منوعات / صحيفة الخليج

«استقبال الحجاج».. طقوس وعادات تصارع الاندثار

تحقيق: راندا جرجس

تُشكل عودة ضيوف الرحمن «الحجاج» إلى أرض الوطن، من المناسبات التي تعود طقوس الاحتفال بها إلى سنوات طويلة، وعلى الرغم من اندثار أغلبها، تأثير نمط الحياة سريع الخطى، إلا أن بعض الأماكن لا تزال محافظة على العادات والتقاليد في توديع الحجاج واستقبالهم، حيث تتوج مداخل البيوت أشكالاً وتنويعات مختلفة، من أضواء باهرة ترحب بحجاج بيت الله، وتهنئتهم بالعود الأحمد وبفتح صفحة جديدة مع النفس، فضلاً عن التأثير الإيجابي لهذه الاحتفالات في توطيد العلاقات الاجتماعية.

تختلف أشكال وعادات الاحتفاء بعودة الحجيج في العديد من الدول العربية.

تراث إماراتي

تقول فاطمة المغني، الخبيرة التراثية الإماراتية، وعضو المجلس الاستشاري في الشارقة سابقاً، أن رحلة الحج في السابق كان تمتد لأكثر من 6 أشهر، تبدأ من ثالث أيام ، حتى يأتي خبر عودة ووصول الحجاج من عن طريق القوافل العائدة على الحدود أو التلغراف، وحينئذ كان يجوب المُبشر الشوارع قائلاً «ياقوم البشارة.. البشارة.. الحجاج وصلوا طلعوا من سلوى أو الدمام» فتبدأ النساء بتعليق الأعلام الخضراء التي تعبر عن السلامة واستمرار الحياة والبيضاء كدلالة عن الطهارة والنقاء، وتقوم الأمهات بدق الحنة استعداداً لمراسم الاحتفال للفرحة ووضع الحنة للأطفال.

وتلفت فاطمة المغني إلى أن «النثور» تعتبر من التقاليد الإماراتية التي تتزامن مع استقبال حجاج بيت الله الحرام، وهو عبارة عن قطع معدنية وحلويات وأوراق الزهور والرياحين والياسمين توضع في سلال من سعف النخيل، ويتم تحضيرها لتنثر على رؤوس الحجاج عند عودتهم، على صوت أهازيج الترحيب بالعودة، وتعج البيوت والمساجد بعبارات التكبير، وتطهو النساء الأكلات الشعبية مثل: الخبيص، العصيد، اللقيمات، والهريس، ويستعددن في تجهيز بعض الملابس الجديدة للحاج ويُلبِسن الأطفال الملابس المميزة تعبيراً عن الفرحة.

وتتابع: لم تعد مظاهر الاستقبال والاحتفال كما السابق، ولكنها اختلفت بسبب سرعة العصر وانتشار التواصل عن طريق المنصات الاجتماعية، وأصبحت العادات والتقاليد قاصرة على أفراد العائلة، ولاتزال الأكلات الشعبية عامرة على الموائد.

احتفالات مصرية

يقول عبد الفتاح صبري، كاتب مصري: عندما يحين وقت الترحال يجتمع الأهل والجيران عند منزل الحاج يحيونه بحرارة الودّ والمحبة ويوصونه بالدعوات الصالحات عند الكعبة المشرفة وفي المناسك، ويزور الحاج جيرانه منزلاً منزلاً، يودعهم ويسألهم السماح والغفران عن أي ذنب اقترفه حيال أي منهم. ويتابع: يتم الاستعداد لاستقبال الحاج قبل قدومه وتهيئة بيته، حيث يجتمع الشباب من أهل المدينة لدهن الحوائط الخارجية باللون الأبيض، ورسم الكعبة ووسائل السفر كالسفينة أو الطائرة وتزين لاحقاً بعبارات «ألف مبروك.. حج مبرور وذنب مغفور»، واستقباله يوم وصوله بالأناشيد الدينية والابتهاج، ويأتي محملاً بالهدايا التي تُعد بركات من الأراضي المقدسة، وعلى الرغم من تلاشي بعض هذه العادات مع مرور الزمن، إلا أن المُدن والقرى مازالت تحتفظ بها.

تقاليد سودانية

تروي نصرة عبد الرحمن، ربة منزل، أن أهل السودان يودعون ويستقبلون الذاهبين لأداء فريضة الحج بالتهليل والتكبير والتبريكات والزغاريد والذبائح، وكان يجتمع سكان المنطقة والعائلة بكتابة عبارة التهنئة على بيت الحاج «حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً»، وكانت تُقام وليمة كبيرة كرامة للحاج.

وتضيف: على الرغم من تلاشي بعض هذه التقاليد في الحياة العصرية، إلا أن هناك بعض العادات الإيجابية التي لا تزال موجودة حتى الآن، كحرص الحجاج على جلب الهدايا المميزة للأهل والأصدقاء والجيران.

طقوس شامية

يقول أحمد الزين، مالك ومؤسس شركة لتجارة المعدات الصناعية في عن عادات استقبال الحجاج في : تتمثل المراسم القديمة في تزيين منازل الحجاج والأزقة المؤدية إليها بالمصابيح المضيئة واللافتات المهللة بقدومه، والزيارات المحدودة من الأقارب وبعض سكان الحي، ونحر الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والمساكين وتجهيز مضافات لاستقبال المهنئين التي تسمر 7 أيام متتالية، وعلى الرغم اندثار معظم هذه الطقوس وتغيرها مع مرور الزمن وتطور التكنولوجيا، حيث باتت تقتصر على التهنئة الرقمية في وقتنا الحالي في أغلب الأحيان، إلا أنها تُعد بمثابة الإرث المتبع لاستقبال الحجاج كل عام.

عادات هندية

يذكر هاشم باتيلاث، الذي يعمل في مجال المبيعات، أن عودة الحجاج تُعد من المناسبات بالغة الأهمية الاجتماعية والروحية في الهند، ويرافقها الاحتفالات الكبرى للترحيب وفي السابق كان يجتمع الأصدقاء والعائلة والجيران في المطار أو محطة القطار، لانتظار العائدين بفارغ الصبر بالأكاليل والحلويات، ثم يشارك جميع المهنئين في جلسة صلاة خاصة، للتعبير عن الامتنان لعودة الحجاج الآمنة.

ويضيف باتيلاث، مع مرور السنين، شهدت هذه الاحتفالات تحولاً وبدأت بالاندثار، نتيجة تأثير نمط الحياة سريع الخطى على الاحتفالات، وبينما يبقى الجوهر، فقد تكيف الحجم والشكل، وأصبحت حفلات الاستقبال محصورة على العائلة والأصدقاء المقربين، ورغم هذه التغييرات، تظل روح الامتنان والمجتمع سليمة، وتستمر في ربطنا بجذورنا وإيماننا المشترك.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا