اقتصاد / صحيفة الخليج

إدارة ضغوط السيولة

جيلا بازارباسيوغلويس*

مع ارتفاع خدمة الديون التي تضغط على المساحة المتاحة لتمويل الاستثمارات الضرورية في كثير من البلدان، تشتد الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الحيز المالي، والحفاظ على الدعم الدولي الكافي، وخفض تكاليف خدمة الديون،
وتتعرض هذه البلدان للضغط بسبب زيادة مدفوعات الفائدة وسداد الديون المرتفعة. وقد أثرت الندوب الاقتصادية الناجمة عن الوباء، والصراعات في جميع أنحاء العالم، والارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة العالمية في البلدان منخفضة الدخل بشدة. وتنفق اليوم الشريحة الوسطى من البلدان منخفضة الدخل أكثر من ضعف ما كانت تنفقه قبل 10 سنوات على خدمة الديون للدائنين الأجانب كنسبة من الإيرادات، نحو 14 في المئة في نهاية عام ، من 6 في المئة قبل 10 سنوات. وبعد سنوات من الاقتراض الكبير، تضاعفت عمليات سداد الديون في البلدان منخفضة الدخل على المدى القريب إلى ثلاثة أمثال متوسطها طويل الأجل، نحو 60 مليار دولار مقارنة بمتوسط سنوي بلغ 20 مليار دولار من عام 2010 إلى عام 2020.
كما ساعدت عمليات الدائنين المحسنة، بفضل عمل لجان الدائنين والمائدة المستديرة العالمية للديون السيادية، ومجموعة العشرين، ونادي باريس، وغيرها، في تبسيط إعادة هيكلة الديون السيادية وتقصير الجداول الزمنية لإعادة الهيكلة. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من العمل لجعل هذه العمليات أسرع والحد من عدم اليقين بشكل أكبر.
وبينما تجنبنا أزمة ديون نظامية حتى الآن، فإن مدفوعات الفائدة المرتفعة وعمليات سداد الديون تخنق النمو والعمالة، وتفرض أيضاً ضغوطاً كبيرة على المالية العامة في الكثير من البلدان. ويأتي هذا في وقت تحتاج فيه هذه البلدان إلى استثمارات حاسمة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل والتكيف مع تغير المناخ.
وإذا تُركت هذه الضغوط على السيولة دون معالجة، فقـــد تؤدي إلى مشاكل في القدرة على الوفاء بالالتزامات لدى بعض الدول الضعيفة. أي بعبارة أخرى، إن ما يشكل الآن ضغطاً على المالية العامة قد يتحول إلى أزمة ديون، مع عواقب جوهرية على النمو وخلق فرص العمل والفقر، ويتعين على المجتمع العالمي أن يتحرك لتجنب هذه النتيجة.
ويقترح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي معاً حزمة من الإجراءات لدعم البلدان منخفضة الدخل وغيرها من البلدان المعرضة للخطر في تحركاتها لإدارة هذه الضغوط، بهدف خلق مزيد من الحيز في الميزانيات الحكومية لدعم النمو وبناء القدرة على الصمود. ويستند نهجنا إلى ثلاث ركائز:
{ الركيزة الأولى «تعبئة الموارد المحلية» تستطيع الحكومات أن تعزز النمو والوظائف وتولد حيزاً مالياً من خلال تعبئة الموارد المحلية. وسوف تقدم مبادرة تعبئة الموارد المحلية المشتركة الجديدة بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المشورة السياسية والمساعدة في تنمية القدرات لمساعدة البلدان على تنفيذ الإصلاحات اللازمة.
وهذا يعني تسلسل الإصلاحات لتسريع النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، مع تعزيز الحوكمة ومعالجة الفساد، والاسترشاد بالتعلم من الأقران والخبرات عبر البلدان. كما تدعو هذه الركيزة إلى تحسين فعالية الإنفاق العام، وزيادة الإيرادات الحكومية لتلبية الاحتياجات ذات الأولوية، وتطوير الأسواق المالية المحلية لتوجيه المدخرات إلى الاستخدامات الإنتاجية.
{ الركيزة الثانية «الدعم الدولي» ويمكن للدعم المالي أن يساعد البلدان على تلبية احتياجاتها في أثناء قيامها بإصلاحات مهمة. وسوف تكون هناك حاجة إلى الدعم من شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف، بما في ذلك توفير التمويل والمنح الأقل تكلفة. وتحتاج الكثير من البلدان التي تواجه ضغوط إعادة التمويل إلى تدفقات صافية إيجابية على مدى السنوات القليلة المقبلة. ويشكل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي جزءاً مهماً من هذا الجهد الجماعي. كما يُعد عام 2024 حاسماً لاستكمال عملية تجديد الموارد الحادية والعشرين بنجاح لرابطة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي ومراجعة صندوق الحد من الفقر والنمو التابع لصندوق النقد الدولي.
{ الركيزة الثالثة «الحد من أعباء خدمة الديون» هناك حاجة إلى حلول جديدة لدعم البلدان التي لا تعاني مشاكل في الملاءة المالية ولكنها تحتاج إلى إدارة مستويات خدمة الديون المرتفعة. وتشمل هذه الحلول آليات من جانب الشركاء متعددي الأطراف أو الثنائيين لتعبئة التمويل الجديد، بما في ذلك من القطاع الخاص، بشروط ميسورة التكلفة باستخدام تعزيزات الائتمان لإعادة تمويل الديون القائمة. ويمكن للبلدان أيضاً أن تسعى إلى تنفيذ عمليات إدارة الالتزامات، ومن ضمنها مقايضات الدين بالتنمية وإعادة شراء الديون عند الاقتضاء.
وسوف نعمل على تحسين هذه الخيارات قبل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في أكتوبر/تشرين الأول، بما في ذلك من خلال عمل المائدة المستديرة العالمية للديون السيادية.
وفي نهاية المطاف، يهدف نهجنا المكوّن من ثلاث ركائز إلى تخفيف تحديات السيولة. ومن خلال حشد مجموعة من الإجراءات عبر أصحاب المصلحة المتعددين، يمكننا تعزيز الحلول التعاونية والمساعدة على تهيئة الظروف للنمو المستدام والمرونة.
*مديرة إدارة الاستراتيجية والسياسات والمراجعة في صندوق النقد الدولي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا