منوعات / صحيفة الخليج

موسم الامتحانات.. هدنة إجبارية في كل بيت

تحقيق: مها عادل

في موسم الامتحانات ترفع الكثير من العائلات شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المذاكرة»، وبينما يركز الأبناء في مراجعة المواد الدراسية وإعداد الأوراق البحثية، تحدث ظاهرة مثيرة في كثير من البيوت، حيث يبدو كأن الوالدين اتفقا على تأجيل إثارة المشاكل الزوجية، أو العائلية، خلال هذه الفترة، حتى تتوفر المناسبة للأولاد للاستذكار، وتحقيق التركيز المطلوب من دون ضغوط لضمان الوصول للنجاح.

رصدنا بعض الآراء حول هذه الفترة، ومدى قدرة الوالدين على تأجيل مناقشة المشاكل حتى ينهي الأبناء امتحاناتهم، والتفاصيل في هذه السطور.

تضحك منال عبدالعظيم، ربة منزل بالشارقة، وتقول: «لديّ 3 أبناء في مراحل التعليم، الأولى في الجامعة الأمريكية، والثاني في ، والثالث ما زال في المرحلة الابتدائية، وألاحظ فعلاً أن أوقاتاً من الهدنة والسلام المتعمدة، تطل علينا خلال موسم الامتحانات، حيث يبحث الأبناء عن الهدوء والحصول على وافر من النوم، مع تجنب مظاهر القلق والتوتر، ما يجعلني أؤجل أي مناقشات حادة مع زوجي خلال هذه الفترة الحساسة بالذات، خصوصاً المناقشات المادية حول تكاليف إجازة الصيف، وحجز الطيران، والهدايا التي يجب أن نشتريها لأهلي، وأهله، عند زيارتهم».

وتتابع: «يتزامن موسم الامتحانات مع هذه الضغوط المادية التي تطرأ على حياتنا، وكنا لا نراعي مشاغل الأولاد، فكان زوجي يمضي معي فترة ما بعد الظهر، وهو يناقشني في التفاصيل، ويحتد أحياناً عندما يرى أنني تجاوزت الميزانية المقررة في شراء بعض الأشياء، ولاحظنا أن الأولاد كانوا يتركون مذاكرتهم، ويشتركون معنا بحماس في التخطيط للإجازة، ويريدون أن يشاركوني في جولات شراء الهدايا للأهل والأصدقاء، وكان ذلك ينعكس على قدرتهم على التركيز، وقد أدى في بعض السنوات إلى تراجع معدل الدرجات ومستواهم الدراسي، خصوصاً ابني الأصغر الذي لم يتعلم الفصل بين ما يحدث في البيت من أحداث، وبين حياته، ودراسته».

وأضافت: «قررت مع زوجي منذ بضع سنوات أن نخصص موسم الامتحانات للدراسة فقط، وأي مشاكل أو تخطيط يحتاج إلى تركيز، وقد يؤدي إلى انشغالنا أو جلب المشاكل، يجب أن نقوم به مبكراً، أو أن نؤجله إلى ما بعد الامتحانات، خصوصاً في هذا العام الذي أصبح لدينا فيه أحد أبنائنا ينخرط في امتحانات الشهادة الأمريكية «السات»، ليجتاز مرحلة المدرسة إلى الدراسة الجامعية في العام المقبل».

تصدير المشاكل

تشارك حصة محمد عبيد، موظفة في دبي، رؤيتها عن هذه الفترة من كل عام، وتقول: «بالطبع تؤثر الخلافات الأسرية في الحالة النفسية للأبناء ليس في فترة الامتحانات فقط، وإنما طوال العام، لذلك فنحن نحرص على عدم مشاركتهم في مشاكلنا، إذ إنهم لا يملكون فيها قراراً، ولا قدرة لهم على إنهائها».

وتقول: «كثيراً ما نلجأ أنا وزوجي للخروج من البيت إلى مكان عام، لمناقشة بعض الأمور التي قد نختلف في الرأي بشأنها، فقد تعوّدنا منذ بداية ارتباطنا أن نبقي خلافاتنا بيننا، ونبتعد عن مناقشتها أمام الأبناء، أو حتى أمام أفراد عائلتنا، من الآباء والأمهات، وأيضاً مع الأصدقاء».

وتتابع: «أعتقد، وزوجي يتفق معي، أن تصدير المشاكل الأسرية خارج البيت يوثقها بذاكرة الآخرين، ويزيد حدتها، ويجعلها تتفاقم بشكل قد يجعلها غير قابلة للإصلاح، ويصعب علينا نسيانها فيما بعد، أما احتواؤها بين الزوجين فكفيل بأن يجعلها تنتهي بطريقة أفضل، وبأقل قدر من الخسائر المعنوية، وهكذا ورغم أن فترة الامتحانات تكون عادة مشحونة بالمشاعر المتضاربة، والصاخبة، والقيود المتزايدة، فكثيراً ما أسعى لإضفاء جو من التفاؤل على نفوس الأبناء من خلال كثرة الحديث عن خطط الاستمتاع بالإجازة التي تنتظرهم في حالة النجاح، وإتمام العام الدراسي بتفوق».

وتضيف: «أحرص على الاهتمام بنوعية الأغذية، وإعداد الأطعمة التي تعجبهم، وتفيدهم في الوقت نفسه، وعادة ما أصنع طقوساً ونظاماً، خصوصاً في هذه الفترة من كل عام، لضمان الاستفادة منها بشكل جيد».

فترة مشحونة

أما خلود الحسيني، موظفة في إحدى مدارس الشارقة، فتعترف بصعوبة فترة الامتحانات على العلاقات العائلية بأسرتها، وتقول: «تعتبر هذه الفترة من كل عام هي الأصعب، والأكثر توتراً لكل أفراد الأسرة، لكنني أعتقد أنها ليست فترة للسلام، أو الهدنة داخل العائلة، وإنما على العكس تماماً، فهي فترة مشحونة بالتوتر والقلق، ما يجعل انفلات الأعصاب وتقلب المزاج وارداً، خصوصاً عندما يبالغ الأبناء في الاستهتار، أو نجدهم لا يغيرون طريقتهم في التعامل مع الشاشات، والألعاب، رغم جدول الامتحانات المزدحم».

وتشير إلى أن الصرامة مطلوبة في مثل هذه الأيام، وعن ذلك، تقول: «أرتدي قناع الأم المتشددة خلال فترة الامتحانات، لأن أولادي الصغار لا يتركون ألعاب الكومبيوتر، حتى في هذه الفترة الحرجة، التي تحتاج منهم إلى التركيز والعمل الجاد، ولذلك أحاول أن أتدرج معهم في التشدد، فأبدأ بطلب تقليل المدة التي يقضونها أمام الألعاب الإلكترونية، وعندما لا يلتزمون أفاجئهم بحرمانهم من ألعابهم بشكل كامل، ووضعها في غرفتي الخاصة، ما يثير عاصفة من الاحتجاج ضدي، ويفسد العلاقة بيني وبين الأبناء، خصوصاً أن زوجي يأخذ صف الأولاد أحياناً».

وتتابع: «زوجي يطلب مني أن أكون رفيقة بالأولاد، فأتهمه بأنه يتخذ هذا المسلك لأنه لا يقضي معهم وقتاً كافياً بسبب ظروف عمله، وأنه عندما يعود إلى البيت في المساء يريد أن يلعب معهم رغم ظروف الامتحانات والمذاكرة، ثم يعود عندما تظهر النتيجة النهائية إذا كانت درجات الأطفال غير مرضية فيغضب منهم، ومني، ويتهمنا بأننا لا نقدّر المسؤولية».

وتؤكد أن «هذه النقاشات شبه اليومية بالطبع توتر العلاقة بيني وبين زوجي أيضاً، لدرجه أنه يفضل الغياب عن البيت في هذه الفترة، والبقاء مع أصدقائه خارج المنزل لوقت متأخر لتجنب المشاكل والأجواء المشحونة، وللأسف هذا النوع من الشجار الذي ينشأ داخل بيتنا يعود إلى أن أطفالنا ما زالوا صغاراً، ويحتاجون إلى قدر من الشدّة والصرامة في التعامل معهم حتى يقدّروا المسؤولية، ويركزون بهدف إحراز أعلى الدرجات، وهذا لا يجعل هذه الفترة تمر بسلام على بيتنا، بل على العكس تكون فترة من التوتر والشجار المستمر».

العادة السلبية

تحدثنا جود عماد الحسواني، ربة بيت بدبي، عن تجربتها في فترة الامتحانات، وتقول: «هذا العام نجحت في التخلص من عقدة الخوف والتوتر من امتحانات نهاية العام، خصوصاً بعد أن خضت تجربة دراسة ابنتي للشهادة الإنجليزية بالثانوية، ولم تعد هذه السنوات النهائية تمثل حجم الضغط العصبي الذي عايشته مع ابني الأكبر في الثانوية العامة بالأردن، حيث إن الميزة التي تقدمها هذه الشهادات الدولية، وجود فرص لإعادة الامتحان في بعض المواد، وتحسين الدرجات للحصول على مجموع مرتفع من دون توتر».

وتضيف: «تختلف مواعيد الامتحانات للمواد الدراسية حسب الفصل الدراسي، وتتيح للطالب اختيار المواد التي يفضل دراستها، وموعد امتحانها بأي فصل دراسي، وهذا النظام يعطي حرية أكبر للطالب، الأمر الذي يقلل من حالة التوتر المبالغ فيها، والذي عادة ما يسبب مشاكل وخلافات بين أفراد الأسرة».

وتستدرك: «لكن حالياً نجحنا في التخلص من هذه العادة السلبية التي تتكرر في معظم البيوت في عالمنا العربي، منذ طفولتنا أيضاً، حيث كانت تعلن في بيوتنا حالة الطوارئ، فقد تعوّدنا أن تقترن فترة نهاية العام الدراسي، خصوصاً في السنوات النهائية بفاصل من المشاكل، والتوتر، والضغط النفسي، الأمر الذي يفسد العلاقات في كثير من الأحيان، وينعكس على حالة السلام العائلي داخل كل أسرة، وعلى طبيعة العلاقات بين الأب والأم والإخوة، بسبب ضغوط الامتحانات».

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا