الارشيف / فن / الطريق

90 سنة إذاعة.. أنور وجدي سبق الفنانين وشارك في كتابة ديالوجات كان...اليوم الجمعة، 7 يونيو 2024 06:51 مـ

في الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 31 مايو 1934بدأ صوت الإذاعة الممصرية، حين خرج صوت أول مذيع مصري يقول "ألو.. ألو..ألو" هنا الإذاعة للحكومة المصرية، كان الصوت يأتي من أحمد كمال سرور، عدلها بعد ذلك كروان الإذاعة محمد فتحي إلي "هنا القاهرة"، وكان مفترض أن يبدأ اليوم الأول للإذاعة المصرية الرسمية ما تيسر من القرأن الكريم بصوت القاريء محمد رفعت وبعدها كلمة رئيس الوزراء عبد الفتاح باشا يحيي، ويختتم اليوم بكلمة مستر فيرجسون، ولكن للأسف رفض الشيخ محمد رفعت أن يتلو أيات من القرأن الكريم بحجة أنه حرام، وعليه أن يستفتي أهل العلم، قبل أن يفعل هذه الجريمة الشنعاء، وظل مستشار البرامج العربية محمد سعيد لطفي يقنع الشيخ رفعت لكن للأسف كل المساعي باءت بالفشل.

راح الشيخ محمد رفعت إلي أحد أعضاء هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر الشريف وهو الشيخ السمالوطي، والذي أفتاه أن لا علي الأمر شيء، وأنه حلال، لما يعجب الشيخ رفعت رأي السمالوطي وسعي إلي مقابلة الشيخ الأزهر في ذلك الوقت محمد الأحمدي الظواهري، وسأله عن رأيه، رد عليه، أنا اشتريت أمبارح راديو علشان أسمعك أنت.

اطمأن الشيخ رفعت، لهذا الرأي وشارك في افتتاح الإذاعة المصرية في يومها المحدد، بدأها كمال سرور بصوته، وألقي أحمد سالم كلمة رئيس الوزراء، وتم اختتام اليوم الأول بمحمد فتحي.

كان مدير الإذاعة بريطاني الجنسية ومن هواة تقليد الطيور والحيوانات، وصنع المؤثرات الصوتية بيديه وقدميه، ولم يكن هو وحده قادر علي فعل ذلك بل استعان بزوجته وأثنان من الإنجليز، وقدموا وقتها فقرة إذاعية قاموا بتقليد فيها الحيونات والطيور، بالإضافة إلي برنامج للأطفال ناطق بالإنجليزية، وكان الطفل المصري لم يحظي بشيء في بداية بث الإذاعة المصرية.

مع بداية الإذاعة المصرية الرسمية كان لابد أن يستعينوا بقامات كبيرة، في الغناء، وتم التعاقد مع كوكب الشرق أم كلثوم علي تقدم وصلتين، كل وصلة 30 دقيقة، تتقاضي عنهما خمس وعشرين جنيها، بما في ذلك أجور الموسيقيين، كما تم التعاقد مع المطرب صالح عبد الحي وينص عقده علي غنائه أيضا وصلتين، كل وصلة 60 دقيقة يتقاضي عنها عشرين جنيها، كما تم التعاقد مع فتحية أحمد مقابل عشرين جنيه، ونجاة علي وتختها وتتقاضي خمسة عشر جنيها، ومحمد عبد المطلب عشرة جنيهات، وفرقة مصطفي العقاد للتواشيح كانت تتقاضي أثني عشر جنيها، وكانت أول فرقة موسيقية إذاعية مكونة من من مدحت عاصم، فريد الأطرش، فريد الغصن، وجميعا يعزفون علي ألة واحدة وهي العود، وكون سامي الشوا فرقته الموسيقية بدون مطرب، والشوا يعزف علي الكمان لحن المطرب في الأغاني القديمة والحديثة.

بالعودة إلي اليوم الأول لبث الإذاعة المصرية، شمل برنامج الإذاعة ألقاء حسين شوقي قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي بك، وألقي الشاعر علي الجارم بصوته قصيدة تحية لملك البلاد فؤاد الأول ملك والسودان.

في بداية بث الإذاعة المصرية لم يتم عرض التمثيليات الإذاعية، واكتفوا في ذلك الوقت، بتقديم الديالوجات التمثيلية من المسرحيات العالمية بصوت لمذيع الإذاعة، وعنصر نسائي يساعده، وسبق أنور وجدي من الفنانين فشارك في كتابة ديالوجات وكان أجره جنيها ونصف عن الحلقة، وكان يشارك بالتمثيل والتأليف والإخراج، ومن أوائل النساء الذين دخلن الإذاعة، أمال زايد وشقيقتها جمالات زايد، ولحقتها زوزو نبيل، كما احتضنت الإذاعة في ذلك الوقت المونولوج وأبطاله، حسين المليجي، ونعمات المليجي، وكانا يتقاضيان خمسة جنيهات، عن كل حلقة، وأشهر منولوجاتها "سوسو، حنتوسو، يا حلوتك يا خفافتك يا سوسو"، وضمت الإذاعة إليها منولوجست مصر الأول محمد سليمان، ومحمد كامل، وحسين إبراهيم مقلد النساء الشهير، ومع ظهور إسماعيل يس وشكوكو أستعانت بهم الإذاعة ليقدموا ساعة كاملة منولوج.

وقبل الإذاعة المصرية الرسمية كانت هناك بعض المحطات الإذاعية الخاصة منها، محطة مصر الملكية، محطة الشرق، راديو فيولا، محطة عرابي، راديو فاروق، راديو فؤاد، راديو رمسيس، راديو سابو، وتاريخ الإذاعة المصرية طويل وممتد، حيث بدأها الطالب جبشي جرجس الذي سافر إلي إنجلترا في عام 1922 لدراسة الهندسة اللاسلكية، ويعود مرة ثانية ويكون صاحب التجربة الإذاعية الخاصة، بعد أن قضي خمس سنوات في الدراسة وعاد في عام 1927، ولم تكن في مصر محطات سوي محطة واحدة تابعة للبريطانيين تخدم أهدافهم وثقافتهم ويستمع إليها عدد من الأثرياء، درس حبشي فكرة إنشاء محطة إذاعية أهلية، ولكن لم يكن يمتلك مال، راح إلي وكالة البلح يبحث عن مخلفات الحرب العالمية الأولي، وبعد طويل وإجهاد بدون يأس، تعرف حبشي علي وكالة إلياس شقار، ووجد هناك محطة إذاعية كانت مستخدمة في الحرب، ولا يعرف قيمتها إلياس، وكان يعدها للصهر وإعادة سبكها أدوات منزلية، رفض إلياس التنازل عنها قبل أن يعرف ماذا سيفعل بها حبشي اعترف له عما يجول في رأسه، لكن اشترط إلياس أن يكون شريك له، فوافق حبشي وحصل من التاجر علي مبلغ ستمائه جنيه لاستكمال المشروع، وكان المقر الأول لمحطة حبشي في منزل إلياس شقار بشارع شبرا، وفيها قام حبشي بتجاربه الأولي حتي نطقت الإذاعة بعد تجارب عديدة، وانتقلت المحطة من شارع شبرا إلي شارع الجيش قرب ميدان القبة، الخلاف بين الشريكين أدي إلي نهاية الشراكة بينهم، واستبدل حبشي التاجر بـ أحمد فريد الرفاعي، وإسماعيل وهبي، شقيق الفنان يوسف وهبي، وانتقلت المحطة إلي المقر الجديد.

بدأت المحطة في بث برامجها وقرر القائمين عليها، فتح الاشتراك في المحطة بمقابل مادي، والاشتراك الشهري نصف ريال.

كانت المحطة تبدأ من السابعة صباحا بتلاوة القرأن الكريم، ثم نشرة الأخبار، ثم التعليق علي الأنباء ثم إذاعة أسطوانات غنائية ثم برنامج "ما يهم المرأة"، بالإضافة إلي برنامج يقدمه أحد التجار، وفي السهرة برنامج بعنوان طبيب العيلة وكان يقدمه الدكتور عبد الفتاح محمد القاضي يتحدث فيه عن الأمراض الشائعة ويجيب عن أسئلة المشتركين، وغيرها من البرامج.

وفي إحدي المرات فعل حبشي شيئا غريبا جدا، عندما قطع أرسال المحطة وأذاع أن قنبلة انفجرت في شارع روكسي وأصابت عدد من المحلات، والتفاصيل بعد قليل، تلقت المحطة مئات الاتصالات للاستفسار عن القنبلة وكان الرد تابعونا وبعد قليل إذاع أن القنبلة هي تصفية بأسعار خيالية في محلات نصري بلدي، وأذاع أسعارا خيالية، اعترض نصري علي هذه الدعاية لكنه اقتنع في ، وبسبب هذه الدعاية تلقت المحطة إنذارا من إدارة الأمن العام بسبب تكدير الأمن العام.

وفي المحطة غني إسماعيل يس أغاني محمد عبد الوهاب وفيها انتقل لأول مرة في تاريخه إلي غناء المنولوجات، وكانت أول منولوج "الحب خلاني نيلة، ما بكملش بنكلة بليلة" وتقاضي عليه خمسين قرش.

كما غني فريد الأطرش في هذه المحطة الأهلية أول مرة وغني "ياريتني طير، وأطير حواليك، مطرح ما تروح، ياروحي عليك" وكان أول بث حي لحفلة السيدة الغناء العربي أم كلثوم، وفيها غني القاريء الشيخ محمد رفعت، "وحقك أنت المني والطرب"، ومن بعدها رفض يكرر التجربة مرة أخري رغم نجاح الأغنية.

أما بالنسبة لمن تولوا رئاسة الإذاعة المصرية الرسمية في عام 1934 سعيد باشا لطفي، حتي عام 1947، ثم جاء من بعده محمد بك قاسم 1947حتى عام 1950، ثم محمد حسني بك نجيب من 1950حتى عام 1952 و عبد الحميد فهمي الحديدي من 1966حتى 1969، محمد محمود شعبان من 1972إلى 1975، صفية زكي المهندس من 1975إلى 1982 ثم فهمى عمر من 1982حتى 1988، أمين بسيوني من 1988 إلى 1991 وحلمي مصطفي البلك من 1991إلى 1994 وفاروق شوشة من عام 1994حتى 1997، حمدي الكنيسي من 1997 إلى 2001 ، عمر بطيشة من 2001 إلى 2005، إيناس جوهر من 2005 إلى 2009، انتصار شلبي من 2009 إلى 2011، إسماعيل الششتاوي من 2011 إلى 2013، عادل مصطفى من 2013 إلى 2013 وعبد الرحمن رشاد ثم نادية مبروك وغيرهم ممن جلسوا علي منصب رئيس الإذاعة المصرية.

تاريخ الإذاعة المصرية مليء بالقامات الكبيرة التي جاء صوتها يجلجل من خلف الميكروفون، من بينهم محمد محمود شعبان الذي أطلق عليه بابا شارو، وصفية المهندس، ووجدي الحكيم، وجلال معوض، ونجوي أبو النجا، وأمنية صبري، وأمال العمدة، وسامية صادق، وعلى خليل، وطاهر أبوزيد، ونادية توفيق، وصالح مهران، وأحمد سعيد، وسناء منصور، وهالة الحديدى، ومحمد مرعى، وسلوان محمود، وصبرى سلامة، وآيات الحمصانى، وسامية صادق، ونادية صالح، وأحمد الليثى، وعبده دياب، ومحمد يوسف، وجمالات الزيادى، وإكرام شعبان، ، وعلى فايق زغلول، ومحيى محمود، وإمام عمر، وصديقة حياتى، ونجوان قدرى، وإيناس جوهر وغيرهم من رواد الإذاعة المصرية علي مدي تاريخها.

وبعد أن استقر الوضع بالنسبة للإذاعة المصرية، بدأ اتجاه أخر وهو إنشاء الإذاعات المحلية والذي ب دأ في عام 1954، من خلال إذاعة الإسكندرية الأهلية، ثم تلتها إذاعة العاصمة القاهرة الكبري، 1981، وإذاعة وسط الدلتا في عام 1982، وإذاعة شمال الصعيد وبدأ أرسالها من محافظة المنيا في 13 مايو 1983، وإذاعة شمال سيناء في عام 1984، وإذاعة جنوب سيناء وبدأ أرسالها من مدينة الطور في عام 1985، ثم إذاعة القناة وإذاعة مطروح وإذاعة جنوب الصعيد، وغيرها من الإذاعات الرسمية التي كانت علامة فارقة في تاريخ الوطن مصر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الطريق ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الطريق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا