فن / عكاظ

بين الواقعية الرمزية والتجريد اللوني.. قراءة في لوحة مهدي عقيلي

في لوحة «حضن وطن»، التي عُرضت في سياق ملتقى الأمن والسلامة والمرافق 2025م، لا يكتفي الفنان مهدي عقيلي، بتصوير مشهد إنقاذ، بل يُعيد عبر لغة التشكيل صياغة مفهوم الوطن بوصفه كياناً حيّاً يحتضن أبناءه في لحظات العصف. يقدّم عقيلي عملاً بصريّاً يتجاوز البُعد التوثيقي، ليطرح خطاباً بصريّاً يُخاطب الوجدان الجمعي، ويعزز فكرة أن الأمن ليس نظاماً أو زيّاً رسميّاً، بل فعل رحيم يتجلّى وسط الكارثة.

ينبني التكوين على مركز بصري قوي يتمثل في الجندي؛ الذي يتحوّل من مجرد فرد في المنظومة الأمنية إلى أيقونة إنسانية حانية، لا يحمل سلاحاً، بل يحمل طفلاً، لا يحمي الأرض، بل يحمي البراءة.

هذا التبديل الرمزي يعكس جوهر الرسالة: أن رجال الأمن ليسوا حرّاس حدود فقط، بل حماة للطفولة، للحياة، للأمل.

التضادّ اللوني بين الخلفية الحارقة -بألوانها البرتقالية والنارية- وبين تفاصيل الجندي والطفل بدرجاتها المائلة للبرودة، يصوغ معماراً بصريّاً متوتّراً، لكنه منسجم، يُجسّد التناقض بين حالة الطوارئ وطمأنينة الحماية. فالجندي لا يبدو مُهَدَدَاً رغم الهول في الخلفية، بل ثابت، مطمئن، كأنما يحمل الوطن كله في صدره، لا الطفل فقط.

أسلوب التنفيذ -الذي يجمع بين ملامح التجريد الصارم والواقعية الرمزية- يمنح المشهد نوعاً من الشاعريّة القاسية. الألوان تُستخدم لا لتشكيل الأجساد، بل لتشكيل المشاعر، والتفاصيل تتنازل عن الدقة مقابل تكثيف اللحظة. هذه اللوحة لا تُقرأ كصورة، بل كحالة، كتجربة حسية تُحاكي الذهن والوجدان معاً.

إن «حضن وطن» ليس عملاً تشكيليّاً فحسب، بل بيان بصري يقدّم الوطن كقيمة نفسية وعاطفية، ويفتح المجال أمام الفن ليكون حارساً آخر للهوية والانتماء.

أخبار ذات صلة

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا