الارشيف / اقتصاد / صحيفة الخليج

الاقتصادات الناشئة والمعالجات

د. لويس حبيقة *

تعاني الدول الناشئة مالياً. ما هي السياسات الممكنة؟ ربما يتجاهل حكامها ما يحصل داخلها لعدم القدرة على المعالجة وبالتالي يتحمل المواطن زيادة في أوجاعه. يمكن لمصارفها المركزية رفع الفوائد لوقف خروج رؤوس الأموال وبالتالي تتأثر الاستثمارات كما النمو سلباً. من الخطأ تحقيق تغييرات جوهرية في القوانين في وقت الأزمات، إذ تشير التجارب إلى أن التسرع في هذا المضمار مضر ويؤدي عموماً إلى نتائج أسوأ. هنالك دول تحاول تبديل محفظتها من الديون من الدولار إلى عملات أخرى لتخفيف الخسائر. في معظم الأحيان تلجأ الدول إلى فرض قيود على رؤوس الأموال لمنع خروجها لأن الحاجة إليها في الداخل كبيرة خاصة في فترة الأزمات. كل هذه الحلول ليست فضلى لكنها ممكنة وتبقى أفضل من لا شيء. عندما وقعت كوريا الجنوبية في أزمة نقدية، اتبعت سياسات ثلاثة أي شجعت المصارف على توفير الدولار في السوق وهنا كان للمصرف المركزي دور كبير، وثانياً أوقفت الضرائب أو عملياً أجلتها وثالثاً خفضت التغطية النقدية للديون من 100% إلى 85% وبالتالي تدنت حدة الأزمة تدريجياً.

تردي أوضاع الدول الناشئة له جوانب متعددة، إذ تعتبر تلك الدول خاصة قسماً منها قلب الاقتصاد الصناعي العالمي والجميع يتكلون عليها لإنتاج الأفضل بأسعار منخفضة. وجودها ضروري ليس فقط للاستقرار الاقتصادي العالمي وإنما للنمو. لأن الماكينة الإنتاجية الناشئة تبقى في غاية القوة، أي أزمة داخلها تؤثر سلباً على أسعار النفط. هذا يفيد المستهلك العالمي ويعوض عن بعض التضخم المباشر الناتج عن الحرب الأوكرانية.

هل الخسائر الحالية طويلة الأمد؟ ليس بالضرورة إذا ساعدتها الدول الغنية عبر شبيهة بخطة مارشال كما حصل مع أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. الدولة التي ستحتاج إلى مشروع مماثل هي حتماً أوكرانيا التي خسرت أكثر من ثلث إنتاجها بالإضافة إلى ملايين النازحين كما خسرت في البنية التحتية ربما بما يصل إلى 200 مليار دولار. بين دول المنطقة، لا بد من خطط مارشال للبنان وسوريا واليمن والسودان وغيرها. أما ، فقدراته المالية والثروة النفطية والمائية ربما تجنبه خطة مارشال مع شروطها وقيودها.

تحديداً ماذا كانت ركائز خطة مارشال التي لم تتعد 5% من الناتج المحلي بدولار 1948؟ نوجزها كالآتي:

أولاً: ضخ المال مباشرة لإصلاح البنية التحتية وإنشاء أخرى حديثة في أوروبا بعد الحرب تم بنجاح ومع فوائد اقتصادية واضحة. أوكرانيا ليست أوروبا الغربية وربما تحتاج إلى مساعدات أعمق وأشمل لنقل الاقتصاد إلى مستويات أعلى.

ثانياً: إذا أخذنا أوكرانيا كمثال بسبب كلفتها العالية، من الممكن لأوروبا أن تتحمل القسم الأكبر من كلفة الإعمار. مجموع الناتج المحلي لدول الوحدة الأوروبية هو 85 مرة حجم الناتج الأوكراني وبالتالي تستطيع تمويل الكلفة حتى من دون الولايات المتحدة التي ستساهم حتماً. أما بالنسبة للدول الأخرى فستتوافر الأموال من الدول القريبة والبعيدة عندما تنتهي الحروب ويأتي الحل السياسي النهائي.

* كاتب لبناني

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا