اقتصاد / صحيفة الخليج

فقاعة إسكان ما قبل الانهيار

دين بيكر*

زعم الصحفي كيفن إردمان في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً، أن المشكلة الرئيسية في سياسة الإسكان في الولايات المتحدة هي قواعد الإقراض مفرطة التقييد من قبل الجمعية الوطنية الفيدرالية للرهن العقاري «فاني ماي»، وشركة التمويل العقاري الكبرى للمنازل «فريدي ماك». ورغم أن السياسة الحالية قد تشوبها بعض المشاكل بسبب مدى الإفراط في التشديد، فإن هذا لا يفسر انهيار أسعار المساكن في الفترة ما بين 2007 و2009، ولا العرض غير الكافي الحالي من المساكن.
إن المثال الذي استخدمه إردمان في مقاله مفيد للغاية في إثبات هذه النقاط. يقول إردمان إنه لم تكن هناك فقاعة في أسعار المساكن في أتلانتا، وبالتالي لم يكن هناك ما ينفجر. وهو يعزو الانخفاض الحاد في أسعار المساكن في الفترة آنفة الذكر، وخاصة في الطبقة الدنيا من سوق الإسكان، إلى متطلبات الائتمان الأكثر صرامة من جانب «فاني ماي» و«فريدي ماك». ومع ذلك، فإن البيانات تدعم الحجة القائلة بأن فقاعة الإسكان كانت تتراكم في العقد الذي سبق عام 2007، وخاصة في الطبقة الدنيا من السوق.
وبحسب مؤشر «كيس-شيلر» لأسعار المنازل المعدلة موسمياً وفقاً للتضخم فيما يخص الطبقة الدنيا لسوق الإسكان من عام 1992 حتى الوقت الحاضر، هناك ارتفاع حاد في المؤشر من عام 1996 إلى منتصف عام 2005. وعند هذه النقطة يستقر المؤشر ثم يبدأ بالانخفاض بسرعة في عام 2007. وفي فترة ارتفاع الأسعار، ارتفعت أسعار المساكن المعدلة وفقاً للتضخم للثلث الأدنى من السوق بنسبة 38.8%. وهذا يتناقض مع الإيجارات في أتلانتا، التي ارتفعت بنفس معدل التضخم الإجمالي تقريباً.
كان هذا هو النمط العام لأسعار المساكن في الفترة التي سبقت فقاعة الإسكان. فقد ارتفعت أسعار المساكن على مستوى البلاد تقريباً بالتوازي مع معدل التضخم من عام 1986 إلى عام 1996. وكانت هناك فجوات هائلة عبر المناطق، تجاوزت خلالها الأسعار التضخم بشكل كبير في أماكن مثل نيويورك وسان فرانسيسكو، في حين تراجعت كثيراً عن حد التضخم في ديترويت وسانت لويس والكثير من المدن والبلدات الصغيرة.
يشير إردمان إلى أن أسعار المساكن في الطبقة الدنيا من المساكن انخفضت أكثر بكثير من أسعار المساكن الأكثر تكلفة في أتلانتا أثناء الانهيار. هذا صحيح، لكن أسعار المساكن في الطرف الأعلى ارتفعت بنسبة أقل بكثير في الفقاعة، 27% بالقيمة الحقيقية خلال الفترة من عام 1996 إلى الذروة في عام 2005، فهل كانت هذه فقاعة؟
بالنظر إلى اتجاه الإيجارات يمكن وصفها كذلك، لكنها فقاعة أصغر بكثير من تلك الموجودة في الطبقة الدنيا في أتلانتا. ولهذا السبب ليس من المستغرب أن يكون هناك انخفاض أكثر حدة في أسعار المساكن في الطبقة الدنيا.
النقطة الأخرى الجديرة بالملاحظة في الرسم البياني الخاص بمؤشر «كيس-شيلر»، هي أن أسعار المساكن في الطبقة الدنيا من المساكن في أتلانتا تعافت إلى حد كبير من ذروة الفقاعة قبل الوباء مباشرة. فمنذ الوباء، تجاوزت أسعار المساكن الحقيقية للطبقة الدنيا في الواقع ذروة الفقاعة، وهذا ينطبق على الطبقات العليا أيضاً.
يشير هذا إلى أن شركات البناء لديها حافز حقيقي لتشييد الكثير من المساكن في أتلانتا وأماكن أخرى، ولكن لسبب ما لم يفعلوا ذلك. وتشديد معايير الائتمان من جانب «فاني ماي» و«فريدي ماك» لا يمكن أن يفسر هذا الفشل في بناء مزيد من المساكن، لأن هذا ينبغي أن ينعكس على أسعار المساكن، وهو ما لا يحدث بوضوح.
لقد ارتفع متوسط درجة الائتمان بشكل كبير على مدى العقدين الماضيين، وهذا يعني أن استخدام درجة ائتمان ثابتة كنقطة حدية يعني ضمناً استبعاد حصة أصغر من المقترضين المحتملين. وكان من المفيد أيضاً لو أدرج إردمان بيانات عن إصدار الرهن العقاري في تسعينات القرن العشرين قبل تخفيف معايير الائتمان وبدء الفقاعة في التراكم.
وفي كل الأحوال، فإن هذه النقطة ثانوية. فإذا كانت معايير الائتمان المرتفعة بشكل مفرط هي العامل الذي كان يسد سوق الإسكان حقاً، فلا ينبغي لنا أن نرى أسعار المساكن الحقيقية أعلى من ذروة الفقاعة. إن هذه الأسعار تمنح شركات البناء الكثير من الحوافز للبناء، ولكن لسبب ما فإنهم لا يقومون ببناء المساكن بأي حال من الأحوال بوتيرة تشبه وتيرة الفقاعة، أو حتى وتيرة ما قبلها.
اليوم، وبعد عام جديد من التقلبات، سيكون طريق العودة لسوق الإسكان في الولايات المتحدة وعراً. وذلك بالنظر لوجود ثلاث أزمات محورية دفعت مشتري المنازل المحتملين إلى الهامش. وهي معدلات الرهن العقاري المرتفعة، وأسعار المساكن المشتعلة، والنمو القياسي لأسعار الإيجارت.
* المدير المشارك لمركز البحوث الاقتصادية والسياسية (أوراسيا ريفيو)

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا