركية الأمريكية، ويقتبس مقتطفات من خطاب ألقاه ريغان عام 1987، قال فيه إن «الحواجز التجارية تضر بكل عامل أمريكي».

* أكاديمي مصري

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا