كتبت هبة السيد

حذر أندرو نج، مؤسس "جوجل برين"، من نقص حاد في المواهب المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن المشكلة الحقيقية التي تواجه القطاع اليوم ليست استحواذ الذكاء الاصطناعي على وظائف البشر، بل عدم توافر عدد كافٍ من الأشخاص القادرين على بناء هذه الأنظمة. 

وأوضح نج في منشور حديث على منصة "إكس" أن شركات التكنولوجيا تضخ مليارات الدولارات في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، في وقت تعاني فيه من فجوة كبيرة في الكفاءات البشرية اللازمة لهذا المجال.

وأشار نج، وهو أحد أبرز الأصوات المؤثرة في وادي السيليكون، إلى أن الذكاء الاصطناعي رغم تطوره السريع ما زال يعتمد بدرجة كبيرة على الخبرات البشرية، لا سيما في مجالات الهندسة وتصميم الأنظمة وتطبيقها في الواقع العملي. 

ومع ازدياد الاعتماد على هذه التقنيات في مختلف القطاعات، تتفاقم الحاجة إلى مهندسين وباحثين ومتخصصين في بناء الأنظمة، إلا أن المعروض من هذه الكفاءات لا يزال أقل بكثير من المطلوب، ويؤكد نَج أنه يتلقى سنوياً السؤال نفسه من الطلبة وحديثي التخرج حول جدوى تعلم الذكاء الاصطناعي في ظل تسارع الأتمتة، وأن إجابته الدائمة هى نعم بلا تردد.

وأوضح أن التوسع المتزايد في استخدام الذكاء الاصطناعي خلق فرص عمل أكثر من أي وقت مضى، حتى للداخلين الجدد إلى هذا المجال، وكتب أن عاماً آخر من التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي أتاح فرصاً غير مسبوقة لبناء البرمجيات، مشيراً إلى أن كثيراً من الشركات لا تستطيع العثور على العدد الكافي من المتخصصين المؤهلين.

وفي إطار سعيه لمساعدة الراغبين في دخول هذا المجال بحلول عام 2026، شدد نَج على أهمية التركيز على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي متكاملة، لا الاكتفاء بتجارب سطحية أو عروض تجريبية، فالمهارات المطلوبة في سوق العمل تتجاوز تشغيل النماذج الجاهزة أو ربط واجهات برمجة التطبيقات، لتشمل فهم دورة العمل كاملة من جمع البيانات وتدريب النماذج وتقييمها وصولاً إلى نشرها وصيانتها في بيئات حقيقية.

كما دعا إلى المواظبة على التطبيق العملي وعدم الاكتفاء بالدراسة النظرية، موضحاً أن القفز مباشرة إلى التنفيذ من دون أساس علمي متين لا يقل خطورة عن الاكتفاء بالقراءة دون ممارسة، فالتجربة العملية المنتظمة هي التي تحول المعرفة النظرية إلى مهارات قابلة للتوظيف وتمنع الوقوع في أخطاء تكرار الحلول أو بناء أنظمة هشة لا تصمد عند التوسع.

وأضاف أن الاطلاع الانتقائي على الأبحاث العلمية يمكن أن يكون ميزة إضافية لمن يسعون للعمل على حلول متقدمة، رغم أنه ليس شرطاً أساسياً للجميع، فقراءة الأوراق البحثية تساعد المطورين على فهم أسباب تطور التقنيات وكيفية نشأتها، خاصة عندما تقترن بالتجربة العملية.

وليس هذا الموقف جديداً على نج، إذ سبق له أن شكك مراراً في فكرة أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل البشر قريباً، ففي مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" على هامش مؤتمر مطوري الذكاء الاصطناعي الذي نظمه في نوفمبر الماضي، أكد أن الأنظمة الحالية ما زالت تتطلب جهداً بشرياً ضخماً للتدريب والضبط والنشر، وأن الوصول إلى ذكاء اصطناعي عام لا يزال هدفاً بعيد المنال.

 وقال إن تعقيد عمليات التدريب وكثرة الخطوات اليدوية المطلوبة اليوم يبرهنان على أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن تتمكن هذه التقنيات من العمل بشكل مستقل بالكامل.