في أسبوع الموضة في لندن London Fashion Week ربيع وصيف 2026، قدّم إرديم مورالي أوغلو عرضًا بدا وكأنه رحلة بين العوالم الملموسة واللامرئية لمجموعة إرديم Erdem ربيع وصيف 2025 ، بين الواقع والخيال، على مدى عشرين عامًا من تأسيس داره، ظلّ المصمم وفياً لرؤيته التي تجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة المسرحية الحالمة، لكنه في هذا الموسم اختار أن يذهب أبعد، إلى عالم هيلين سميث، الوسيطة الروحانية التي عاشت على تخوم الغموض والسحر.

لم يكن العرض مجرّد مجموعة أزياء، بل تجربة حسية وفكرية تمزج بين الشعر البصري والسرد التاريخي، بين الرمزية الدقيقة والغرابة الهادئة.

استلهام من العوالم الغيبية

1. بعد مرور عشرين عامًا على تأسيس داره، أثبت إرديم مورالي أوغلو أنه لا يزال بارعًا في مزج التقاليد بالابتكار، جاءت مجموعة ربيع وصيف 2026 بمثابة رحلة أنيقة في عالم التعددية والخيال، مستوحاة من شخصية هيلين سميث Helen Smith، الوسيطة الروحانية السويسرية في القرن التاسع عشر، التي اشتهرت بادعائها أنها عاشت ثلاث حيوات سابقة.
2. استُحضرت هذه الروح الغامضة في تفاصيل دقيقة مثل الرسومات التلقائية والتطريزات السريالية التي أضفت على القطع لمسة غير متوقعة، جمعت بين الغرابة والرقي في آن واحد.

بين الحرفية والرمزية

1. افتُتح العرض بمعطف ساتان دوشيس بلون أخضر مصفر، تزيّنه خيوط متشابكة توحي بلمسة من الغموض، وكأنها ترسم بوابة لعالم آخر، انسجمت السترات الرسمية مع السراويل البيضاء الهشة في مزيج من الرقي والانسيابية.
2.  بينما جاءت المشدات المنحوتة لتؤكد على اهتمام إرديم المستمر بالأنوثة الممزوجة بالعملية، بدا وكأن كل قطعة تحمل حوارًا بين الماضي والحاضر، وبين الهوية الفردية والجماعية.

الزهور في حوار جديد

1. من أبرز عناصر المجموعة إعادة صياغة الزهور المميزة لإرديم، إذ ظهرت بمقاييس ضخمة على أقمشة البروكار المطرزة بدقة، مما خلق تباينًا مثيرًا بين الفخامة والنعومة.
2. الفساتين ذات الطابع الفيكتوري جاءت بياقات مكشكشة مبالغ فيها وتنانير مكسرة، لكنها لم تفقد خفتها بفضل شفافية القماش.
3. أما لمسة الباليه الرقيقة فقد أُبرزت عبر الأحذية الياقوتية وأقمشة الساتان التي منحت الإطلالات انسيابية شاعرية.

ضبط إيقاع الغرابة

1. على الرغم من روح المغامرة التي حملتها المجموعة، بدت بعض التصاميم أكثر تحفظًا، مثل فساتين السهرة العاجية المطرزة ببساطة، والتي اقتربت من منطقة الراحة المعتادة للمصمم.
2. هذا التوازن بين الكلاسيكية والغرابة جعل العرض أكثر تأملًا وهدوءًا، لكنه في بعض اللحظات كاد أن يفقد حدة السريالية التي وعد بها الإلهام الأصلي.

السردية كجسر بين الماضي والحاضر

1. ما ميّز مجموعة Erdem لربيع وصيف 2026 ليس فقط جمال الأقمشة أو القصّات، بل السردية المتكاملة التي نسجها مورالي أوغلو عبر كل تفصيلة.
2. بدا العرض وكأنه فصل من رواية غير مكتملة، حيث تتقاطع الأرواح السابقة مع الحاضر لتخلق تصاميم تحمل في طياتها أصداء الأزمنة الماضية.
3. كان كل تطريز وكل زهرة بمثابة رمز، ليس للجمال وحده، بل لرحلة شخصية وفلسفية نحو فهم الذات.

