22 ديسمبر 2025, 6:56 صباحاً
في مشهد العمل غير الربحي، تقف المؤسسات والجمعيات الخيرية أمام سؤال جوهري يتجدد مع كل موسم دعم وكل فرصة تمويل:
هل تُبنى المشاريع على دراسات دقيقة تنطلق من احتياج المستفيد الحقيقي، أم تُفصّل أحيانًا وفق رغبات الداعم وشروط المانح؟
في الواقع، تتقاطع المسارات. فالأصل في العمل المؤسسي الرصين أن تنطلق المشاريع من قراءة واعية لاحتياجات المستفيدين المسجلين، مبنية على بيانات ميدانية، وأولويات واضحة، وتوقيت مدروس، يضمن تعظيم الأثر واستدامته. هذا هو النموذج الأمثل الذي يجعل المشروع أداة تمكين لا مجرد استجابة آنية.
لكن في المقابل، تواجه بعض الكيانات الخيرية واقعًا مختلفًا؛ إذ يأتي الدعم مشروطًا بنوع مشروع محدد، وعدد معين من المستفيدين، ونوعية بعينها من المواد أو الخدمات، سواء كانت مساعدات مادية، أو أجهزة، أو سداد التزامات خدمية. هنا، يتشكل المشروع أحيانًا وفق “وصفة جاهزة” تلبي رغبة المتبرع أكثر مما تعكس خريطة احتياج الجمعية وخططها الاستراتيجية. فيتحول المشروع من مبادرة نابعة من رؤية مؤسسية، إلى منتج مُفصّل لجهة داعمة، قد لا ينسجم مع أولويات التوقيت ولا مع عمق الحاجة.
هذا الواقع لا يُدان بإطلاق، فالدعم المشروط يظل دعمًا، ويسهم في سد فجوات قائمة، لكنه يفتح بابًا مهمًا للتساؤل حول كفاءة الأثر وجدواه على المدى المتوسط والطويل. فالمشكلة لا تكمن في نوع الدعم بحد ذاته، بل في غياب التوازن بين رغبة المانح واحتياج المستفيد، وبين متطلبات التمويل ومسؤولية التخطيط.
وفي حالات أخرى، تفرض الحاجة الماسة نفسها بقوة، فتبرز مشاريع استراتيجية بطابع نوعي خاص، لا تقبل التأجيل ولا تخضع لمعادلات الرغبة والاختيار. مشاريع تمس كرامة الإنسان، أو تحمي استقراره المعيشي، أو تعالج فجوات حرجة في الصحة أو السكن أو التعليم. هنا، يكون لزامًا على الكيان الخيري أن يقود القرار، وأن يعيد توجيه البوصلة، مستندًا إلى رسالته، وخبرته الميدانية، وثقته باحتياج مستفيديه.
إن التحدي الحقيقي أمام المؤسسات غير الربحية اليوم لا يتمثل في تعدد المشاريع، بل في قدرتها على المواءمة بين احتياج المستفيد، ورغبة الداعم، ورؤية الكيان. فحين تنجح هذه المعادلة، يتحول الدعم إلى أثر، والمشروع إلى قيمة، والعمل الخيري إلى تنمية مستدامة تتجاوز اللحظة وتبقى.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق الإلكترونية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق الإلكترونية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
