… كأنّ حدود لبنان «معلَّقة». هكذا وَصفت مصادر واسعة الاطلاع في بيروت، الواقع في «بلاد الأرز» التي يتكرّر فيها مَشهدُ وقوعها «بين ناريْن» تهبّان عليها من حدودها الجنوبية مع اسرائيل والشرقية (والشمالية) مع سورية، والمشترَك بينهما… «حزب الله».
ففي الوقت الذي تبقى الحدودُ الجنوبيةُ مُنْتَهَكةً – وكأنها غير موجودة – من اسرائيل التي لم توقف اعتداءاتِها الجويةَ منذ إبرام اتفاق وقف النار في 27 نوفمبر الماضي و«ارتقتْ» بها في اليومين الأخيريْن ولا سيما بعد «الرصاصة – الرسالة» التي انطلقتْ من بلدةٍ حدودية وأصابتْ سيارة في مستوطنة أفيفيم، فإنّ الحدودَ «السائبة» شرقاً خصوصاً، وفي الاتجاهين، تُنْذِر بأن تتحوّل لغماً يُخشى أن ينفجرَ وتَخرج تشظياتُه عن السيطرة في ضوء جغرافيا هذه البقعة ذات الأهمية الاستراتيجية لـ «حزب الله» والتي لطالما شكّلتْ «حبلَ السرة» (عبر سورية – الأسد) مع إيران التي أظهرتْ أحداثُ الساحل السوري أنها لم تسلّم بعد بتبدُّد نفوذها في بلاد الشام مع سقوط نظام بشار الأسد وتالياً بأنّ «مَشروعها التمدُّدي» عبر الساحات العربية الأربع تلقى ضربة قاصمة.
ومنذ ليل الأحد – الاثنين، تَوزَّعَتْ العدساتُ جنوباً وشرقاً وتزاحمتْ «العواجل» على الشاشات وعبر الهواتف النقّالة، وسط «تطوير» اسرائيل اعتداءاتها ترجمةً لإعلان وزير دفاعها يسرائيل كاتس أنه «أعطى أوامره للردّ على استهداف أفيفيم»، وتَدَحْرُج المواجهات بين الجيش السوري وعشائر مدعومة من «حزب الله» والتي بدأت شرارتُها مع مقتل 3 جنود تابعين لـ «هيئة تحرير الشام»، اتّهمت وزارة الدفاع السورية الحزب بقتْلهم داخل أراضيها.
الحدود الشرقية
وكان المشهد على الحدود الشرقية وتحديداً منطقة القصر – الهرمل، يشي بما هو أبعد من حادثٍ يرتبط بخلافٍ موْضعي، قال رئيس بلدية القصر إنه بدأ على خليفة سرقة مسلحين أغنام من داخل الأراضي اللبنانية فتصدّى لهم أحد الرعاة، وسط خشيةٍ من أن تكون هذه الحدود التي تحوّلت منذ 2011 منطقة نفوذٍ مطلق للحزب، كونها «بطاقة» العبور والربط مع إيران من خلال ريف حمص والقصير والممرّ «الذهبي» للسلاح، ناهيك عن طفرةِ حركة تصنيع المخدرات على تخومها وتهريبها عبرها، باتت جزءاً لا يتجزأ من معركة إحكام «الإطباق» على الحزب، من الجنوب مروراً بالبقاع الغربي (عبر التوغل الاسرائيلي في الجولان والقنيطرة) وصولاً إلى الشرق، ومنْع إعادة تكوين مخزونه من السلاح، وهو ما يَقتضي «إخراجه» من «معقله» على الحدود مع سورية، وصولاً لاستحضار إعلام قريب منه «مخططات» توسيع نطاق عمليات قوة «اليونيفيل» لتشمل كامل الحدود الشرقية للبنان.
وفي الوقائع الميدانية، شهدت الحدود الشرقيةِ اشتباكات متقطعة، وسط تقارير عن أن عدد قتلى الجيش السوري ارتفع الى 8، في مقابل معلومات عن سقوط ضحايا في الجانب اللبناني، بينهم طفلان ورجل.
ونقل موقع «النهار» الالكتروني أنه قُتِل الشابان محمد وأحمد نورس مدلج «بعد أن اعتقلتهما قوات الأمن العام السوري من منزلهما في الفاضلية، داخل الأراضي اللبنانية، فجر أمس. وقد عُثر على جثّتيهما بعد ذبحهما، في منطقة السد مطربا الحدودية مع سورية».
كما أعلنت قناة «العربية»، أنه أثناء تغطية المواجهات في منطقة القصر «تعرض طاقهما إلى قذيفة من نوع كورنيت، وأصيب مصور العربية – الحدث» رستم صلاح بجروح طفيفة، كما أصيب عدد آخر من الصحافيين في الموقع.
وأفادت تقارير بأن «الجيش السوري دمر مستودع ذخيرة لحزب الله داخل حدود لبنان بقصف مدفعي، بعدما وصلت تعزيزات عسكرية إلى مواقعه على الحدود».
وأعلن الجيش اللبناني، من جانبه، أنه «بتاريخ 16 مارس وبعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية – السورية في محيط منطقة القصر – الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة. على أثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية، وأجرى اتصالات كثيفة منذ ليل الأحد حتى ساعات الصباح الأولى، وسلم بنتيجتها الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري».
وتابع «في موازاة ذلك، تعرضت قرى وبلدات لبنانية في المنطقة للقصف من جهة الأراضي السورية، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعمدت إلى تعزيز انتشارها وضبط الوضع الأمني. تستمر الاتصالات بين قيادة الجيش والسلطات السورية لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية».
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن 4 عناصر من وزارة الدفاع السورية قُتلوا وأصيب آخرون «في الاشتباكات مع مسلحين من أبناء العشائر عند الحدود، في ريف حمص الغربي، التي اندلعت منذ مساء الأحد».
وأوضح أن العدد الإجمالي للقتلى ارتفع إلى 8 بينهم 3 جرى تصفيتهم داخل الأراضي اللبنانية، إضافة لإصابة ما لا يقل عن 13 آخَرين.
وأعلن أن الجيش اللبناني سلّم جثامين 4 مواطنين إلى السلطات السورية، بينهم 3 من عناصر وزارة الدفاع تم قتلهم الأحد بكمين داخل الأراضي اللبنانية في محيط قرية القصر، وعنصر رابع فارق الحياة متأثراً بجروحه التي أصيب بها خلال الاشتباكات.ووفقاً لمصادر «المرصد»، فإن «شجاراً دار الأحد بين أفراد عشائر لبنانية مع عناصر لواء علي بن أبي طالب انتهى بطعن عنصر من أبناء العشائر، ليتم بعدها استدراج عناصر اللواء إلى داخل الأراضي اللبنانية وقتْلهم جميعاً من ضمنهم عنصر قتل رَجماً بالحجارة».
وبحسب المرصد، فإنه بعد اندلاع المواجهات، قصفت قوات وزارة الدفاع السورية مواقع عند الحدود، واشتبكت مع مجموعات عشائرية مسلّحة في جرد الهرمل من جهة قرية حاويك الحدودية، في وقت أفادت وسائل إعلام لبنانية عن تعرض مناطق مثل القصر، الكواخ، سهلات الماء، وحوش السيد عليّ لقصف مكثّف وسط تسجيل نزوح كثيف من بلدات حدودية ليل الأحد.وكانت الدفاع السورية أعلنت في بيان أن «مجموعة من حزب الله خطفت ثلاثة من عناصر الجيش العربي السوري على الحدود السورية – اللبنانية قرب سد زيتا غرب حمص، قبل أن تقتادهم إلى الأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم ميدانياً»، لافتة إلى أنها «ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة بعد هذا التصعيد الخطير من حزب الله».
وفيما نفت العلاقات الإعلامية في حزب الله «بشكل قاطع ما تمّ تداوله حول أي علاقة للحزب بالأحداث على الحدود أو بأي أحداث تجري داخل الأراضي السورية»، أوضح رئيس بلدية القصر محمد تركي زعيتر “ان الرواية الحقيقية لِما حصل هو محاولة مسلّحين سرقة أغنام من منطقة حدودية تقع داخل الأراضي اللبنانية، حيث أقدم الراعي على التصدي لهم، قبل أن يتسلم الجيش اللبناني الجثث من أجل تسليمها إلى الجانب السوري عبر الصليب الأحمر، نافياً علاقة الحزب بكل ما حصل.
تصاعد الاعتداءات
جنوباً، عزّزت الوتيرةُ التصاعدية من الاعتداءات الاسرائيلية والتي شملت أمس، غارة في بلدة يحمر الشقيف، أعلنت تل ابيب أنها استهدفت عنصرين من الحزب، المَخاوفَ من أن يكون الأمر في إطار رفع الضغوط – تَزامُناً مع «الانقضاض» الأميركي على الحوثيين والاتجاه إلى «تحييد ورقتهم» في الطريق، إما إلى حلٍّ على البارد مع إيران وإما على طريقة «آخر الدواء الكي» – لشقّ مسار «مجموعات العمل الدبلوماسية» الثلاثية التي أعلنتْ واشنطن أنها ستنطلق ويشارك فيها لبنان واسرائيل لبتّ ملفات الأسرى اللبنانيين، والتلال الخمس التي أبقتْها
تل ابيب تحت الاحتلال، والنقاط الخلافية على«الخط الأزرق».
وما عمّق المخاوف أن هذا التسخين جاء على وهح إشاراتٍ من الولايات المتحدة بأنها قد تغطّي تحركات إسرائيلية عسكرية واسعة في لبنان «إن لم تصل الأمور إلى النتائج المطلوبة» على صعيد منع أي تهريب أسلحة أو أموال عبر المرافئ والحدود إلى «حزب الله»، وتحقيق انتشار متين للجيش اللبناني في الجنوب، والبدء في القضاء على قدرات الحزب العسكرية خلف نهر الليطاني.
وكان الطيران الاسرائيلي ومروحيات «أباتشي» استهدفا ليل الأحد عدداً من البلدات الجنوبية الحدودية ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وسقوط جريح، في موازاة ضرب بيوت جاهزة، كما توغّلت قوة مؤللة بعد منتصف الليل، في بلدة عيتا الشعب ومحيط خلة وردة وحدب عيتا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة المصريين في الكويت ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة المصريين في الكويت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.