المسرح الهادئ للأزياء

1. اختياره لعرض المجموعة في أجواء بسيطة وهادئة، بعيدًا عن الديكورات الضخمة، منح التصاميم فرصة للحديث عن نفسها.
2. على منصة تخلو من الزخرفة المبالغ فيها، بدت الأزياء أكثر حضورًا، حيث تحوّلت إلى مسرح بصري للهوية، تجسّد فيه كل قطعة جزءًا من القصة.

بين الفخامة والعملية

1. إحدى نقاط قوة المجموعة كانت قدرتها على الموازنة بين القطع الفاخرة والتفاصيل العملية، فبينما أبهرت الفساتين ذات التطريزات اليدوية بخطوطها الكلاسيكية، ظهرت أيضًا قطع أكثر بساطة يمكن ارتداؤها يوميًا.
2. هكذا أرسل مورالي أوغلو رسالة مفادها أن الغرابة ليست بعيدة عن الحياة اليومية، وأن الأناقة الراقية يمكن أن تتداخل بسلاسة مع الروتين العصري للمرأة.

لغة الأقمشة

1. اعتمد إرديم على الأقمشة كلغة سردية أساسية، ظهر الساتان اللامع كصفحة تُكتب عليها الحكايات.
2.  بينما أضفت الأورجانزا الشفافة طبقات من الغموض والخيال.
3. أما البروكار المطرز، فكان بمثابة صدى لعصر الفيكتوريين، لكن بترجمة معاصرة بعيدة عن الجمود.
4. كل خامة بدت وكأنها تحمل رسالة، تُذكّر بأن الأزياء ليست مجرد كسوة، بل نصوص تُقرأ بالعين والخيال.

الرمزية والازدواجية

1. تجلّت الازدواجية في كل جزء من العرض: فبينما كانت هناك قصّات مُحكمة ومشدّدة عند الخصر، جاءت الأكمام الفضفاضة والطبقات الخفيفة لتكسر الصرامة.
2. حتى الألوان تراوحت بين الهادئ (الأبيض، العاجي، الأخضر الطحلبي) والدرامي (الياقوتي، الذهبي)، لتجسّد الحوار بين النور والظل، الأناقة والانفلات.

إرديم والهوية الأنثوية

1. أكثر ما يلفت في هذه المجموعة هو التركيز على الهوية الأنثوية المتعددة الأبعاد.
2.  ليست المرأة هنا مجرّد أيقونة كلاسيكية أو كائن رومانسي هش، بل شخصية مركبة تحمل مزيجًا من النعومة والقوة، من الغموض والوضوح.
3. أراد إرديم أن يقول إن المرأة الحديثة قادرة على احتواء التناقضات، وأن جمالها يكمن في هذا التوازن بين الأضداد.

بين الماضي والمستقبل

1. ما يميز مجموعة إرديم لربيع وصيف 2026 هو قدرتها على التحرك بين الماضي والمستقبل في آنٍ واحد.
2. فبينما استحضر المصمم عناصر مستوحاة من الفيكتوريين وعصر البودوار، أضفى عليها طابعًا حداثيًا يجعلها قابلة للارتداء اليوم وغدًا.
3. لم يكن الأمر مجرد إعادة إنتاج لأساليب قديمة، بل إعادة تفسير تفتح المجال أمام طرق جديدة لفهم الأناقة.
4. بهذا المعنى، بدت المجموعة وكأنها جسر بين ذاكرة الأزياء الكلاسيكية ورؤية مستقبلية أكثر شجاعة وابتكارًا.

أناقة متجددة بلمسة روحية

1. في النهاية، لم تكن مجموعة Erdem لربيع وصيف 2026 صاخبة أو دراماتيكية، بل قدّمت تحولًا أنيقًا وصامتًا.
2. إنها مجموعة للمرأة التي تبحث عن التميز دون صخب، وتقدّر الأناقة التي تُخاطب الروح كما تُخاطب العين.
3. إنها رسالة مفادها أن الغرابة يمكن أن تكون راقية، وأن الأناقة يمكن أن تحمل عمقًا روحيًا.