القاهرة- مصراوي
بينما كانت التلفزيونات تعرض لقطات لقائد الصين شي جينبينج وهو يستضيف قادة روسيا وكوريا الشمالية – وهما من القوى الاستبدادية، في استعراض عسكري مبهر في بكين. كان ترامب يوجه رسالة لهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب ترامب في رسالة إلى شي: “من فضلك سلّم تحياتي الدافئة لفلاديمير بوتين وكيم جونج أون، بينما تتآمرون ضد الولايات المتحدة الأمريكية”.
هذه الرسالة على منصة Truth Social تعني شيئًا واحدًا: إذا كان تجمع القادة هؤلاء، وهم خصوم الولايات المتحدة وحلفاؤها السابقون، في الصين هذا الأسبوع، يقصد به إهانة شخصية للرئيس الأمريكي، فهو نجح بذلك تمامًا. كما يبرز فشل محاولاته في جذب هؤلاء القادة إلى نفوذه بواسطة “فن الصفقة” وادعاءاته بعلاقات وثيقة يمكن أن تكون حاسمة. وفقا لما نشرته شبكة سي إن إن الأمريكية في تحليل لها.
التقى ترامب ببوتين في ألاسكا الشهر الماضي، لكن استقباله الرائع هناك لم يؤدي إلى أي تقدم لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بل صعد بوتين من هجماته على المدنيين وأوقف المحادثات مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
على نفس المنوال، كانت قمم ترامب الأولى مع كيم غير ناجحة، إذ زاد عدد الأسلحة النووية في كوريا الشمالية بعد لقاءات اجتماعه مع الزعيم الكوري.
تابع ترامب انتقاده قائلاً إن الأمريكيين دفعوا ثمناً باهظاً في الكفاح ضد الإمبراطورية اليابانية قبل 80 عاماً، في إشارة إلى الاحتفالات التي شهدتها بكين. مشيرا “أعتقد أن الأمريكيين الذين ماتوا في سبيل النصر والخلود في الصين يجب أن يُكرموا ويتذكروا شجاعتهم وتضحياتهم!”.
تأتي احتفالات الصين في ظل توتر عالمي مع سعي القوة الآسيوية الجديدة للاستفادة من سياسة ترامب الخارجية المتقلبة التي هزت سمعة أمريكا كقوة عظمى موثوقة.
الغضب الذي أبداه ترامب جاء بشكل ساخر، لأن ما جرى خلال الأيام الماضية في الصين كان نوعًا من الاستعراض الذي يعشقه.
لكن تجمع القوى المناهضة للغرب في تيانجين وبكين يتعدى الاستعراض، فهو تحذير مبكر بأن سياسات ترامب في ولايته الثانية، القائمة على التعريفات الجمركية والضغط على الدول الصغيرة ووطنية “أمريكا أولاً”، قد ترد سلبًا عليه.
قالت جاكي وونج، أستاذة الدراسات الدولية في الجامعة الأمريكية بالشارقة لشبكة سي إن إن الأمريكية: “الصين تستغل الأخطاء التي ترتكبها الولايات المتحدة”.
الأحاديث المثيرة حول بناء محور مقاومة بين الصين وروسيا مبالغ فيها، فدول منظمة شنجهاي للتعاون، والتي تعقد قمتها في تيانجين، تفتقر لاتفاقيات دفاعية رسمية أو سيادة اقتصادية مشتركة مقارنة بحلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
لكن الاحتفالات الأخيرة جزء من محاولة الصين لاستعراض قوتها المتصاعدة وعرض تحالفات ودول بديلة كتحدٍ للنظام الغربي بقيادة أمريكا. من خلال جمع قادة من آسيا والشرق الأوسط وغيرها، تُظهر قدرتها على إحباط النفوذ الأمريكي على عدة جبهات.
وقال قائد القوات الجوية الأمريكية في المحيط الهادئ، الجنرال كيفين شنايدر لشبكة سي إن إن الأمريكية: “دول مثل الصين وكوريا الشمالية وروسيا تقوم بمثل هذه الأحداث، هناك تركيز كبير على الرسائل، لكننا غير مترددين”.
بعد أكثر من 80 عامًا على نهاية الحرب العالمية الثانية، لا يثير الأمر الدهشة أن المؤسسات التي نشأت إثر الرعب في تلك الحقبة بحاجة إلى تجديد.
ارتفاع قوى نامية كبيرة كان حتمياً أن يهدد الهيمنة الأمريكية والنظام العالمي الغربي. مع تلاشي جيل الانتصار العظيم، تتحول حرب الديمقراطيات في الحرب العالمية الثانية إلى مجرد ذاكرة تاريخية، لكن خيارات ترامب في الأشهر الثمانية الأولى من ولايته الثانية تسرّع انتقال القوى العالمية إلى الشرق، وتدعم هدف شي في استعادة الامتياز العالمي للصين.
تتسبب هجمات ترامب على الحلفاء وقطع مساعدات الولايات المتحدة في استياء أصدقاء سابقين أصبحوا يجربون بدائل مع القوة الصاعدة. والأمر اللافت أن الرئيس الأمريكي، القوة التي ضمنت الحرية والديمقراطية لأجيال، هو من يضعفه بنفسه.
العديد من خطوات ترامب التي يُفترض أنها تُظهر قوة الولايات المتحدة تنعكس عليها بالسلب.
باختياره التصعيد التجاري ضد الصين، اختار خصمًا قادرًا على امتصاص الألم الاقتصادي أكثر من أمريكا، خصوصًا بما يملك من احتكار للمعادن النادرة الحيوية للصناعة والتكنولوجيا العسكرية الأمريكية.
فشل ترامب في إجبار بكين على التراجع زاد الانطباع بأن الصين جاهزة لتحدي القوة الأمريكية وجذب قادة دول آخرين إلى بكين. تعريفاته الجمركية المتقلبة على شركاء تجاريين مبنية على حدساته وليس بيانات اقتصادية، ومحاولاته خنق استقلال البنك المركزي، تعزز الروايات الصينية بأنها القطب المستقر والموثوق به.
العديد من دول منظمة شنجهاي، التي حضرت قمة تيانجين منها في السابق كانت تميل نحو واشنطن أكثر من بكين، مثل فيتنام التي تواجه تعريفات أمريكية صارمة، وتركيا العضوة في الناتو. أحد أمثلة سوء إدارة ترامب كان علاقة مع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، الذي غضب من مطالب ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام وطريقة تعامله مع نزاع الهند وباكستان.
يدعم مودي هذه الأيام شراكة أقوى مع الصين ويشير إلى وجود بدائل لواشنطن. ترامب تجاهل حساسية الهند تجاه باكستان وماضيها الاستعماري، وربما يكون قد تأثر برحيل خبراء وزارة الخارجية الذين يغلب عليهم التخصص في شؤون آسيا، في إشارة إلى عملية تطهير في إدارته.
روسيا تظهر في الغرب كقوة متدهورة، لكنها حافظت على مكانتها النووية، وساهم بوتين في تعزيز صورته الرافضة للغرب وحتى ترامب، ما جعل الأخير يظل في موقف خجول ويستخدم تكتيك التأجيل لتجنب الإحراج.
في مقابلة إذاعية، قال ترامب إنه غير مهتم بالإشارات الدبلوماسية من الصين، ووصف علاقته مع الرئيس الصيني بأنها “جيدة جدًا”، مشيرًا إلى أن الصين بحاجة إليه أكثر مما يحتاجها.
لكن العرض العسكري الكبير للصين هذا الأسبوع يوضح أن السباق مع بكين أمر حاسم لقوة الولايات المتحدة، ويتطلب تحقيق انتصار ترامب في الحرب التجارية معهم.
التدليل الذي يحظى به ترامب من بعض القادة الأجانب الذين يسعون لتجنب غضبه قد يمنحه انطباعًا خاطئًا بمدى احترام العالم له. قال ترامب في وقت سابق: “بلدنا هو الأبرز في العالم الآن، والجميع يتحدث عن أمريكا”، لكن الولايات المتحدة كانت حديث الكثر في الصين هذا الأسبوع – لكن ليس بالطريقة التي يظنها ترامب.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة المصريين في الكويت ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة المصريين في الكويت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.