في مشهد أعاد الجدل حول الرفق بالحيوان إلى الواجهة، أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر كلباً من نوع "هاسكي" يتعرض لسوء معاملة، ثم يموت لاحقاً، موجة من الغضب الشعبي في مصر، دفعت عدداً من الفنانين والمشاهير، أبرزهم أسماء جلال، إلى التعبير عن تضامنهم مع الحيوان، والدعوة لمحاسبة المسؤولين عن الحادثة.

القصة تبدأ من طنطا، وتنتهي بحالة غضب إلكترونية

تعود الواقعة إلى إحدى قرى مركز طنطا بمحافظة الغربية، حيث ظهر في الفيديو كلب "هاسكي" بحالة إعياء شديد وهو مربوط ومُلقى على الأرض، وسط أنباء عن قيام بعض الأهالي بضربه قبل وصول طبيب بيطري يُعتقد أنه قام بحقنه، لتفارق الروح جسده بعدها بوقت قصير.

ما إن انتشر الفيديو، حتى تحولت المنصات الرقمية إلى ساحة غضب عارمة، حيث أطلق ناشطون هاشتاغات تطالب بمحاسبة الطبيب البيطري وإقالته من منصبه، وسط تعليقات تندد بما وصفوه بـ"الوحشية المفرطة" و"انعدام الرحمة" تجاه كائن لا يملك القدرة على الدفاع عن نفسه.

رواية الأهالي: دفاع عن الأطفال أم قتل متعمد؟

في المقابل، تداولت وسائل إعلام محلية شهادة لوالد إحدى الفتيات في القرية، أفاد خلالها أن الكلب المذكور هاجم عدداً من الأطفال، من بينهم ابنته، ما أثار الذعر بين السكان، ودفعهم إلى ملاحقته وضربه، قبل أن يتم ربطه في انتظار تدخل الطب البيطري.

ووفقاً للشهادة ذاتها، طلب الأهالي من الطبيب إعطاء الكلب مسكناً لتخفيف ألمه ريثما يتم نقله لإسعافه، إلا أن الوفاة حدثت بعد ذلك. إلا أن ناشطين شككوا في هذه الرواية، مشيرين إلى أن علامات التعذيب الواضحة على جسد الحيوان وسوء المعاملة التي وثقها الفيديو تُظهر نية الإيذاء وليس الإنقاذ.

أسماء جلال: "تعاملنا مع الحيوان يعكس إنسانيتنا"

تفاعل الفنانة الشابة أسماء جلال مع الواقعة جاء سريعاً ومؤثراً، وهو ما جعلها تتصدر ترند محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية، إذ نشرت عبر خاصية القصص القصيرة على حسابها في "إنستغرام" صورة تجمعها بعدد من الكلاب، تلاها سلسلة صور لفنانين وفنانات مع حيواناتهم الأليفة، بينهم يسرا، غادة عبد الرازق، ريهام عبد الغفور، ويجز، تارا عماد، إياد نصار، محمد شاهين، سارة عبد الرحمن، صبا مبارك، عصام عمر، مدحت صالح، وهشام ماجد.

وكتبت أسماء على الصور برسالة عاطفية قالت فيها: "الرأفة بالحيوان مش مجرد واجب ديني، دي إنسانيتنا.. تعاملنا مع الحيوان هو اللي بيحدد إحنا قد إيه بني آدمين"، مضيفة: "اللي بيهون عليه روح بريئة خلقها ربنا، ممكن يهون عليه أي كائن حي. الرحمة مبتتجزأش".

وأكدت في كلماتها أن "التعاطف مع الحيوانات ينعكس على تعامل البشر مع بعضهم البعض"، داعية إلى أن يكون "القلب مليئاً بالرحمة تجاه جميع الكائنات، لأن كل روح تستحق الأمان".

مطالبة بمحاسبة المتسبب

على مدار ساعات من انتشار الفيديو، تصاعدت الحملة الإلكترونية المطالِبة بمحاسبة المسؤولين، ووصلت إلى الجهات المعنية في محافظة الغربية. وطالب نشطاء بفتح تحقيق عاجل، لا سيما أن الطبيب البيطري المزعوم يعمل تحت إشراف مديرية الطب البيطري بالمحافظة، وهو ما يُحمّل المؤسسة جزءاً من المسؤولية، بحسب وجهات نظر عدد من رواد مواقع التواصل.

كما دعا ناشطون إلى تشديد العقوبات على من يثبت تورطهم في الإيذاء العمد للحيوانات، مشيرين إلى أهمية تحديث القوانين المصرية الخاصة بالرفق بالحيوان، والتي يرون أنها لا تزال "غير رادعة"، ولا تواكب خطورة الجرائم التي تُرتكب بحق الكائنات الأليفة والضالة على حد سواء.

ردود فعل متواصلة ودعوات للردع

من جهته، عبّر عدد من محبي الحيوانات عن ألمهم مما اعتبروه "مشهداً صادماً يعكس غياب الوعي المجتمعي بأبسط معاني الرحمة"، مؤكدين أن هذه الحادثة ليست الأولى، وأن غياب العقاب الرادع يشجع على تكرارها. كما طالب البعض بفتح باب التطوع لرعاية الحيوانات الضالة وتوفير أماكن إيواء آمنة لها، لتقليل فرص الاحتكاك غير الآمن بينها وبين السكان.

بين القانون والرحمة.. هل يتغير شيء؟

رغم أن واقعة "هاسكي طنطا" ليست الأولى من نوعها، إلا أنها قد تشكّل لحظة حاسمة في جهود حماية الحيوانات بمصر، في حال تجاوبت الجهات المعنية مع الغضب الشعبي، واتُخذت خطوات فعلية تجاه العدالة. فالقضية لم تعد فقط عن كلب قُتل بطريقة وحشية، بل أصبحت اختباراً لمقدار التزام المجتمع بقيم الرحمة والمسؤولية تجاه كل من لا يملك صوتاً للدفاع عن نفسه.