غافين ماغواير*
من المقرر أن يخوض الأستراليون غمار الانتخابات العامة في غضون الشهرين المقبلين، والتي من المرجح أن تؤدي إلى تغييرات جوهرية في سياسات الطاقة الوطنية وأولوياتها بغض النظر عن الفائز.
ويواجه حزب العمال الحالي ردود فعل عنيفة ضد سياساته المعتمدة على مصادر الطاقة المتجددة والمناهضة للطاقة النووية، كما يُلام على تكاليف الطاقة المرتفعة والمتقلبة التي سادت منذ فوزه بالسلطة في عام 2022.
ويتعادل حزب العمال إلى حد كبير في استطلاعات الرأي مع منافسه الرئيسي حزب الائتلاف من يمين الوسط، والذي يمتلك أجندة طاقة مختلفة تماماً، تُركّز على إلغاء الحظر الحالي على الطاقة النووية وإطالة عمر محطات الفحم القديمة.
وبينما ينتظر الناخبون والمستثمرون المزيد من التفاصيل حول السياسات المخطط لها من قبل كلا الحزبين، نستعرض بعض الاتجاهات الرئيسية لقطاع الطاقة والتوليد التي قد تتأثر وفقاً لمن سيشكل الحكومة الجديدة.
لقد أيد حزب العمال بقوة نمو الطاقة النظيفة، ونشر خططاً لجعل أستراليا صافية صفرية بحلول عام 2050 من خلال استثمارات كبيرة في توسيع إنتاج الطاقة المتجددة.
وبين عامي 2021 و2024، قفز إنتاج الكهرباء النظيفة في أستراليا بنسبة 30%، في حين انخفض التوليد بواسطة الوقود الأحفوري بنسبة 5%، وفقاً لبيانات من مؤسسة أبحاث الطاقة «إمبر». وكانت الزيادة بنسبة 66% في إنتاج الطاقة الشمسية على نطاق المرافق، إلى جانب ارتفاع بنسبة 20% في إنتاج طاقة الرياح هي المحركات الرئيسية لنمو الطاقة النظيفة منذ تلك الفترة، ومن المرجح أن تكون هناك استثمارات أخرى في توليد الطاقة النظيفة وتخزين البطاريات إذا احتفظ حزب العمال بالسلطة.
وخلال الإدارات السابقة أيضاً، حدثت توسعات في إنتاج الطاقة المتجددة في البلاد، ونمت إمدادات الكهرباء النظيفة الإجمالية بمعدل 13% سنوياً منذ عام 2015. كما جرت تخفيضات ثابتة في الطاقة التي تعمل بالفحم في عهد حزب العمال، مع انخفاض حصة الفحم في مزيج توليد أستراليا إلى أقل من 50% لأول مرة في أواخر عام 2024.
وبينما نما توليد الطاقة النظيفة بشكل مطرد على مدى العقد الماضي، انكمش إنتاج الكهرباء في أستراليا من الوقود الأحفوري بنحو 2% سنوياً منذ عام 2015، وفقاً ل «إمبر». ونظراً لأن الوقود الأحفوري يمثل ثلثي إجمالي توليد الطاقة في أستراليا، فقد أدت هذه التخفيضات في إنتاجه إلى تقييد وتيرة نمو إجمالي إنتاج الكهرباء إلى متوسط 1% فقط سنوياً منذ عام 2020.
ومن المرجح أن يكون معدل التوسع الهزيل لإمدادات الكهرباء الإجمالية قد دعم ارتفاع أسعار الكهرباء في جميع أنحاء أستراليا في السنوات الأخيرة، وعوّض إلى حد ما تأثير ارتفاع إنتاج الطاقة النظيفة. وبسبب الزيادات المستمرة في الاستهلاك السنوي للكهرباء، يُتوقع أن تظل أسعار الكهرباء مرتفعة ومتقلبة في المستقبل المنظور، بغض النظر عمن يفوز في الانتخابات المقبلة.
قد يؤدي فوز حزب الائتلاف إلى دعم محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري لزيادة الإنتاج قليلاً، ولكن هناك مجال محدود لزيادة الإنتاج المستدام نظراً لأسطول الطاقة التي تعمل بالفحم في البلاد، والذي يعاني بالفعل من الإجهاد والشيخوخة.
وعلى المدى الأبعد، قد يؤدي فوز الائتلاف أيضاً إلى إثارة مناقشات أكثر جدية حول تطوير أسطول الطاقة النووية، لكن من غير المرجح أن نرى أي بداية لإمدادات الكهرباء النووية حتى بعد عام 2030.
وفي الوقت الذي قد تغير فيه الانتخابات المقبلة اتجاهات توليد الطاقة المحلية اعتماداً على الحزب الفائز، من المرجح ألاّ تتأثر مكانة أستراليا في مجال تصدير الوقود الأحفوري عالمياً. إذ تتجاوز احتياطيات البلاد الهائلة من الفحم والغاز الطبيعي بكثير الكمية التي تستهلكها لتوليد الطاقة، ما أدى إلى تنصيبها واحدة من أكبر خمس دول مصدرة لكلا السلعتين.
وفي عام 2023، صدّرت أستراليا ما يقرب من ستة أضعاف الفحم الذي استهلكته، وما يقرب من ثلاثة أضعاف الغاز الطبيعي في شكل غاز طبيعي مسال. وبحسب شركة «كبلر»، استحوذت أحجام الصادرات التي شحنتها كانبرا عام 2025 على نحو 27% و20% من صادرات الفحم والغاز المسال العالمية على التوالي.
لطالما كانت هذه الأطنان الضخمة من الصادرات مدخلاً لانتقادات طالت أستراليا، حيث يولد هذا الوقود عند حرقه بهدف الحصول على الطاقة أعمدة هائلة من الانبعاثات في الدول المستوردة. وحتى الآن، تجاهلت الحكومات الأسترالية المتعاقبة الاتهامات بأن صادرات الوقود الأحفوري تقوض الجهود الرامية إلى إبطاء تغير المناخ.
ولكن التناقض بين نظام الطاقة المحلي النظيف بشكل متزايد في أستراليا وثقل صادراتها من الوقود الأحفوري قد يعرضها لانتقادات جديدة بحجة التسبب في أضرار بيئية عالمية دائمة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل. وقد تؤثر مثل هذه الاتهامات في الواقع الجديد للنظر في تقليص استخراج الوقود الأحفوري وبيعه لصالح البيئة العالمية.
والنتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن يتبع الفائزون في الانتخابات بغض النظر عن حزبهم خطى الحكومة الجديدة في الولايات المتحدة ويتجاهلون الاتفاقيات المناخية العالمية لصالح دعم الاقتصاد المحلي والناخبين الذين يشملهم هذا الاتفاق.
*كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية «رويترز»
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.